رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 3 شعبان 1426هـ - 7 سبتمبر 2005
العدد 1694

الثقافة الجنسية بين الخجل وال... (1-2)
مشاري الصايغ
al_sayeghq8@hotmail.com

هل الثقافة الجنسية عار أن تناقش؟ أو من العيب ألا تناقش؟ بل هل نواجه مشكلة في عدم  طرحنا هذا الموضوع؟ أم أنها علم يضر ولا ينفع؟ قد تكون هذه هي الأسئلة المهمة التي يجب أن نرد عليها بكل شجاعة وصراحة·· حيث إن إدراك وجود المشكلة هو نصف الحل، بينما تجاهلها يمكن أن يؤدي الى تفاقمها بصورة لا يصلح معها أي حل عند اكتشافها في توقيت متأخر·· فما بالنا ونحن نحوم حول الحمى·· و لا نناقش الأمور المتعلقة بالصلة الزوجية وكأنها سر ولا يسمح حتى بالاقتراب لمعرفة ما إذا كان هناك مشكلة أم لا؟ لأن ذلك يدخل في نطاق "العيب" و"قلة الأدب"، فالمراهقون والمراهقات يعانون أشد ما يعانون من وطأة هذه الأسئلة وهذه المشاعر!!، ونحن نسأل: كيف إذن يتم إعداد الآباء لاستقبال هذه المرحلة الخطيرة من حياتهم بكل ما تحويه من متغيرات نفسية وجنسية وفسيولوجية، وحتى مظهرية؟··· فالأم تقول: إني أصاب بالحرج من أن أتحدث مع ابنتي في هذه الأمور· وطبعا يزداد الحرج إذا كان الابن ذكرا·· وهكذا يستمر الموضوع سرا غامضا تتناقله ألسنة المراهقين فيما بينهم، وهم يستشعرون أنهم بصدد فعل خاطىء يرتكبونه بعيدا عن أعين الرقابة الأسرية، وفي عالم الأسرار والغموض تنشأ الأفكار والممارسات الخاطئة وتنمو وتتشعب دون رقيب أو حسيب· ثم تأتي الطامة الكبرى ويجد الشاب والفتاة نفسيهما فجأة عند الزواج وقد أصبحا في مواجهة حقيقية مع هذا الأمر، ويحتاجان الى ممارسة واقعية وصحيحة، وهما في الحقيقة لم يتأهلا له، ويواجه كل من الزوجين الآخر بكل مخزونة من الأفكار والخجل والخوف والممارسات المغلوطة التي استمداها من الأصدقاء والمواقع الإباحية·· إلخ، ولكن مع الأسف يظل الشيء المشترك بينهما هو الجهل وعدم المصارحة الحلال بالرغبات والاحتياجات التي تحقق الإحصان، ويضاف لهذا الخوف من الاستفسار عن المشكلة أو طلب المساعدة، وعدم طرق أبواب المكاشفة بما يجب أن يحدث·· وكيف يحدث!··

هناك العديد من الحالات لمراهقين أوقعهم جهلهم في الخطأ وأحيانا الخطيئة، وأزواج يشكون من توتر العلاقة أو العجز عن القيام بعلاقة كاملة، أو غير قادرين على إسعاد زوجاتهم، وزوجات لا يملكن شجاعة البوح بمعاناتهن من عدم الإشباع لأن الزوج لا يعرف كيف يحققها لهن، وغالبا لا يبالي·· ومع الأسف يشارك المجتمع في تفاقم الأزمة بالصمت الرهيب، حيث لا تقدم المناهج التعليمية - فضلا عن أجهزة الإعلام - أي مساهمة حقيقية في هذا الاتجاه رغم كل الغثاء والفساد على شاشاتها والذي لا يقدم بالضرورة ثقافة بقدر ما يقدم صورا خليعة·

ويزداد الأمر سوءا حينما يظل أمر هذه المعاناة سرا بين الزوجين، فتتلاقى أعينهما حائرة متسائلة، ولكن الزوجة لا تجرؤ على السؤال، فلا يصح من امرأة محترمة أن تسأل وإلا عكس هذا أن عندها رغبة في هذا الأمر (وكأن المفروض أن تكون خلقت دون هذه الرغبة!) والزوج - أيضا - لا يجرؤ على طلب المساعدة من زوجته·· أليس رجلا ويجب أن يعرف كل شيء·· وهكذا تدخل الدوامة، الزوج يسأل أصدقاءه سرا، وتظهر الوصفات العجيبة والاقتراحات الغريبة والنصائح المشينة، ولا يستبعد أن يصل الأمر للاستعانة بالجان أو المشروب لأنها ترفع المشكلة، أو اقتراحات البعض بالعشيقة أو في أسلم الأمور الزوجة الثانية أنهم يدورون في حلقة مفرغة·

وأما الزوجة عادة ما تسكت طاوية جناحيها على آلامها، حتى تتخلص من لوم وتجريح الزوج، وقد تستمر المشكلة شهورا طويلة، ولا أحد يجرؤ أن يتحدث مع المختص أو يستشير طبيبا نفسيا، بل قد يصل الأمر للطلاق في أحسن الأحوال أو الخيانة - وما تؤدي إليه - نعم مالذي يجعل المرأة تخون زوجها إلا لشعورها بالنقص والألم والحاجة لرغبات أيقنت بأن زوجها لا يستطيع أن يلبيها، وكل هذا من أجل مشكلة ربما لا يستغرق حلها نصف ساعة مع أهل الخبرة والمعرفة· ورغم هذه الصورة المأساوية فإنها أهون كثيرا من الاحتمال الثاني، وهو أن تبدو الأمور وكأنها تسير على ما يرام، بينما تظل النار مشتعلة تحت السطح، فلا الرجل ولا المرأة يحصلان على ما يريدان أو يتمنيان، وتسير الحياة وربما يأتي الأطفال معلنين لكل الناس أن الأمور مستتبة وهذا هو الدليل القاطع - وإلا كيف جاء الأطفال!!

وفجأة تشتعل النيران ويتهدم البيت الذي كان يبدو راسخا مستقرا، ونفاجأ بدعاوى الطلاق والانفصال إثر مشادة تافهة أو موقف ساذج، يسوقه الطرفان لإقناع الناس بأسباب قوية للطلاق، ولكنها غير السبب الذي يعلم الزوجان أنه السبب الحقيقي، ولكنّ كلا منهما يخفيه داخل نفسه، ولا يُحدث به أحدا حتى نفسه، فإذا بادرته بالسؤال عن تفاصيل العلاقة الجنسية - أثرها في حدوث الطلاق - نظر إليك مندهشا، مفتشا في نفسه وتصرفاته عن أي لفتة أو زلة وشت به وبدخيلة نفسه، ثم يسرع بالإجابة بأن هذا الأمر لا يمثل أي مساحة في تفكيره! أما الاحتمال الثالث - ومع الأسف هو السائد - أن تستمر الحياة حزينة، كئيبة، لا طعم لها، مليئة بالتوترات والمشاحنات والملل والشكوى التي نبحث لها عن ألف سبب وسبب·· إلا هذا السبب·

هل بالغت؟·· هل أعطيت الأمر أكثر مما يستحق؟·· هل تصورت أن الناس لا هم لهم إلا الجنس وإشباع هذه الرغبة؟ أم أن هناك فعلا مشكلة عميقة تتوارى خلف ستار من الخجل والجهل، ولكنها تطل علينا كل حين بوجه قبيح من الكوارث الأسرية، والآن إذا أردنا العلاج والإصلاح فمن أين نبدأ؟ إننا بحاجة الى رؤية علاجية خاصة بنا تتناسب مع ثقافتنا حتى لا يقاومها المجتمع، وأن نبدأ في بناء تجربتنا الخاصة وسط حقول الأشواك والألغام، نواجه هذه الثقافة الغريبة التي ترفض أن تتبع سنة رسول الله في تعليم وإرشاد الناس لما فيه سعادتهم في دائرة الحلال، وتعرض عن أدب الصحابة في طلب الحلول من أهل العلم دون تردد أو ورع مصطنع، هذه الثقافة التي تزعم "الأدب" و"الحياء" و"المحافظة" وتخالف السنة والهدي النبوي فتوقع الناس في الحرج الحقيقي والعنت وتغرقهم في الحيرة والتعاسة· وهذا يحتاج الى فتح باب للحوار على مختلف الأصعدة وبين كل المهتمين، ويكون نبراسنا السنة وسياجنا التقوى والجدية والعلم الرصين وهدفنا سعادة بيوتنا والصحة النفسية لأبنائنا·

وهذا ما سأطرحه في الجزء الثاني

al_sayeghq8@hotmail.com

�����
   

"13732" فرصة عمل:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
ما أجمل الاختلاف:
محمد بو شهري
دينار ينطح دينارا:
عبدالخالق ملا جمعة
وزراء سوبر؟!:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
الدستور العراقي: الفيصل صناديق الاقتراع:
د. محمد حسين اليوسفي
بسكم:
على محمود خاجه
عنصرية مدرسية ضد الفلسطينيين:
عبدالله عيسى الموسوي
الثقافة الجنسية بين الخجل وال... (1-2):
مشاري الصايغ
آخر اقتراحات الإصلاح..!!:
محمد جوهر حيات
عندما يرسم التكفيري والدكتاتور:
فيصل عبدالله عبدالنبي
سلامات بو ناصر:
المحامي نايف بدر العتيبي