كتب يعقوب يوسف باش:*
العيب ليس في القانون
يمر سوق الكويت للأوراق المالية بمرحلة من انعدام الوزن، خلط الحق بالباطل والباطل بالحق وذلك بسبب قانون الإفصاح رقم 2 لسنة 1999 والذي نظم فيه المشرع الإعلان عن المصالح في الشركات المساهمة وحدد العلاقة بينها وبين سوق الكويت للأوراق المالية والذي إحتوى على 6 مواد تناولت قواعد الإفصاح التي يجب على المساهمين الالتزام بها وبخاصة أن العديد من المستثمرين قد ألقى باللائمة على سوق الكويت للأوراق المالية بإهمال القانون وعدم تفعيله، كما أن العديد من المحللين تناول الموضوع بسطحية تامة مشيراً إلى عيوب هذا القانون وأضرار تطبيقه، معللا ذلك بغموض مواده والثغرات القانونية فيه· وقد يرجع ذلك لعدم إطلاعهم على قرار لجنة السوق الصادر رقم (5) لسنة 1999 والذي حدد الآليات المنظمة لعمليات الإفصاح أو منظور المصلحة لتعطيل هذا القانون·
خلطنا الحق بالباطل والباطل بالحق
المادة (1) من القانون حددت المسؤول
عن عملية الإفصاح
فالمادة (1) من القانون حددت بالضبط المسؤولية التامة على المساهمين في الشركات المساهمة الكويتية بوجوب الإفصاح عن ملكياتهم سواء كانت مصلحة مباشرة أو غير مباشر وأخلي مسؤولية سوق الكويت للأوراق المالية عن القيام بهذا الدور حيث نصت المادة على التالي:
"يجب على كل مساهم في شركة مساهمة مدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية إخطار إدارة السوق ومجلس إدارة الشركة بكتاب مسجل بعلم الوصول عن كل مصلحة مباشرة أو غير مباشرة تكون له في أسهم الشركة متى كانت مساهمته فيها تمثل خمسة بالمائة أو أكثر من رأسمالها· كما يجب على الشركات المساهمة المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية أن تفصح عن أسماء مساهميها الذين تمثل نسبة مساهمتهم فيها خمسة بالمائة أو أكثر من رأسمالها في أي وقت من الأوقات وكل تغيير يطرأ على هذه النسبة"·
المادة (2) هي أساس معظم الشكاوى
في حين أن المادة (2) من القانون قد حددت وعرفت المصلحة من خلال عدة فقرات أهمها الفقرة (د) والتي هي أساس معظم الشكاوى التي قدمت مؤخرا لسوق الكويت للأوراق المالية والتي نصت على التالي "ما يكون من مصلحة قائمة تبلغ 20 في المائة من رأس مال أي جهة أو شخص اعتباري"· وأكدت هذا التعريف في قرار لجنة البورصة رقم (5) لسنة 1999 في المادة (4) الفقرة 6·
في القانون رقم 2 لسنة 1999 يتهمون المادة 3 ولكن قرار لجنة السوق رقم (5) 1999 يبرئها·
أما المادة (3) وهي محط التساؤل والتي يتهمها البعض بعدم الوضوح والضبابية والغموض والتي نصت على التالي: يتم الإفصاح عن المصالح في المواعيد وبالوسائل التي يحددها سوق الكويت للأوراق المالية· وعلى إدارة السوق أن تعد سجلا يتضمن بيانا بما تتلقاه من إخطارات· ويكون لذوي الشأن حق الإطلاع على هذا السجل طبقا للشروط التي تضعها إدارة السوق"·
نلاحظ في هذه المادة أن المشرع قد ألقى بالمسؤولية التامة على عاتق سوق الكويت للأوراق المالية في تحديد آلية الإفصاح وتنظيمها حسب ما ورد في المذكرة الإيضاحية والتي دفعت بلجنة سوق الكويت للأوراق المالية بإصدار القرار رقم (5) لسنة 1999 والتي حدد الآليات المنظمه لعمليات الإفصاح والتي ألزم وجوب مسؤولية الإفصاح التامة على الشركات المساهمة حيث نصت المادة (1) من القرار كالتالي "على الشركات المساهمة المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية أن تخطر إدارة السوق بكتاب مسجل بعلم الوصول ·········ويجب ان يتم الإخطار فورا"·
في حين أن المادة الثانية من القرار حددت وجوب مسؤولية الإفصاح على المساهم عندما تصل نسبة ما يملكه 5 بالمائة أو أكثر "يجب على كل شخص تصل نسبة ما يملكه ········" كما أن المادة قد حددت طريقة الإخطار بكتاب مسجل بعلم الوصول كما نصت عليه المادة "بموجب كتاب مسجل بعلم الوصول" هذا بالإضافة إلى أن المادة نفسها قد ألزمت المساهم بالإفصاح فورا كما نص عليه في المادة "ويجب أن يتم هذا الأخطار فور وصول عدد ما يملكه من الأسهم الى هذه النسبة وفور كل تغيير"·
من خلال المادتين (1) و(2) حدد القرار المسؤولية الكاملة على الشركات المساهمة والأشخاص كل على حدة بوجوب الإفصاح عن ملكياتهم وبطريقة الإخطار ووقت الأخطار·
مقارنة قانون الإفصاح الكويتي مع قوانين
الافصاحات لبعض الأسواق المالية
فقانون سوق رأس المال ( العماني ) رقم 80 لسنة 1998 الفصل الثاني - إصدار الأوراق المالية - نصت المادة 7 على التالي " ب - إذا رغب شخص، أو عدة اشخاص متحالفين يملكون (%15) من أسهم أية شركة مساهمة طرحت أسهمها باكتتاب عام السيطرة عليها من خلال تملك (%35) أو اكثر من أسهمها المصدرة وجب أن يعلم الهيئة من خلال الرئيس التنفيذي قبل الشراء······"· نلاحظ في هذه الفقرة أنها ألزمت المساهمين بإعلان النية قبل الشراء·
الإفصاحات تكون مسبقة في الأسواق المالية الأخرى وليست لاحقة كما هي في الكويت
أما اللائحة التنفيذية لسوق المال المصري فقد ألزمت المساهم على الإفصاح مسبقا والإعلان عن نيته ورغبته في الشراء كما نصت المادة (59) "على كل من يرغب في عقد عملية يترتب عليها تجاوز ما يملكه %10 من عدد الأسهم الاسمية في رأس مال إحدى الشركات التي طرحت أسهماً لها في اكتتاب عام أو طرح للتداول ببورصات الأوراق المالية لا يقل عن 30% من أسهمها أن يخطر الشركة بذلك قبل عقد العملية بأسبوعين على الأقل بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول"·
كما أن قانون سوق الخرطوم للأوراق المالية -التعامل في معلومات غير معلنة فقد نصت المادة 50 - 4 (1) على: "(أ) إذا رغب شخص أو مجموعة من الأشخاص متشاركين يمتلكون 15% فأكثر من أسهم أي شركة مساهمة ويرغبون في رفع هذه النسبة إلى 50% عليه الحصول على موافقة السوق الخطية المسبقة بذلك"· وأيضا في هذا القانون نلاحظ أنه ألزم المساهمين بإعلان النية إذا كانت هناك رغبة في رفع نسبة التملك إلى 50%·
(ب) إذا ما رغبت مجموعة من الأشخاص المتشاركين تملك ما يزيد عن 50% من أسهم الشركة، فعليهم إخطار السوق كتابيا، وتحول السوق هذا الكتاب إلى المجلس مع توصيتها عليه، وإذا رأى المجلس أن هذه السيطرة أو هذا التملك لا يخدمان الاقتصاد الوطني يأمرهم المجلس بالتوقف عن الشراء كتابيا وإخطار الوكلاء بهذا التوقف"·
أما اللائحة رقم 2/88 من قواعد الإفصاح في فرنسا فقد ألزم القرار الأشخاص الإعلان عن النية بالاستمرار بالشراء أم التوقف إذا ما وصلت نسبة التملك إلى 20%·
إفصاحات الأسواق المالية الأخرى تكون مسبقة وليست لاحقة·
تشابهت آلية الإفصاح بين القانون الكويتي والقوانين الأخرى وإن كان هناك اختلاف في الفترة الزمنية للإعلان عن المصالح فالقانون العماني يلزم المساهمين بالإعلان فورا عند أي زيادة نسبة %10 هو وأولاده القصر حسب ما نصت عليه المادة 7 (أ)· في حين المادة (ب) اشترطت موافقة الرئيس التنفيذي للهيئة عند الرغبة بالتملك 35% إو أكثر وهي فترة تعتمد على الموافقة من عدمها وهي بهذا تتشابه مع القانون السوداني والذي يعتمد على موافقة السوق الخطية المسبقة بذلك·
أما اللائحة التنفيذية لسوق المال المصري فقد ألزمت المساهم بالإعلان عن نيته قبل أسبوعين من إتمام العملية في حين أن قانون سوق الأوراق المالية الفرنسي اللائحة 2/88 أوجبت الإعلان عن النوايا خلال 12 شهرا القادمة عندما تصل نسبة التملك 20%·
عقوبة المخالفين لقوانين الإفصاح
عقوبة المخالفين لقوانين الإفصاح في الأسواق المالية الأخرى ليست بشدة العقوبة المنصوص عليها في قانون الإفصاح الكويتي والتي نعتقد أن المشرع الكويتي كان قاسيا في العقوبة بالمقارنة وقد يكون له العذر، حيث إن الإفصاحات في الكويت لاحقة وليست سابقة·
فقانون سوق رأس المال (العماني) في حال المخالفة يوقف عمليات الشراء وإن لم يمتثل الشخص يرفع أمره إلى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب· في حين أن قانون سوق الخرطوم للأوراق المالية أعطى لها الحق بإيقاف عمليات الشراء في حال كان هناك ضرر على الاقتصاد الوطني·
كما إن اللائحة التنفيذية لسوق المال المصري في حال المخالفة لها الحق في إلغاء العملية كاملة أما قانون سوق الأوراق المالية الفرنسي اللائحة 2/88 فعقوبة عدم الإفصاح التحييد الكلي أو الجزئي لحق الاقتراع لمدة عامين·
القانون لم يهمل ولكن العكس هو الصحيح
قانون الافصاح الكويتي قانون مفعل ولم يهمل ولكن العكس هو الصحيح هو عدم وعي بعض الشركات والمساهمين وتقاعسهم في تفعيل هذا القانون هو السبب الذي جعل هذا القانون حبيس الأدراج فقانون الإفصاح الكويتي ألزم الشركات والمساهمين وليس على سوق الكويت للآوراق المالية بوجوب الافصاح·
كما أن الدعوة من البعض إلى تعديل القانون هي دعوة نبيلة حتى نستجيب للتغييرات الاقتصادية التي لا تكف عن التطور والاستفادة من تجارب الغير، وخاصة أن عيب قانون الإفصاح رقم 2 لسنة 1999 يعالج إفصاحات لاحقة وليست سابقة كما هو معمول في الكثير من الأسواق المالية·
* فريق دريال للتحليل الفني