غزة- خاص "الطليعة":
في عمل هو الأول من نوعه في مسار المقاومة الفلسطينية احتشد مئات الفلسطينيين ليلة السبت الماضي في بيت فؤاد بارود أحد أعضاء لجان المقاومة الشعبية في مخيم جباليا بعد أن تلقى صاحب المنزل تهديداً إسرائيليا بقصف وتدمير المنزل بصواريخ الطائرات·
ونجح هذا التجمع الذي شكل ما يشبه درعاً بشرياً في استقطاب فلسطينيين من مختلف الانتماءات غير آبهين بإنذارات المحتلين الإسرائيليين ونجح أيضا في دفع الجيش الإسرائيلي الى إلغاء غارته على منزل المقاوم·
وفي اليوم التالي تكررت التهديدات الإسرائيلية بقصف منزل آخر في بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، وهذه المرة أيضا أحدث هذا التهديد استنفاراً واسعا فتجمع الناس حول المنزل وعلى سطحه ودعا خطباء المساجد المتطوعين للتجمع فيه وحمايته من القصف·
وكان قصف منازل الفلسطينيين بصواريخ الطائرات قد أصبح عادة شبه يومية يمارسها الاحتلال الإسرائيلي تبدأ بإنذار أصحاب المنزل بمغادرته تمهيداً لقصفه وتسويته بالأرض كجزء من حملة تشريد الفلسطينيين والضغط على مقاومتهم وإحداث شق واسع بين المدنيين الفلسطينيين والمقاومين، ويجيء هذا التحرك الجديد من نوعه ليحاصر المخطط الإسرائيلي ويسقطه بتفعيل حركة أسلوب كفاحي جديد مارسه الفلسطينيون في الماضي إبان الانتفاضة الأولى وواجهوا فيه العدوانية الإسرائيلية بنوع من الكفاح السلمي القائم على حشد الجماهير المدنية والإضراب والعصيان المدني وكان هذا الأسلوب قد أكسب المقاومة الفلسطينية تضامنا واسعا معهم على صعيد العالم العربي والعالم بعامة، وتبلور هذا في مؤتمر دوربان في جنوب أفريقيا ضد العنصرية الذي احتشدت فيه وراء النضال الفلسطيني أكثر من ألف منظمة دولية طالبت بإدانة العنصرية الصهيونية واعتبار إسرائيل دولة خارجة على القانون·
إذن كان النضال الفلسطيني باعتماده هذا الأسلوب السلمي الكفاحي قادراً على محاصرة همجية وعدوانية العدو وفضحه أمام أنظار العالم إلا أن هذا الوضع تغير بعد توقيع قيادة عرفات اتفاقيات أوسلو وإدارة ظهرها لمنظمات المجتمع المدني، الفلسطيني والعربي والعالمي، مما أفقد الحركة الفلسطينية فاعلية أسلوب كفاحي متميز، ومع أنه تمت العودة الى هذا الأسلوب في الانتفاضة الثانية، إلا أن تفجيرات 11 سبتمبر في نيويورك ضربت حصاراً على المقاومة الفلسطينية المسلحة التي لم تنتبه في حينه الى أنه بدأ استغلال هذه التفجيرات على نطاق واسع لذبح كل حركات المقاومة على صعيد العالم كله·
التحرك الفلسطيني الجديد الذي لا شك أنه سيلفت نظر العالم مرة أخرى الى عدالة القضية الفلسطينية وهمجية وعنصرية الاحتلال بالإضافة الى أنه سيحدث لحمة بين الفلسطينيين غير مسبوقة من نوعها قد يكون علامة صحوة جديدة في المجتمع الفلسطيني على مكامن قوته الحقيقية بعد أن اعتصرته عدة تنظيمات واعية أو غير واعية بأسلوب لا يتجاوزه يقوم على حمل السلاح وإلغاء ما عداه من أساليب نضالية ربما تكون في سياقات معينة أكثر جدوى·
