رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 23 محرم 1427هـ - 22 فبراير 2006
العدد 1716

المياه أغلى من النفط
د. حصة لوتاه

نشرت صحيفة "البيان" قبل أيام تحقيقاً مهماً حول موضوع التخلص غير الصحي من النفايات في إحدى مناطق مدينة دبي· ولأن قضايا البيئة يتم تناولها هذه الأيام بشيء من التركيز بسبب مناسبات عديدة تصادفنا فيها، فإن الكتابة حول هذا الموضوع والاهتمام به وتسليط الضوء على أهم مشكلاتها التي نعاني منها، يصب بشكل كبير في جانب هذه الاهتمامات·

إن الوعي بمشكلات البيئة، وبخاصة تلك التي تؤثر بشكل مباشر على حياة الإنسان وحياة الكائنات الأخرى التي تعيش فيها لا شك يعكس بشكل عام مستوى وعي الإنسان ودرجة شعوره بالمسؤولية تجاه نفسه، وعائلته، ووطنه، والعالم الذي يعيش فيه· لذا نجد أن البلدان التي يوجد أو يعزز فيها شعور الإنسان بالمسؤولية العامة، أو أحيانا يفرض عليه احترام المكان الذي يعيش فيه عن طريق الضوابط القانونية، تكون درجة الاهتمام بالبيئة فيها أعلى من تلك التي إما ينعدم أو يقل فيها مثل هذا الاهتمام·

من جانب آخر فإن وجود الأفراد والحركات المناهضة للتدمير البيئي في الكثير من بلدان العالم لايقتصر على الدول التي توجد بها درجة عالية من الوعي ومن المسؤولية الاجتماعية المرتبطين بمثل هذه القضايا، وإنما توجد مثل هذه الحركات ويوجد الأفراد المهتمون بهذه القضايا أيضا فيما يسمى بالدول الفقيرة، مثل البرازيل ودول كثيرة في آسيا·

وقد تصل درجة الاهتمام بهذا الموضوع إلى الحد الذي يتعرض فيه المعنيون به للعنف الشديد ويصل الأمر أحيانا إلى حد التخلص من هؤلاء النشطاء إلى درجة القتل· وقد تداولت وسائل الإعلام الغربية في العام الماضي موضوع قتل إحدى الراهبات على أيدي بعض الجماعات التي تقوم باستنزاف الموارد البيئية وتدميرها في إحدى مناطق أمريكا اللاتينية لقيامها بالتصدي لهم·

بالنسبة إلينا فإن موضوع البيئة يلقى اهتماماً وتركيزاً كبيرين من بعض الجهات الرسمية، وكذلك من جمعية أصدقاء البيئة والهيئة العليا للبيئة، وكذلك من أفراد كثيرين في المجتمع، لكنني أعتقد أن درجة الاهتمام هذه لم تصل بعد إلى المستوى الذي نطمح في أن نراه في بلدنا· فعلى سبيل المثال هناك بعض المشكلات البيئية المهمة وحتى الخطيرة التي نرى أنه لا يتم التعامل معها بالشكل المطلوب، ومنها على سبيل المثال أهم وأخطر مشكلة نواجهها بيئيا، وهي مشكلة المياه، مثلما توجد أيضا مشكلة النفايات، ومنها النفايات السامة، وكذلك مشكلات التلوث، والاستخدام الشائع للأسمدة الكيماوية واستخدام المبيدات الحشرية العالية الخطورة، وغيرها من مثل هذه الأمور·

ولو ركزنا فقط على مشكلتين مهمتين من المشكلات البيئية التي نعيشها، وهما مشكلتا النفايات والمياه، فسنكتشف كم نحن متجاوزون ومنتهكون ليس فقط لسلامة البيئة التي نعيش فيها، وإنما أيضا لحق الأجيال القادمة في أن تجد على هذه الأرض مكانا آمنا ونظيفا وبه مقومات الحياة لتعيش فيه·

من الأشياء التي تحملها لنا مشكلة النفايات، هناك جزئيتان خطيرتان فيها نود التركيز عليهما والاهتمام بهما: المواد الخطرة والملوثة للبيئة التي تحتوي على مواد كيماوية كالبطاريات الجافة، والمواد الأخرى التي تحتوي على المعادن الثقيلة، والبلاستيك·

ولو عرفنا أن البلاستيك، على سبيل المثال، يحتاج إلى آلاف السنين لكي يتحلل، لعرفنا حجم التدمير الذي نقوم به ضد بيئتنا· ناهيكم عن المواد السامة التي نلقي بها إلى باطن الأرض، أو حتى على سطحها، والتي تصل في الغالب إلى الأعماق الغائرة فيها وتهدد حياتها وحياتنا·

المعالجة التي يجب علينا أن نسعى باتجاهها فيما يتعلق بموضوع النفايات تتلخص في مسألتين، نشر الوعي وإعادة التدوير· ولقد ذكرت الوعي أولا لأن الناس تجهل خطورة الكثير من الممارسات التي تقوم بها أو أبعادها، فالكثير من الناس، على سبيل المثال، يتعاملون مع مادة البلاستيك من منطلق أنها آمن وأسهل في التعامل، وأرخص من الزجاج أو غيره من المواد، وبالتالي من الضروري لمثل هؤلاء أن يعرفوا ويدركوا خطورة استعمال هذه المواد على البيئة حين تتحول إلى نفايات، وكذلك أيضا ما تحمله من خطر على الصحة أحيانا في حال تكون البكتيريا الضارة فيها حين تستعمل كحاويات للأكل أو للشرب·

إن اهتمام البلديات بموضوع النفايات يجب أن يكون من الأولويات في برامجها· ومن الخطوات التي يجب أن تسعى إليها هذه البلديات فرز النفايات وتخصيص أماكن لها في كل الأحياء·

فهناك الكثير من الأشخاص مثلاً ممن يتمنون لو أنهم يلتزمون بالتخلص من النفايات بشكل سليم، لكنهم لا يستطيعون أن ينتقلوا مسافة طويلة، وخاصة في الزحام الذي تشهده المدن وبخاصة مدينة دبي، نظراً لما تتطلبه هذه المسألة من جهد ومن تكلفة، حتى يستطيعوا التخلص من نفاياتهم، لذا فإن من الواجب على البلديات العناية بوضع حاويات فرز النفايات في كل المناطق السكانية، وليس بعضها فقط والقيام بحملات توعية حول هذا الموضوع·

الموضوع البيئي المهم والخطير والذي يجب أن نوليه، كدولة وليس كأفراد فقط اهتماماً خاصاً، هو موضوع المياه· وأقول أولاً كدولة، لأن موضوع المياه ليس من المواضيع العادية التي من الممكن أن نجد لها كأفراد حلا أو نتخذ إجراءات فيها، أو أن نقوم بتوعية الناس حولها وإشعارهم بأهميتها، ولو أخذنا فقط حقيقتين مهمتين جدا في هذا الموضوع لشعرنا بأهميته وحجمه وخطورته: الحقيقة الأولى هي أنه لا توجد في منطقتنا مياه جوفيه أو مصادر مياه طبيعية أخرى نستطيع الاعتماد عليها في حياتنا·

والحقيقة الثانية والمهمة هي أننا كبلد نعيش على مياه التحلية، ولو تجاهلنا الكثير من المشكلات التي تنتج عن مشاريع تحلية مياه البحر، مثل زيادة نسبة الملوحة فيه نتيجة لهذه العملية وما تحدثه من تأثيرات على البيئة البحرية، وركزنا فقط على حجم التكلفة التي يتحملها البلد في هذا المجال، لوجدنا حجم الصرف غير العادي الذي تتكبده الدولة في سبيل توفير المياه لساكنيها·

لقد ذكرت إحدى الصحف السعودية مرة أن حجم الصرف على تحلية جالون من المياه يزيد أربع مرات على حجم الصرف على استخراج جالون من النفط· أي أنه إذا كان جالون النفط يكلف في استخراجه في حدود الدولار فإن الماء في تحليته يكلف حوالي أربعة دولارات· ولقد قرأت قبل سنوات في إحدى الدوريات أن الدولة تصرف حوالي2,4  مليارا درهم في مشاريع التحلية·

ولأننا لا نجد أحيانا معلومات دقيقة متوافرة لنا حول مثل هذه المواضيع، فإننا في الحقيقة لا نعرف الحجم الحقيقي لإنفاق الدولة في هذا المجال، لكننا نعرف حقيقة مهمة وهي أن تحلية مياه البحر لا تندرج فقط في خانة التأثير المباشر على البيئة ولكنها أيضا عملية تستنزف الموارد المالية للدول التي تعتمد عليها·

ولو قال قائل "وما الحل" لعلنا فقط لا نملك إلا السؤال حول الاهتمام بحجم هذه المشكلة لدينا والنظر في كمية الإهدار التي تحدث للمياه، وكذلك توسعنا الجغرافي والسكاني·

ولا شك أننا جميعا ندرك قول الله تعالى "وجعلنا من الماء كل شيء حي"، أي أنه لا نحن ولا الكائنات الأخرى التي تعيش على الأرض نستطيع العيش من دون الماء، لكننا حتما نستطيع الاستغناء عن أشياء كثيرة أخرى· فهل نتحمل هذه المسؤولية؟

* جامعة الإمارات

�����
   

ما الذي يجري في البورصة؟!:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
الحملة على المهرجان.. لماذا؟:
سعود راشد العنزي
إنفلونزا الطيور
...وسياسة التهوين!:
سليمان صالح الفهد
إرث السقيفة!!:
سعاد المعجل
لا إفراط أو تفريط..:
عويشة القحطاني
"خد ما تخذ":
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
تفجير سفارات الدنمارك والنرويج:
د· منى البحر
تفعيل المادة(102):
صلاح مضف المضف
المياه أغلى من النفط:
د. حصة لوتاه
منتهى الوقاحة(1):
عبدالله عيسى الموسوي
حكومة اليوم.. وأحفاد الغد:
محمد جوهر حيات
ما هي إلا خواطر(2):
علي غلوم محمد
ليتك لم تتحدث يا موردخاي:
يوسف الكندري
المستقلون عن الأمة!:
مسعود راشد العميري
أسئلة مشروعة في دوائر ممنوعة!!:
عبدالخالق ملا جمعة