· الأسئلة تحيط بحكومة السنيورة··· هل هي مهملة؟ هل هي مقصرة؟ أم ماذا؟
كتب محرر الشؤون العربية:
لم تكن الحيرة والتساؤلات فقط من نصيب مراسل "الإندبنذت" البريطانية "روبرت فسك" الذي شهد عن قرب اندلاع الاشتباكات الدامية بين القوى الأمنية والجيش اللبناني من جهة، وعصابة تطلق على نفسها اسم "أنصار الإسلام" من جهة أخرى، بل ثارت التساؤلات ولفت الحيرة معظم التعليقات التي صدرت عن الأطراف اللبنانية، وعكست الصحافة التي صدرت يوم الإثنين الماضي جانبا من هذا التضارب، ولكن أي واحدة منها لم تقدم قصة، متماسكة ومعللة لأسباب ظهور هذه العصابة القوية، تسليحا وانتشارا، ولماذا انقضت على مواقع الجيش اللبناني فجأة ومن دون إنذار·
حسب رواية "روبرت فيسك" وبقية وكالات الأنباء بدأت أحداث يوم الأحد الماضي بمداهمة القوى الأمنية لشقة توصلت إلى أنها مقر لعصابة ذات صلة بعصابة "فتح الإسلام" سطت على بنك في مدينة طرابلس وسرقت ما يقارب 1500 دولار! وأثر هذه المداهمة وجد الجيش اللبناني نفسه في مرمى النيران، وهوجم الجنود اللبنانيون في مراكزهم من دون أن يكونوا في وضع قتالي، فتعرضت دورية لهم في منطقة "الكوزة" جنوب طرابلس إلى الهجوم، كما تعرضت مواقعهم القريبة من مخيم "نهر البارد" المكتظ باللاجئين الفلسطينين للهجمات· ورد الجيش على المهاجمين، وقضى على مقاتليهم في مدينة طرابلس، واعتقل العناصر التي هاجمت الدورية، ثم انتقل إلى إعادة السيطرة على المواقع حول مخيم "نهر البارد"، وبدأ يقصف مواقع هذه العصابة طيلة يوم الإثنين الماضي·
فمن هي "فتح الإسلام" هذه؟
صحف المعارضة اللبنانية تحدثت عن تقصير أمني في متابعة، وملاحقة هذه العصابة التي سبق وأن اتهمت بالضلوع في تفجيرات "عين علق" في فبراير الماضي، واعتقل الجيش اللبناني بعض عناصرها الذين اعترفوا بصلاتهم بجهات خارجية أصدرت لهم الأوامر بنقل عملياتهم من العراق إلى لبنان، وتناولت صحيفة "السفير" الموضوع من زاوية الفشل الاستخباراتي لأجهزة الأمن الحكومية، وقالت إن أحدا لم يتمكن حتى الأن من تقديم قصة كاملة عن الجهة التي اصطنعت فتح الإسلام هذه، وجعلتها تنمو بسرعة قياسية، خلال الشهور الستة الماضية، وأشار المحلل اللبناني إبراهيم الأمين إلى أن غالبية أفراد عصابة فتح الإسلام "هم من اللبنانيين"· الى أن جرى في الأشهر الماضية لفت نظر القوى الأمنية اللبنانية الدائرة في فلك تيار المستقبل إلى وجوب أخذ الحذر من التعبئة المفتوحة على أفق طائفي ومذهبي·
ونقلت صحيفة "المنار" عن مصدر سياسي قوله إن السلطات اللبنانية عثرت على جثة المسؤول الثالث في "فتح الإسلام" المسمى "أبو يزن"···، وقالت الصحيفة إنه كان المسؤول المباشر عن التفجير المزدوج لحافلتي الركاب في "علق"·
صحيفة "المستقبل" من جانبها، أخذت اتجاها آخر، واتهمت النظام السوري بأنه هو الذي أطلق العنان لعصابة ما يسمى "فتح الإسلام" الإرهابية للاعتداء على الجيش اللبناني وقوى الأمن· والسبب كما ترى الصحيفة هو منع قيام المحكمة ذات الطابع الدولي·
ومرة أخرى، من هي "فتح الإسلام" هذه؟
حسب أكثر المعلومات المتوفرة تداولا هو أنها جماعة صغيرة انشطرت عن تنظيم "فتح الانتفاضة" الفلسطينية المدعومة من قبل سورية، وأثر ذلك قامت السلطات السورية باعتقال من كان وراء هذا الانشقاق، "أبو خالد العملة"، ولكن مصادر أخرى تنسب قيام هذه الجماعة إلى من يدعى "شاكر العبسي"، الذي هو حسب صحيفة "الواشنطن بوست" "21 مايو" فلسطيني كان على علاقة مع "أبو مصعب الزرقاوي" زعيم تنظيم "القاعدة" في العراق الذي تحدثت القوات الأمريكية عن قتله في العراق في السنة الماضية· وبعد وصول هذا الشخص قادما عن طريق سورية الى لبنان، أنشأ قاعدة عمليات في مخيم "نهر البارد"، وبدأ يوسع عصابته ويضم إليها عددا من جنسيات عربية مختلفة، والواضح من مسار المواجهات والتهديدات التي وجهتها هذه العصابة يوم الإثنين الماضي، والتي نقلتها وكالات الأنباء "الأسوشيتد برس" أن لهذه العصابة خلايا في عدة مناطق لبنانية، وبخاصة في طرابلس·
الأوساط الفلسطينية، الشعبية والرسمية، بما فيها المنظمات الفلسطينية المتواجدة في لبنان أنكرت أي صفة فلسطينية لهذه العصابة، وأدانت اعتداءها على الجيش اللبناني، وحركت المنظمات الفلسطينية في مخيم نهر البارد قواتها لمطاردة أفراد هذه العصابة التي وضعت المخيم وسكانه كرهينة في مواجهة الجيش·
إذاً· إذا لم تكن هذه العصابة منظمة لبنانية محلية، بل خارجية المنشأ، وإذا لم تكن ذات علاقة بأي تنظيم فلسطيني في لبنان، فمن هي؟!