كتب محرر الشؤون المحلية:
ارتفعت أصوات المعارضين لخطوة الحكومة الأخيرة المتمثلة في فسخ عقود بعض الشركات المخالفة وتشابكت بين من يدعو الحكومة الى التريث والتأكد من دقة الإجراءات التي تتخذها كي لا تفتح باباً لتنفيع من سحبت منهم المشاريع المخالفة وبين من يدعو الحكومة الى التريث من باب إعطاء المخالفين مهلة لإصلاح ما ارتكبوه من مخالفات، وبين من يرى في الخطوة بأكملها خطأ يؤثر على الاقتصاد ويدعو الحكومة للتراجع عنها بل يحملها جميع مشاكل السوق، يضاف الى هؤلاء أصوات الشركات المتضررة من هذه القرارات والتي شنت حملات صحافية لسرد وجهة نظرها وموقفها من إجراءات الحكومة وحقها في استعادة تلك المشاريع التي فسخت عقودها·
وإن كان الحديث عن الآثار الاقتصادية السلبية للإجراءات التبس على البعض لأسباب تأثر سوق الأوراق المالية بأمور أخرى كمشاكل الإفصاح فقد لبس البعض الآخر قرارات الحكومة عن سابق معرفة بخطأ موقفه، لبسها مسؤولية نزول السوق· وكان في رد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ما يكفي لتبيان الموقف الحكومي الصحيح عندما قال إن من الأصلح للاقتصاد والسوق وللبلاد وسمعتها الخارجية والداخلية أن تعرف بتطبيقها للقانون ومحاربة الفساد بدلاً من أن تعرف بالتسامح مع المخالفات واختراق القانون·
أما ما يتعلق بموقف بعض الشركات التي قيل إن سحب المشاريع منها لم يستند إلى أدلة صحيحة فقد تبين في ما يتعلق بإحدى هذه الشركات التي قيل إنها حصلت على الأراضي التي فسخ عقدها في أيام كانت الشركة تتبع الحكومة وأنه لا يجوز سحب تلك الأراضي منها بعد أن تم تخصيصها، تبين أن الشركة حصلت على تلك الأراضي لمدة عشرين عاماً بدأت أولها في العام 1981 والثانية بعدها بعامين أي أن العقود انتهت في العام 2001و 2003 وأن تجديدها بعد أن أصبحت الشركة تابعة للقطاع الخاص يخضع لمعايير مختلفة عنها عندما كانت تابعة للقطاع العام، وأن عليها عند إعادة التجديد أن تنافس شركات أخرى ولا تحصل على التجديد بهذه السهولة·
من جانب آخر تبين أن الشركة خالفت بعض العقود التي تنص على حق الطرف الأول (الحكومة) بفسخ عقودها في تلك الحالة وأن الجهات الحكومية المعنية كانت قد أنذرتها في وقت كاف وكان بإمكانها معالجة تلك المخالفات عندما نشر تقرير ديوان المحاسبة، وذكرت مخالفاتها فيه لكنها لم تفعل شيئاً ما يبرر سحب الحكومة للمشاريع منها، ومن هذه المخالفات استخدام بعض الأراضي لأغراض غير المنصوص عليها في العقود، ففي حالات خصصت الأرض للحرف نجد أن الشركة قامت بتأجيرها الى شركات كبرى لا علاقة لها بالحرف وفي حالات أخرى خصصت لأرض لتخزين المعدات بينما استخدمت لتخزين المواد الغذائية بشكل مخالف لأن ذلك التخزين يسبب السرطان وكثير من الأمراض الأخرى كما جاء في كتاب من وزارة الصحة وكذلك البلدية وهيئة الصناعة·
يضاف الى ذلك الشكاوى التي قدمت من قبل عدد كبير من المستثمرين الذين رفعت عليهم الشركة الإيجارات بما يعادل 3000 في المئة، وبررت الشركة ذلك بأن أسعار تأجير الأراضي في تلك المنطقة مرتفع، ولم تتذكر أنها أجرتها من الحكومة بمئة فلس للمتر المربع الواحد في العام وإن الغرض من تخصيص هذه الأراضي هو توفير الخدمات للصناعة والتخزين بأجور معقولة وتحقيق أرباح مجزية وليس الغرض تمكين الشركة من التربح وجني أرباح مبالغ فيها·
وفي مشاريع أخرى قصرت في توفير البنية التحتية حسب ما نصت عليه العقود مما يعتبر إخلالا بالشروط· وبينما تتحجج بعض الشركات بأن العقد لم يبين البنية التحية بشكل تفصيلي وبالتالي قامت بتبليط بعض الطرق واعتبرت ذلك كافياً لتطبيق العقد، مع العلم بأن البنية التحتية تشمل المجاري وتوصيلات المياه العذبة والكهرباء (بما فيها المحولات في بعض الأحيان) والهاتف وغيرها·
أما ما أشيع عن أن ديوان المحاسبة لم ينص على فسخ العقود فقد نصت تقارير الديوان على ذلك كما نصت العقود الموقعة مع الأطراف المستثمرة وبشكل واضح جداً فبالتالي وجدت الحكومة ما يعطيها الحق في فسخ تلك العقود، أما عن احتمالات الخطأ فهو وارد جداً لكن معالجته لا تأتي عن طريق التراجع عن القرارات الحكومية الأخيرة بل بتطبيق القانون والمعايير على الجميع بمن فيهم الكبار، أما المتضرر بسبب الخطأ فله حق اللجوء الى القضاء لينصفه وهو أسلوب متبع سواء في مثل هذه الإجراءات أو في الوضع الطبيعي·