·       طرح فكرة التعديل بهذا الشكل تنم عن تداول  للفكرة وإن اختلفت التصورات، وهو أمر خطير جداً

كتب محرر الشؤون السياسية:

عبرت الأوساط البرلمانية والسياسية عن استيائها الواضح من تسريبات الوزراء المقصودة والمتعمدة والمغلوطة الى الصحافة من أجل خلط الأوراق كل لهدفه الخاص من دون أي اعتبار لما ينتج عن ذلك من بلبلة تنعكس ليس فقط على أداء الوزراء ومجلس الأمة بل تدخل الجميع في دوامة الإشاعات وبورصة التوقعات غير المبنية على حقائق، وهو أمر لابد أنه لا يخفى على هؤلاء الوزراء ولابد أن ينعكس على مصالح الناس الاقتصادية ناهيك عن زيادة جرعة الإحباط التي تخيم على كثير من الناس بسبب تكرار الأزمات واستمرار حالة الفزع والتوتر وانتظار الجديد من الأزمات أو ما يمكن أن تفضي إليه الأزمات الراهنة·

وبين عدد من النواب موقفه الرافض لتلك التسريبات بينما حدد بعض هؤلاء النواب الوزيرين المتهمين بالتسريبات كل لهدفه الخاص، وأشارت تصريحات النواب بشكل واضح الى أن ما حدث كان المقصود به تخويف النواب للحد من ممارستهم لدورهم الرقابي المتمثل في استجواب الوزراء·

ولم يقف الاستياء عند النواب بل رفض الديوان الأميري من جانبه أن ينقل أي خبر أو معلومة عن صاحب السمو أمير البلاد ما لم تكن صادرة عن الديوان كما ينص الدستور·

الأوساط السياسية بينت موقفها الرافض لمضمون التسريب الغريب الذي أشاع فكرة حل المجلس وتعديل الدوائر الانتخابية الى دائرة واحدة يصوت فيها الناخب لمرشحين فقط، وقد جاءت مواقف هذه الأوساط مستغربة كيف تدور مثل هذه الفكرة المدمرة في ذهن أحد الوزراء فمن سربها لابد وأنه إما تداولها مع أحد أو أنها من بنات أفكاره المدمرة، التي كان المفترض أن يبقيها لنفسه لا أن يشيعها بين الناس في مثل هذا الوقت الحساس·

وفكرة حل المجلس وتعديل الدوائر (بأي شكل غير الإبقاء على التوزيع الحالي لخمس دوائر) ليست فكرة جديدة بحد ذاتها فقد تم تداولها بعيد نتائج الانتخابات الأخيرة في يونيو 2006 وبعد خسارة ثلاثي تخريب الانتخابات عندما هزم أغلبية النواب الذين وقف الثلاثي معهم ودعمهم وفتح لهم أبواب التوظيف والعلاج في الخارج، إلا أن إضافة فكرة التحويل الى دائرة واحدة وصوتين للناخب فهي إضافة جديدة على الفكرة العامة التي قيل إنها ستستخدم للتعامل مع ما يفرضه المجلس بعد معركة الدوائر·

وترى الأوساط أن طرح مثل هذه الفكرة بحد ذاته ونسبها الى وزير حالي يثير كثيراً من القلق حول مدى قناعة أعضاء الحكومة بالعملية الديمقراطية ونتائجها بل يشير بوضوح الى الخلل الكبير في هذه التشكيلة الوزارية وعدم انسجامها واحترام بعض أعضائها للدستور والمبادئ الديمقراطية، فطرح فكرة كهذه يعني نسف كل ما يفترض أن حملة تقليص الدوائر نجحت فيه والعودة الى ما هو أسوأ من التوزيع الخمس والعشريني السابق·

كما ترى الأوساط أن مثل هذه التسريبات لابد أن تعالج على مستوى مجلس الوزراء كمؤسسة دستورية يفترض فيها التضامن الوزاري لا انفراد كل وزير بحسب ما تمليه عليه مصالحه الخاصة، وهو أمر حدث كثيراً خلال الحكومات السابقة المتعاقبة ما شكل دليلاً مستمراً على خطأ أسلوب التوزير الذي لا يعتمد البحث عن رجال دولة أكفاء أقوياء في تطبيق القانون والتمسك به وبصلاحياتهم الدستورية· وهو أمر تتوقع الأوساط تكراره إن لم تغير هذا الأسلوب الترقيعي لجمع وزراء على شاكلة "سمك لبن تمر هندي" تراهم مجتمعين وقلوبهم شتى "كل يدني النار صوب قرصه"·

من جانب آخر ومع اقتراب موعد استجواب وزير الصحة الشيخ أحمد العبدالله وورطة المستجوبين الذين بدوا وكأنهم يبحثون عن مخرج من استعجالهم غير المفسر لتقديم الاستجواب، فإن هذه التسريبات الأخيرة ربما قصرت من عمر الوزارة الحالية أو أنها على الأقل فتحت الباب أمام مزيد من الاستجوابات ربما للوزيرين اللذين اتهما بتلك التسريبات·

جدير بالذكر أن تفاصيل الكيفية التي تمت بها التسريبات كشفت بالكامل ما يفترض أن يوجه تحذيرا لمن لعبوا أدوارا معينة في التخطيط والتنفيذ لها من أن الكويت بلد لا أسرار فيه وكما تخطط يخطط عليك·