لست بحاجة للتأكيد على رفضي الإساءة للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام أو أي من الأنبياء والرسل والديانات التي يؤمن بها مئات الآلاف من البشر، فالتأكيد هذا سيعتبر من باب التكرار وربما الخوف من التشكيك·
لكن سأحاول انطلاقا من ذلك الرفض مناقشة أساليب "النصرة" التي تبناها مسلمون في مشارق الأرض ومغاربها ومدى تحقيق تلك النصرة أهدافها، وسأطرح أفكارا تشكل عناوين لنقاشات طويلة لن أدخل فيها الآن·
· من يا ترى نجح في نصرة دينه، اللوبي الصهيوني الذي دفع برلمانات أوروبا وأمريكا بالضغط الهادئ الى تشريع قوانين تمنع التمييز ضد السامية، أم من أحرق السفارات وقاطع المنتجات؟
· عندما عمم بعض الغربيين صفة الإرهاب على المسلمين بعد الأعمال الإرهابية لبن لادن وتنظيم القاعدة احتج كثير من المسلمين بأن هؤلاء لا يمثلون سوى أنفسهم وليسوا من الإسلام في شيء، أين هذا المبدأ ولماذا لم تعتبر الصحيفة الدنماركية ممثلة لنفسها وأسرة تحريرها فقط وربما حتى قراءها الذين لم يحتجوا؟ ولماذا سمحنا لأنفسنا بتعميم إساءة رسام ونشر جريدة مغمورة في دولة صغيرة على كل الدنمارك بل أوروبا والغرب أجمع؟
· ألم نتعلم من تعاملنا مع سلمان رشدي أن المنع والهجوم إنما يمنح الطرف المغمور فرصة تاريخية لا تعوض للانتشار والشهرة ولن نحصل منها سوى على فضفضة العامة في الشوارع وسخرية العالم منا؟ سلمان رشدي جمع ملايين الدولارات والمليون الذي رصد لقتله لا يزال في الحساب البنكي من دون فوائد، والجريدة الدنماركية المغمورة أنقذت من الإفلاس وأصبحت مشهورة!!
· من الرابح أكثر بين أجنحة المسلمين المتطرفة والمعتدلة في هذه الهوجة؟ ألم يجد المتطرفون فرصتهم لجر الآخرين نحو أسلوبهم وخطابهم؟
· من الذين عبروا بعنف أكثر هل المسلمون في بلدان فيها نفس ديمقراطي أم أولئك الذين يقبعون تحت سلطة وقمع حكوماتهم؟ ألم تكن أغلب تلك الاحتجاجات تحت يافطة الهجوم على المسيئين للإسلام بينما هي في الواقع تعبير عن حالة الإحباط الداخلي الشديد؟
· هل كنا سنعرف في أمر هذه الرسومات لولا نعمة الإنترنت والفضائيات الإعلامية والعولمة؟
· هل فعلا تمكن المقاطعون من مقاطعة المسيئين أم أن الخسائر طالت بالدرجة الأولى التجار المحليين؟ ثم من يعرف من يملك أسهم الشركات العولمية الآن ومن يستطيع معرفة جنسية هذه الشركات التي تتحول ملكياتها في اليوم الواحد عشرات المرات نتيجة لتدوال أسهمها في البورصات العالمية؟
· في المحصلة النهائية وفي معركتنا الحياتية المصيرية "القضية الفلسطينية" من الخاسر ومن الرابح في تحويل أوروبا بدءا بالدنمارك للوقوف ضدنا بينما لم نوقف الرسومات بل دفعنا الى انتشارها أكثر وخسرنا حلفاءنا في الوقت نفسه؟
· هل يحق لنا الإساءة للديانات الأخرى وشتمهم من على المنابر كل جمعة والدعوة عليهم بالهلاك ولا نعطي الحق لغيرنا في معاملتنا بالمثل، أم أننا نشعر بالقوة الفائقة لدرجة فرض ما نريد على العالم؟
· من شوه الإسلام أكثر، من يفجر الأبرياء يوميا وينحر رقاب الناس وينشرها في الفضائيات التي تفرح بالغم، أم من نشر رسما مسيئا في جريدة مغمورة؟
· هل حقا يخشى على الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وعلى الإسلام من رسومات كرتونية؟ هل تهدد هذه الرسومات أكثر من مليار مسلم أحياء ومليارات سيأتون في مئات السنين المقبلة؟·
· ألا يستحق الأمر مراجعة للذات لحساب الربح والخسارة وقياس النجاح والفشل وتحقيق الأهداف من عدمها بعد كل ما حدث؟ أشك في أننا فاعلون ذلك طالما طغت أصوات وأفعال التوتر على العقل والحكمة، فالحروب لا تكسب بالكثرة والضجة والهيجان!!! |