رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 20 سبتمبر 2006
العدد 1743

لماذا ترفض حكومة السودان قوات الأمم المتحدة؟

سارة فلوندرز*

عانت محاولات الولايات المتحدة الأمريكية لإعادة فرض الهيمنة والاحتلال انتكاسة جديدة في الرابع من سبتمبر الحالي، إذ رفضت الحكومة السودانية السماح لقوات الأمم المتحدة بالتمركز في دارفور، غربي السودان·

في الأول من سبتمبر دعت الولايات المتحدة وبريطانيا الى قرار صدر عن مجلس الأمن ترسل بموجبه الأمم المتحدة أكثر من 20 ألف جندي الى السودان لتحل محل قوات الاتحاد الإفريقي البالغ عددها 7 آلاف جندي، ورد المستشار الرئاسي مصطفى عثمان إسماعيل بالقول إن الحكومة السودانية رفضت استبدال حضور أكبر لقوات الأمم المتحدة بقوات الاتحاد الإفريقي التي قبلت بها، لأن هدف وصاية الأمم المتحدة هو "تغيير النظام" حسب ما نقلت وكالة رويترز في 4 سبتمبر·

وقد أصرت الولايات المتحدة الأمريكية على أن من الضروري إحلال القوات الدولية محل قوات الاتحاد الإفريقي لأن الأخيرة تفتقر الى التمويل المالي والعناصر الكافية والمعدات للقيام بدور "حفظ السلام" الذي أسند إليها، ولكن حلف شمالي الأطلسي (الناتو) الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة الأمريكية هو الذي كان من المفترض أن يقدم الدعم اللوجستيكي (الإمداد) والرحلات الجوية، والمعدات والتجهيزات لقوات الاتحاد الإفريقي·

وكانت روسيا والصين وقطر قد امتنعت عن التصويت على قرار مجلس الأمن، بل وانتقدت القرار، رغم أن روسيا والصين لم تستخدما حق النقض (الفيتو) ضد القرار· وينص القرار على أن نشر القوات سيتم على "أساس قبول الحكومة السودانية"، وقامت حملة ضغط دولية نظمتها الولايات المتحدة الأمريكية لأجبار السودان على قبول قوات أجنبية على أراضيه·

وللسودان سبب معقول للشك في أي قرار تقف وراءه وتدفع به الولايات المتحدة وبريطانيا، فقد كانت بريطانيا المستعمر الوحشي السابق للسودان، وقد عارضت دائما سيادة السودان على أراضيه·

أما بالنسبة لواشنطن، فإن تغيير النظام في السودان (إسقاط الحكومة) كان دائما على جدول أعمال الحزبين الجمهوري والديمقراطي على حد سواء، وتفرض الولايات المتحدة الأمريكية منذ أكثر من عقد من الزمن على السودان عقوبات، وتمنع دخول الاستثمارات إليه والمتاجرة معه وإقراضه، وفي العام 1998، خلال عهد حكومة كلينتون، دمر 17 صاروخاً من نوع كروز مصنع الشفا للأدوية، وهو أكبر مصدر سوداني للمواد الطبية الأساسية·

وتعي الحكومة السودانية جيدا كيف أن الولايات المتحدة الأمريكية استغلت قرار الأمم المتحدة في العام 1990  لتبرر قصف العراق وتدمير بنيته التحتية، وأنتجت 13 سنة من العقوبات على النظام العراقي والتي طلبتها واشنطن، موت أكثر من مليون ونصف عراقي، وتحتل الولايات المتحدة كوريا الجنوبية منذ أكثر من 50 عاما تحت قرار من قرارات مجلس الأمن الدولي، وقد مات أكثر من 4 ملايين كوري ما بين العامين  1950 - 1953 في الحرب الكورية التي خاضتها الولايات المتحدة تحت علم الأمم المتحدة، وكانت قوات الأمم المتحدة في يوغوسلافيا والكونغرس وهاييتي غطاء للولايات المتحدة والتدخل الأوروبي والاحتلال، ولم تكن أبدا قوات للسلام والمصالحة·

وبالنسبة للقرار الأخير الخاص بدارفور، فعلى رغم سطوره، يصر كبار مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية على أن نص القرار يتيح لقوات الأمم المتحدة دخول دارفور حتى من دون موافقة الحكومة السودانية· إلا أن الدبلوماسيين يعترفون بأنه ليس من المحتمل أن تشارك دول أخرى بقواتها في مهمة تعارضها الحكومة السودانية·

وقد أنذر السودان بأنه سيهاجم أية قوة تدخل السودان من دون دعوة (1 سبتمبر وكالة الأنباء الفرنسية)·

الجميع في الأمم المتحدة يعرف أن البنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكية) يمتلك القدرة على إرسال قوات الى أي مكان على سطح الكرة الأرضية، ويعرفون أن استخدام قوة نارية مكثفة وتكتيكات "الصدمة والرعب" يمكن أن تجعلها تحتل أي بلد، ولكن العالم كله يعرف أيضا أنه لا يمكن أن تهزم مقاومة شعبية مصممة بسهولة، كما حدث في أفغانستان والعراق، وحدث في لبنان أخيرا·

السودان من جانبه يعتبر أكبر بلد في أفريقيا، توازي مساحته مساحة أوروبا الغربية، ومنطقة دارفور في غربه أكبر من مساحة العراق، فإذا لم تستطع القوات الأمريكية البالغ عددها 150 ألفا إخضاع العراق، فيمكن أن تواجه قوات الأمم المتحدة (20 ألفا) في دارفور مقاومة صلبة في منطقة معروفة بعدائها الطويل للاستعمار·

الجدير بالذكر والانتباه أن الحملة الدولية للضغط على السودان تضم القوى السياسية ذاتها التي كانت أقوى داعم للغزو الأمريكي للعراق، وقد نظم حشد ممول تمويلا جيدا تحت شعار "احموا دارفور" يوم 17 سبتمبر الجاري، للمطالبة بإرسال القوات الدولية إلى السودان·

وهذا الحشد الذي شارك فيه سياسيون كبار من الحزبين الجمهوري والديمقراطي وكبار الفرق الموسيقية هو محاولة واعية لإحداث انقسام في الحركة المناوئة للحرب في العراق، بالإضافة الى تشويه صورة العرب والمسلمين وإظهارهم كشياطين وأعداء للعالم، وتسويق حرب جديدة تحت غطاء أنها "عمل انساني"·

بعض الجماعات المشاركة التي تعبر عن اهتمامها العميق باللاجئين في دارفور، كانت صامتة وخرساء، أو داعمة بنشاط للقصف الإسرائيلي للبنان الذي أنتج ما يقارب مليون لاجيء، وكانت هذه الجماعات بين أقوى المساندين لغزو العراق واحتلاله، وقد أفرد الرئيس الأمريكي بوش جانبا من وقته لمنظمي حملة "احموا دارفور" في البيت الأبيض، وامتدح جهودهم·

وتتضمن قائمة المنظمين منظمات دينية ومدنية، وانطلقت على يد أكثر الأجنحة المسيحية يمينية وتطرفا والمنظمات الصهيونية الكبرى في الولايات المتحدة، ومع أن الحملة تتذرع بوجود "إبادة" في دارفور، وصراع إفريقي - عربي، إلا أن جميع قوى هذه الحملة تتجاهل نقطة جوهرية، وهي دور الاستعمار في إبقاء السودان فقيرا ومتخلفا· فللسودان موارد هائلة وثروة معدنية كبيرة، ومحور السياسة الأمريكية حول السودان هو إشعال العداوات الإثنية والإقليمية في جنوب السودان وغربه، لتتمكن الشركات الأمريكية من السيطرة على آبار البترول الغنية واستغلالها، وكذلك الذهب واليورانيوم والنحاس التي تمتاز بها الأراضي السودانية وبخاصة منطقة دارفور· وفي ظل الوضع الراهن، صحيح أن الحكومة الأمريكية ضمنت الحصول على القرار الدولي لابتزاز السودان، ولكن مشكلتها الحقيقية، هي أن الإمبراطورية الأمريكية أصبحت متمددة الى حد بالغ، ولم تنجح في أية حرب أطلقتها للهيمنة على كوكب الأرض، ويواجه استخدام بوش للمصطلح الإرهابي "الإسلام الفاشي" وإعلانه لحرب لا نهاية لها ثالثة ضد بلدان تكافح للدفاع عن سيادتها الوطنية، مقاومة تمتد من أفغانستان الى العراق الى لبنان، وستزيد تهديداته الجديدة لسورية وإيران والصومال والسودان عدد الدول التي تفكر مرتين قبل التوقيع على أن تكون أحذية على الأرض للهيمنة الأمريكية·

عن موقع:

www.workers.org

طباعة  

أصوات نيابية تتساءل عن الحكمة من تجميد وكلاء "الطاقة" بهذه الطريقة
القرار خلط الأوراق وأبعد الأنظار عن الوزراء السابقين المتورطين

 
في رثاء الفقيد جاسم الصقر
 
فيما يفترض محاسبة المدير العام على "فساد البعارين"
الوزير يجمد خمسة نواب لمدير البلدية "لتجديد الدماء"

 
البلدية تخالف "البلدي" والوزير وتستثني نسب بناء 270 في المئة
 
هل "البدون" قضية موسمية؟
 
الانتخابات اليمنية:
الرئيس "الضرورة" عائد كما البقية

 
الطعون الانتخابية الى الثاني من أكتوبر
 
رمضان.. الشهر الذهبي على الأبواب
معركة "فلوس الكاش" بين الشؤون والجمعيات الدينية

 
اتجاهات
 
فئات خاصة