كتب برجس النومان:
"تبرعات الكاش" عنوان لمعركة تدور بين ممثلي الجمعيات الدينية ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وتحديداً إدارة المبرات والجمعيات الخيرية، ولأن الأيام الفاصلة بيننا وبين شهر رمضان أصبحت تعد على الأصابع فإن ضيق تلك الجمعيات بدأ يطفح على السطح في شكل نداء تارة وعتب تارة ونقد صريح في صورة أخرى، لماذا؟ لأن "فلوس الكاش" تدر على تلك الجمعيات من خلال الأكشاك المنتشرة في محافظات الكويت أموالاً طائلة تخرج عن نطاق الرقابة وهي سهلة على المتبرع ولا تتطلب جهداً، على عكس الوضع الحالي حيث فرضت الحكومة أساليب جديدة ومنها الاستقطاعات البنكية والتبرع عبر الرسائل البريدية والدفع الآلي الجوال في محاولة منها الاستجابة الى المتطلبات الدولية التي فرضتها لجنة الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب·
ورغم انتقاد أقطاب تلك الجمعيات ورؤسائها للحكومة لما يدعونه تراخيا في جمع المال الكاش من قبل بيت الزكاة وجمعية الهلال الأحمر إلا أن مثل هذه الانتقادات لم تلق بالا لأن الشبهات المثارة والمخالفات المرصودة سواء من جهات حكومية محلية أو جهات دولية تصب في معظمها ضد الجمعيات الدينية وليس على أعمال بيت الزكاة الذي تشرف عليه الحكومة إداريا ومالياً أو الهلال الأحمرالذي يرتبط تنظيميا بالاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر ويجري التبرع من خلال الجمعية بطرق أكثر شفافية من تلك التي تتبعها بعض الجمعيات الدينية·
اليوم "تناطح" هذه الجمعيات لإنقاذ الموقف من خلال مقترح لجمع "الكاش" وعدت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تقديمه لمجلس الوزراء لدراسته لكن الاقتراح يأتي في الوقت الحرج لأن رمضان على الأبواب وهو شهر ذهبي بالنسبة للجمعيات الدينية، ومن المستبعد أن يصدر شيء يخالف ما هو معمول به من أنظمة وقوانين وبهذه السرعة·
وعلى خلفية ذلك يجدر التذكير بأن أحكام الرقابة على الأموال التي تملكها الجمعيات في كثير من البلدان الإسلامية وتلك التي وجدت لها مكانا في عواصم غربية بدت بعد الحادي عشر من سبتمبر أكثر قوة، وكان ما شدد على دول الخليج النفطية المتهمة بتمويل الجماعات والحركات الإسلامية صدور قرار الأمم المتحدة الذي شكلت بموجبه لجنة مكافحة الإرهاب وهي لجنة تطلب تقارير دورية من الدول تكشف من خلالها سيطرتها على الجماعات الناشطة في الحقل الإسلامي من ناحية أمنية ومالية·
وكانت دولة الكويت واستجابة منها للمقررات الدولية بهذا الشأن أصدرت قرارا إدارياً في العام الحالي يخص متابعة النشاط الميداني للعمل الخيري شكلت بموجبه لجنة مكونة من عشرين جهة لتنفيذ مهامها ومن ضمنها التأكد من اعتماد دفاتر الدفع رسميا، والتفتيش على جميع جهات العمل الخيري واتخاذ إجراءات إحالة المخالفين الى الجهات المختصة وكانت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ومن خلال عملها الرقابي قد رصدت مخالفات عديدة على كل من جمعية الإصلاح الاجتماعي التي جاءت في المرتبة الأولى للمخالفات، وتلتها جمعية إحياء التراث الإسلامي، وجمعيات أخرى·
