منذ قيام الكيان الصهيوني في قلب عالمنا العربي سنة 1948م وإلى اليوم فإن آلاف الكتب صدرت ما بين مؤيد لإسرائيل وسياساتها أو معارض لإرهاب الدولة الذي تمارسه بصورة يومية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل·
واليوم، فإننا سنستعرض كتاباً صدر مؤخرا في غاية الأهمية، وتنبع الأهمية من المصداقية الكبيرة لمحتواه، وكون مؤلفه باحثاً متخصصاً في تاريخ الاستيطان الإسرائيلي·
ينطلق الدكتور (لورينزو فيراتشيني) وهو أكاديمي أسترالي في كتابه الذي صدر حديثا بعنوان: (إسرائيل والمجتمع الاستيطاني) من شرح دقيق ومعمق لمشروع الاستيطان الإسرائيلي في فلسطين، وأن إسرائيل بالرغم من كل التبريرات الغربية فإنها تظل مجتمعا استيطانيا بامتياز، وقد قارن الباحث طبيعة نشأة الاستيطان الصهيوني والمشروعات الاستيطانية المعاصرة كنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، والاستيطان الفرنسي بالجزائر قبل الاستقلال·
كما استعرض وفند أسطورتين من الأساطير المؤسسة للكيان الصهيوني، ويرتكز عليها المشروع الاستيطاني، الأولى: إن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو حالة فريدة في العلاقات الدولية، تستعصي على المقاربات والمقارنات التي تفسر مختلف أشكال وحالات الصراع·
الثانية: إن مرتكزات الصراع الأساسية هي القومية، والدين وبالتالي فهو صراع مختلف عن صراعات وحروب التحرر التقليدية·
ويعتبر الباحث أن معظم الأفكار أو التصورات التي يقترحها الاستيطان الصهيوني فيما يتعلق بمستقبل الفلسطينيين من حكم ذاتي أو شبه دولة منزوعة السيادة ومفتقرة الى التماسك الجغرافي - كما هي الحال في مشاريع التسوية المطروحة حاليا - ترمي إلى عزل التجمعات السكانية الفلسطينية في إطار ما كان يعرف في جنوب إفريقيا بالكانتونات، وهي مناطق منعزلة من السكان الأصليين، تكرس فكرة الفصل العنصري بأبشع صوره·
ويعتبر (فيراتشيني) أن مستوى العنف الذي يمارسه الإسرائيليون ضد الفلسطينيين مؤشراً دقيقاً على اتساع مدى خطة الاستيطان باتجاه طرد العرب كما حصل عامي 48 و 67م هذه الحقائق نقدمها لكل دعاة مبدأ ضرورة الاستعجال في مسيرة التطبيع مع إسرائيل·
abdullah.m@taleea.com |