المشاهد والمستمع للقنوات المرئية والمسموعة والمهتم بمتابعة البرامج الحوارية والتي تسمح بمشاركة المستمعين كما في البرامج التي تذيعها هيئة الإذاعة البريطانية والتي يطرح مقدم البرنامج قضية ويتلقى مشاركة المستمعين وآراءهم حولها، وفي إحدى الحلقات طرح مقدم البرنامج ظاهرة اختطاف الأجانب المدنيين في العراق واستمع لكثير من وجهات نظر المتداخلين وأفسح المجال أمامهم واسعا لاستكمال مداخلاتهم دون أن يقاطعهم وتفاعل معهم وحاورهم بأدب، ونطرح الإذاعة البريطانية لأنها أكثر مصداقية وحيادية من الإذاعات والقنوات الفضائية العربية على كل الأحوال، ويمكن أن تلاحظ بوضوح في هذه البرامج التي ناقشت الشأن العراقي بعد الإطاحة بنظام صدام حسين أن أغلبية العراقيين المتصلين بالبرامج يتسم طرحهم بالواقعية والعقلانية ويطرحون وجهات نظرهم دون تشنج ويدركون أنهم مقبلون على عملية تحديث تحتاج للوقت والجهد والتعاون والاستقرار والسلام وأن الوحدة الوطنية هي صمام الأمان لتحقيق كل طموحاتهم بالديمقراطية والعدالة والرفاه، طبعا تخرج أحيانا بعض الأصوات العراقية المستفيدة من الوضع السابق ولها مصالحها التي تضررت وتتبع حزب البعث وبعض من التنظيمات الدينية التي لا تؤمن بالتغيير والديمقراطية والتعددية ولها بعض المريدين، بينما وعلى العكس تماما تجد أن الأغلبية الساحقة من اتصالات ومداخلات الإخوة العرب من غير العراقيين من المحيط الى الخليج تتسم بالتشنج والانفعال والمزايدة على موقف المواطن العراقي الذي يحلم بالحرية والديمقراطية والأمن والعيش بسلام فنجدهم يرفعون الشعارات الدينية والقومية ويرفعون راية الجهاد والمقاومة وطرد المحتلين والكثير من الأقوال وهم على كل حال بعيدون عن أرض الواقع ويريدون محاربة الأمريكان حتى آخر طفل عراقي كما يقال·
وبالرجوع الى موضوع الحلقة "ظاهرة اختطاف الأجانب في العراق" لم يكن الوضع مختلفا عن سابقه فقد قال المتداخلون العراقيون كلاما واقعيا ومبدئيا بوجوب رفض هذه الظاهرة لأنها تسيء للعرب والمسلمين والعراقيين وتتنافى مع الثوابت الدينية والقومية للأمة العربية وتضر بمصالح الشعب العراقي وتساهم في تأخير تسلمه للسلطة وحكم نفسه وتعيق عملية البناء والتحديث وتثير الاضطراب وعدم الاستقرار، لكن الإخوة المتداخلين العرب كان لهم رأي آخر وبالطبع هم مؤيدون للاختطاف والقتل بل والتمثيل بالجثث، غير مدركين أن الابتزاز لم يمارسه المجاهدون والفرسان والأبطال عبر التاريخ ولم تقم به إلا العصابات من أجل جني الأموال وهذه الظاهرة لم تحرر شعبا في يوم من الأيام·
والسؤال الذي يطرح نفسه هو أين العرب من المحيط الى الخليج عندما كان صدام حسين يقتل ويبطش ويشرد الشعب العراقي وأين هم من المقابر الجماعية وضرب أهالي حلبجة بالكيماوي وسحق انتفاضة الجنوب والكثير من الاعتداءات على كرامة وشرف الشعب العراقي؟ فالاحتلال إن لم يف بعهوده ومواثيقه يمكن للشعب العراقي بكل طوائفه ومذاهبه وقومياته محاربته وللمسلمين والعرب وقتها حق الجهاد والاستشهاد دفاعا عن مصالح وطن وشعب وليس دفاعا عن مصالح الصدر والزرقاوي وبن لادن وفلول حزب البعث، وعلينا أن نتأكد أن مدينة الفلوجة ستمسح من الخريطة لو كان رئيس النظام البائد صدام حسين يتسلم مقاليد السلطة، عندها لن نسمع صوت الصدر ولا بيانات الزرقاوي ولا غيرهم ولا مداخلات الإخوة العرب في الإذاعات والفضائيات المختلفة·
nayef@taleea.com |