يقول محمد وهو مواطن في أرض الله الواسعه "في بلدنا لما يقولون للحرامي راح انحولك للمحكمه يرد الحرامي بالضحك العالي و يهمس لنفسه قائلا جاك الفرج" إذ إن هذه الجملة أصبحت مرادفا لغويا لاحتمال ضياع حق المجني عليه وليس استرداده بالضرورة، فإجراءات التقاضي طويلة جدا وتستمر في أفضل الأحوال لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات وتبتدىء معاناة صاحب الحق ابتداء من اليوم الذي تحال فيه القضية إلى النيابة أو المحكمة إذ يحس المجني عليه بالضياع التام وسط إجراءات قانونية معقدة لا يفقه فيها شيئا واتخاذه لأي قرار خطأ فيها قد يضيع حقه فيضطر إلى الاستعانة بمحام حيث تبدأ المعاناة التالية إذ يحتار في أسس اختيار المحامي الأنسب فالتخصصات معدومة فيضطر لاختيار من ترتاح له نفسه وفي أغلب الأحوال سيذهب للأقدر على إقناعه بتولي قضيته وليس الأقدر على أخذ حقه، كما يدخل عامل الأتعاب طرفا ثانيا في تحديد المحامي وبعد أن يتعاقد الموكل مع المحامي يختفي الأخير من الوجود ولا يراه الموكل ويكتفي المحامي بتكليف المستشار بكتابة مذكرة الدفاع ويقوم مندوب مكتب المحامي بتسليمها في المحكمة "بواسطة" من يتصادف وجوده في القاعة أثناء المداولة من المحامين الزملاء، وعندما يبحث الموكل عن المحامي في المكتب أو المحكمة أو في أي مكان آخر لا يجده وفي تجارب كثيرة يتعمد المحامي خسارة القضية في الدرجة الأولى من التقاضي حتى يضطر الموكل إلى رفع أتعاب المحامي كنوع من التحفيز للمحامي لكسب القضية في درجات التقاضي الأعلى·
يقول محمد إن عدم إلمام المواطن البسيط في بلده بإجراءات التقاضي وقوانين الجزاء والقوانين المدنية تجعله يلجأ للمحامي و على الرغم من أن المحكمة تنتدب محامياً لمن لا محامي له إلا أن ذلك المحامي لا يهتم بقضية موكله لأن أتعابها زهيدة جدا، وأما الخدمة الأخرى التي توفرها المحكمة للمتقاضيين وهي خدمة ضباط الدعاوى فهي لا تسمن ولاتغني من جوع إذ يقتصر دورهم على كتابة صحيفة الدعوى فقط، ويترك الموكل وحيدا للتصرف في الباقي وهم بهذا كمن يأخذ الجندي ويلقي به في وسط ساحة القتال حيث تتراشق حوله طلقات الرصاص وتمر بجانب رأسه وبين أرجله والدبابات تسير بسرعة فائقة من أمامه ومن خلفه والقذائف تتساقط عن يمينه وعن يساره والقوات البشرية متلاحمة حوله والجثث تملأ الأرض ومع هذا فإنه لا يعلم من هو العدو ومن هو الصديق ولا يحمل في يده إلا عصا مكسورة الأطراف، وهكذا يضيع حق المواطن المظلوم في بلد محمد فحقه تحول إلى عصا هشة في مواجهة دبابات ضخمة·
و للحديث بقية ·····
almelhem@taleea.com |