رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 13 سبتمبر 2006
العدد 1742

ما وراء خطة قصف إيران!

·         من هم المحافظون الجدد؟

·         هل هم ممثلو مصالح المجتمع الصناعي - العسكري - الصهيوني؟

·         حرب أمريكا الاستباقية  تعكس صراعا في الداخل على الموارد ودولارات الضرائب

 

إسماعيل حسين زادة:*

ليس سراً أن إدارة الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة جورج بوش تعبد الطريق تعبيدا منهجيا باتجاه ضربات جوية ضد إيران·

وقد نشرت خطط الهجوم الجوي هذه على هذا البلد من قبل مصادر موثوقة "سيمورهيرش في النيويوركر 10/7/2006 و(إيفان إيلاند 24 يناير 2006) وهنالك أدلة قوية على أن تصريحات الإدارة الأمريكية الأخيرة بأنها راغبة الآن في التفاوض مع إىران ما هي إلا خداع، فهي لا تستهدف الوصول الى حل دبلوماسي لما يدعى "أزمة إيران" بل لإزاحة الحواجز السياسية وصولا الى "حل" عسكري·

وفي الحقيقة إشارات الإدارة العامة العلنية هذه عن رغبتها بالتفاوض مع إيران سرعان ما تفقد معناها لأن مثل هذه المفاوضات المزعومة تشترط مسبقا أن تعلق إيران برنامجها لتخصيب اليورانيوم·

فإذا أخذنا في الاعتبار حقيقة أن تعليق تخصيب اليورانيوم الذي هو حق شرعي لإيران وفق معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية من المفترض أن يكون نقطة التفاوض الرئيسية فإن المطلوب من إيران بالنتيجة هو "أن تتنازل عن نقطة المفاوضات الرئيسية قبل أن تبدأ المفاوضات" (هيرش)·

وتذكر دعوى إدارة بوش ضد إيران بشكل غريب بدعواها ضد العراق في سعيها الى غزو ذلك البلد، وبناء على ذلك فإن الدعوى ضد إيران لا تقوم على أساس أي دليل قوي وفرته وكالة الطاقة الذرية الدولية، ولكن على اتهامات مشكوك فيها تقوم على اتهامات مصادر استخبارية أكثر ضعفا ومدعاة للشك· المطلوب من إيران إثبات البراءة من اتهامات لا دليل عليها، وهي مهمة مستحيلة بالطبع، وعلى هذه الأرضية يقوم زعم "عدم الامتثال" ومن ثم عقلنة "العقوبات"·

تحالف ثلاثي

دعوى الإدارة الأمريكية ضد إيران بالغة الضعف وأهداف ضربة عسكرية ضد هذا البلد مشوشة، والأدلة ضد تحقيق أي نوع من نصر ذي معنى بالغة القوة بحيث إنه حتى الخبراء العسكريون المحترفون يرفعون صوتهم ضد خطط حملة القصف ضد إيران·

بالإضافة إلى هذا يرى الخبراء أن حملة قصف مثل هذه ستكون على الأرجح مؤذية للمصالح الاقتصادية والجغرافية - السياسية للولايات المتحدة وليست لصالحها·

إذن، إن كانت حجة "المصالح القومية" التي ترفعها إدارة بوش كأرضية لضربة عسكرية ضد إيران يحيط بها الشك، فلماذا تدفع إذن بعناد باتجاه مواجهة محملة بالكوارث؟ ما هي القوى المحركة وراء مواجهة عسكرية مع إيران؟ يشير النقاد كلهم تقريبا إلى العسكريين المحافظين الجدد داخل الإدارة الأمريكية وحول "بوش"· ولكن رغم أن هذا صحيح لأن قوى المحافظين الجدد هي التي تقرع طبول الحرب على إيران فإن هذه الإشارة تقصر في إظهار الصورة ككل وتدفع في الواقع الى إثارة السؤال: من هم المحافظون الجدد بداية؟ وماذا أو من يمثلون؟

إيديولوجياً المحافظون الجدد يزعمون غالبا بأن سياستهم الخارجية العدوانية تستلهم بالدرجة الأولى المثل الديمقراطية ورغبة نشر الديمقراطية والحرية في العالم كله وهو زعم تقبله بلا نقاش كحقيقة وسائط الإعلام المجندة والكثير من أوساط السياسة الخارجية· مع أنه لا يفضل قناعا تنكريا يستخدم لإخفاء بعض المصالح الخاصة القوية والحقيقة التي تكمن وراء واجهة شخصيات المحافظين الجدد وخطابتهم الأيديولوجية·

القوة المحركة وراء حرب المحافظين الجدد الماحقة يجب البحث عنها ليس في الدفاع المزعوم عن الديمقراطية أو المصالح القومية بل في المصالح الخاصة الشائنة المموهة بعناية وراء جبهة المصالح القومية، هذه المصالح الخاصة تشفط مكاسب مربحة وحصصا عالية من الحرب والعسكرة·

وتتضمن مصالح اقتصادية (الشهيرة باسم المجمع الصناعي العسكري) ومصالح جغرافية- سياسية (ترتبط ارتباطا واسعاً بالصهاينة أنصار إسرائيل كبرى) في الشرق الأوسط أو اللوبي الإسرائيلي على حد سواء·

هنالك تحالف بحكم الأمر الواقع لا يتم الكلام عنه بين هاتين المصلحتين البالغتي القوة وهو تحالف يمكن أن نطلق عليه تسمية "التحالف العسكري- الصناعي- الصهيوني" ويقوم هذا التحالف على أكثر من أي شيء آخر على أساس وضعية تلاقي مصالح على الحرب واضطراب دولي في الشرق الأوسط· ودعوني أفصّل هذه النقطة·

دولارات الضرائب

حقيقة أن المجتمع العسكري- الصناعي أو تجار السلاح والحروب، يزدهر بالحرب والعسكرة أمر بيّن بذاته الى حد كبير، وتحتاج صناعات الأسلحة والمستفيدون الأقوياء من حصص الحرب جواً تسوده الحرب والاضطراب الدولي لضمان زيادة مضطردة في ميزانية البنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكية) وتبرير حصة الأسد لهم من المال العام، ويمكن بسهولة في ضوء هذا رؤية أن الحرب من طرف واحد أو (الحرب الاستباقية) في الخارج هي انعكاسات لمعارك داخلية حول الموارد القومية ودولارات الضرائب·

وفي المناقشات الساخنة حول توزيع الموارد العامة بين البنادق والزبدة حسب التعبير الشائع أو بين الإنفاق العسكري والإنفاق العام غير العسكري برهن المستفيدون الأقوياء من حصص الحرب على امتلاكهم ذخيرة قوية ضد أنصار تحديد الإنفاق العسكري·

وخلال مرحلة الحرب الباردة في عالم القطبين لم يكن من الصعب الحصول على ذخيرة توصف بالعقلانية وهي "التهديد الشيوعي" الجاهز بين أيديهم، ودفع تبرير زيادة الإنفاق العسكري في مرحلة ما بعد الحرب الباردة هؤلاء المستفيدين الى أن يكونوا أكثر إبداعا في تصنيع مصادر خطر جديدة على مصالح الولايات المتحدة الأمريكية لتبرير حروب العدوان من طرف واحد· إذن ليس من المستغرب ظهور مجموعة واسعة من مصادر التهديد الجديدة لمصالح الولايات المتحدة القومية عشية انهيار الاتحاد السوفياتي تبدأ بالدول "المارقة" "ومحور الشر" ثم بالإرهاب الدولي، والراديكالية الإسلامية  وتصل الى "أعداء الديمقراطية" والى ما هو أكثر·

ضد السلام

ومثلما يرى المستفيدون الأقوياء من حصص الحرب في السلام الدولي، والاستقرار إضراراً بمصالحهم وأرباحهم كذلك يرى عتاة الصهاينة أنصار "إسرائيل كبرى" في السلام بين إسرائيل وجيرانها العرب خطرا يهدد هدفهم في السيطرة على أرض إسرائيل "الموعودة"· إن سبب هذا الخوف من السلام هو أنه وفقا لعدد من قرارات الأمم المتحدة فإن السلام سيعني عودة إسرائيل الى حدود ما قبل العام 1967 أي الانسحاب من الضفة الغربية وقطاع غزة·

ولكن لأن أنصار "إسرائيل كبرى" لا يريدون الانسحاب من هذه الأراضي فهم يخشون السلام والحوار الجاد مع الفلسطينيين ومن هنا يأتي رفضهم لقرارات الأمم المتحدة ومحاولاتهم المنظمة لتخريب مفاوضات السلام، وللسبب ذاته ينظر هؤلاء الأنصار الصهاينة الى الحرب والاضطراب أو كما سماها بن غوريون أحد مؤسسي إسرائيل البارزين "الجو الثوري" كفرص تفضي الى طرد الفلسطينيين وإعادة رسم خريطة المنطقة وتوسيع أراضي إسرائيل·

عصبة الأبحاث

وتمثل التحالف العسكري- الصناعي- الصهيوني بوضوح عصبة المحافظين الجدد في إدارة بوش وحوله· ويحتوى الإطار المؤسساتي للتحالف على شبكة من مراكز الأبحاث المترابطة ترابطا وثيقا أسسها ومولها لوبي الأسلحة واللوبي الإسرائيلي وتضم هذه المراكز البحثية المدعومة من العسكر "معهد إنتربرايز الأمريكي" و"مركز السياسة الأمنية" و"معهد أبحاث وسائط إعلام الشرق الأوسط" و"معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" و"منتدى الشرق الأوسط" و"المعهد القومي للسياسة العامة" و"المعهد اليهودي لقضايا الأمن القومي"·

هذه المراكز البحثية التي تنطبق عليها صفة معاهد الحرب والعسكرة يوجهها ويشكل طاقم موظفيها بالدرجة الأولى أبطال التحالف العسكري الصناعي- الصهيوني أي أنصار الحروب العدوانية من طرف واحد·

وهناك أدلة قوية على أن خطط  السياسة الخارجية لإدارة بوش الكبرى ترسم هذه المراكز البحثية جزءها الأعظم وعادة بالتعاون مع البنتاغون ولوبي الأسلحة واللوبي الإسرائيلي مباشرة أو بشكل غير مباشر·

وتؤدي هذه المراكز البحثية المثيرة للحروب وظيفتها كصلات مباشرة أو أحزمة ناقلة بين القوى العسكرية واللوبيات الإسرائيلية من جانب، وبين إدارة بوش وحلفائها في الكونغرس من جانب آخر·

ولنأخذ على سبيل المثال "مركز السياسة الأمنية" "CSP" فهذا المركز يتفاخر بأن هناك "ما لا يقل عن 22 من أعضاء مجلسه الاستشاري السابقين يرتبطون ارتباطا وثيقا بإدارة بوش·· وأن %60 من دخل المركز يجيء مباشرة من شركات الأسلحة·

ومن ضمن خريجي المعهد الذين يحتلون مناصب حساسة في إدارة بوش رئيس مجلس إدارته السابق "دوغلاس فيث" الذي عمل طيلة أكثر من أربع سنوات كوكيل لوزارة الدفاع مسؤولا عن السياسة الدفاعية، ومراقب حسابات البنتاغون "دوف زاخيم" ورئيس مجلس السياسة الدفاعية السابق "رتشارد بيرل" والصديق القديم والممول المالي وزير الدفاع "دونالد رامسفيلد"·

وفي تقريره السنوي للعام 1998 وضع المركز في قائمة أسماء كل شركات الأسلحة التي تدعمه منذ تأسيسه، تبدأ بلوكهيد، فمارتن ماريتا، فنورثروب، فجرومان وبوينج، وتصل الى الشركات المندمجة المكونة من الأسماء السابقة "لوكهيد مارتن" و"نورثروب جرومان"·· وهكذا (وليم هارتنك، كم تكسب من الحرب يا أبي؟ 2003)·

وعلى النحو نفسه يمكن لمعهد انتربرايز الأمريكي "AEI"، وهو مركز بحث كبير للوبي التحالف العسكري- الصناعي- الصهيوني، أن يتفاخر أنه قدم لإدارة بوش عدداً من شخصياته القوية مثل نائب الرئيس "ديك تشيني" وزوجته "ليني تشيني" والمسؤول عن مراقبة التسلح في وزارة  الخارجية "جون بولتون" (هو الآن سفير أمريكا في الأمم المتحدة)، ورئيس إدارة السياسة الدفاعية في البنتاغون سابقاً "رتشارد بيرل" وكلهم يحتفظون بعلاقاتهم الدائمة بالمعهد·

وقد لعب معهد انتربرايز هذا دوراً رئيسياً في تعزيز مكانة تجمع "أحمد الجلبي" للمنفيين العراقيين كقوة معارضة كبرى "سيرحب بها الشعب العراقي كبديل لنظام صدام حسين"، ولعب هذا التجمع من خلال عمله مع معهد انتربرايز دوراً مهما في تبرير غزو العراق·

وقام - على سبيل المثال - بوظيفة أكبر مصدر معلومات استخبارية -ملفقة في معظمها - للصقور العسكريين كلما كانوا يجدون أن المعلومات الاستخبارية التي تجمعها وكالة الاستخبارات المركزية "السي أي إيه" ووزارة الخارجية تتعارض مع خططهم لغزو العراق· (وليم هارتنج)·

قرن أمريكي!

وهناك مثل آخر على تشابك شبكة قوى المحافظين الجدد في إدارة بوش ومراكز البحث العسكرية المكرسة لتطبيق جدول أعمال التحالف العسكري- الصناعي- الصهيوني، وهو ما يعكسه انتساب عدد من شخصيات الإدارة الأمريكية المتنفذة الى (المعهد اليهودي لقضايا الأمن القومي "JINSA")·

ومن بين هؤلاء - على سبيل المثال - "دوجلاس فيث"، مساعد وزير الدفاع خلال فترة حكم بوش الأولى والجنرال "جاي جارنر" أول رئيس لسلطة الاحتلال الأمريكي في العراق و"ميشيل لادين" الذي يقدم استشارات غير رسمية لإدارة بوش حول قضايا الشرق الأوسط·

ويسجل لهذا "المعهد اليهودي دعمه للاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، وهو ضد اتفاقيات أوسلو·· وقد أوصى هذا المعهد في دعمه المحموم لسياسات دعم الاستيطان المناوئة للفلسطينيين من الطراز الليكودي في إسرائيل، بأن "تغيير النظام" في العراق يجب أن يكون مجرد البداية لإسقاط قطع الدومينو في الشرق الأوسط (وليم هارتنج وميشيل كيروكا، كتاب مجمع الأبحاث العسكرية - الصناعية، 2003)·

بل وتبدو حقيقة أن عسكريي المحافظين الجدد في إدارة بوش لهم جذور عضوية في التحالف العسكري - الصناعي - الصهيوني، بالغة الجلاء في انعكاسها في علاقتهم بمشروع مركز البحث المثير للحروب المسمى "مشروع من أجل القرن الأمريكي الجديد" "PNAC"· وهذا المشروع شأنه في ذلك شأن نظائره من مشاريع اللوبيات داخل شبكة مراكز أبحاث المحافظين الجدد، وضعته حلقة مكونة من شخصيات سياسية متنفذة صعد عدد منها لاحقا ليحتل مراكز حساسة في إدارة بوش·

وتتضمن قائمة الموقعين على البيان التأسيسي لمبادئ مشروع "من أجل القرن الأمريكي الجديد" "اليوت ابرامز" و"جيب بوش" و"اليوت كوهن" و"فرانك جافني" و"زالماي خليل زاد" و"لويس لبي" و"نورمان بودورتش" و"دونالد رامسفيلد" و"بول فولفيتز"، وإذا أضفت الى قائمة الموقعين "ديك تشيني" فستكون بين يديك متاريس شبكة المحافظين الجدد الذين يجلسون الآن في مقعد قيادة سياسات حرب إدارة بوش الدائمة بلا توقف والممثلة كلها في الوثيقة المؤسسة لمشروعها من أجل قرن أمريكي جديد (هارتنج وكيروكا)·

وإلقاء نظرة فاحصة على السجلات المهنية للمحافظين الجدد اللاعبين في إدارة بوش تؤكد أن 32 من كبار شاغلي المناصب الحكومية هم إما مديرون تنفيذيون أو مستشارون أو حملة أسهم متنفذون لكبار مقاولي وزارة الدفاع الأمريكية (مجمع مراكز البحث العسكري - الصناعي)· "دونالد رامسفيلد" - على سبيل المثال - هو مدير سابق لإحدى الشركات المتفرعة من "جنرال ديناميكس" ومساعده "بول فولفيتز" خلال فترة بوش الأولى، عمل كمستشار بأجر لشركة "نورثروب جرومان"·

لوبي الأسلحة

ويمارس لوبي الأسلحة اليوم تأثيراً على صناعة القرار السياسي أكثر من أي وقت مضى منذ أن حذر الرئيس دوايت ايزنهاور لأول مرة من مخاطر المجمع العسكري- الصناعي قبل أكثر من 40 عاماً·

وتشير، بل وتؤكد هذه الأدلة النموذجية على أن النظرة القائلة: إن ميول المحافظين الجدد العسكريين الى الحرب والعدوان مصدرها ميل عاطفي إيديولوجي لنشر مثل الديمقراطية الأمريكية، هي نظرة زائفة زيفاً جلياً· إن عسكرتهم الناجحة للسياسة الأمريكية الخارجية تنبع على نطاق واسع من حقيقة أنهم يعملون من حيث الجوهر باسم مصلحتين خاصتين بالغتي القوة مصلحة المجمع العسكري- الصناعي واللوبي الإسرائيلي المتنفذ، ويستمد المحافظون الجدد معماريو الحرب والعسكرة، نفوذهم السياسي والفعالية السياسية في المقام الأول من الآلة السياسية والبنية التحتية المؤسساتية للتحالف العسكري - الصناعي - الصهيوني·

ومن الضروري عند هذه النقطة ملاحظة أنه رغم تأثير اللوبي الصهيوني السياسي الهائل فهو في نهاية المطاف شريك أصغر وليس نداً في هذا التحالف القائم بحكم الأمر الواقع المسكوت عنه، وأود أن أحذر من دون التقليل من أهمية اللوبي الصهيوني البالغة في تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، من التبسيطات والمبالغات في سلطته وتأثيره على سياسة الولايات المتحدة في المنطقة·

صحيح أن معظم عسكريي المحافظين الجدد الذين يقفون وراء الاعتداءات العسكرية الأمريكية الراهنة في الشرق الأوسط كانوا منذ وقت طويل داعمين نشطين للسياسيين الإسرائيليين اليمينيين، أو قادة إسرائيل، وليس سراً أيضاً إن هناك تعاونا وثيقا في مسائل الحرب والشؤون العسكرية بين القوى الصهيونية وقوى المحافظين الجدد في إدارة بوش وحولها وبين مراكز البحث المتعصبة مثل الانتربرايز ومعهد واشنطن والسياسة الأمنية والمعهد اليهودي، إلا أن هذا لا يعني كما يقول بعض النقاد إن العلاقة الأمريكية - الإسرائيلية تمثل حالة يحرك فيها "الذيل الكلب" أي أن سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط يشكلها صهاينة إسرائيل·

لا شك في أن اللوبي الصهيوني القوي يمارس تأثيراً لا يستهان به على السياسة الأمريكية الخارجية، ولكن فعالية ومدى هذا التأثير يتوقفان في النهاية على المصالح الحقيقية الاقتصادية والجغرافية والسياسية لصناع السياسة الأمريكية الخارجية·

أو بكلمات أخرى، إن صناع السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط لن يسيروا وفق رغبات ومطالب اللوبي الصهيوني إلا إذا كانت مثل هذه المطالب تخدم أيضا المصالح الخاصة التي يمثلها أو يخدمها صناع السياسة هؤلاء، أي إذا كان هناك التقاء مصالح حول هذه المطالب·

إن ما يشكل الميول العدوانية للامبراطورية الأمريكية العسكرية الصناعية نحو الحرب والعسكرة هو ديناميكياتها الداخلية أو الملازمة لها: دوام الحاجة الى إنتاج الأسلحة كعمل تجاري مربح يقوم ثراؤه على حرب دائمة واضطراب عالمي·

 لا شك أن لعناصر توتر الأوضاع أو تعزز من تأزيمها مثل هول هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة، أو اللوبي الصهيوني أو الحزب في السلطة، أو إدارة ساكن البيت الأبيض، تأثيرات مهمة، ولكن  تظل مثل هذه المؤثرات المساندة مساهمة في الجوهر وليست هي التي ترسم أو تحدد· إن الدور الحاسم أو المركزي يلعبه في نهاية المطاف المجمع العسكري - الصناعي نفسه أي تجار الأسلحة أو الحروب·

 

 *بروفيسور اقتصاد في جامعة دريك، في دي مون، ولاية ايوا الأمريكية·

المقال جزء من آخر ما صدر له من كتب تحت عنوان "الاقتصاد السياسي لنزعة الولايات المتحدة الأمريكية العسكرية" عن دار بلجريف - ماكميلان للطباعة والنشر 2006·

The Political Economy Of U.s. Miliarism (Palgrave - Macmillan Publishers)

عن موقع www.atimes.com

طباعة  

مشكلة الكهرباء أسبابها معروفة وعلاجها موجود "ولكن لا حياة لمن تنادي"
صراعات أصحاب المصالح ومن يمثلهم في الوزارة عطلت جميع المشاريع الجديدة

 
مشروع محطة الزور الشمالية عرض وحيد بـ 870 مليون دينار والميزانية 736 مليونا
اتفاقات وصفقات وراء الكواليس قد تفسر انسحاب المنافسين وبقاء كونسورتيوم "دوسان"

 
سكوت نواب الحركة الدستورية عن "الوسيلة" غير مبرر
النيابة تتولى الشق الجنائي فقط وقرارها لا يعفي الحكومة من مسؤوليتها

 
خلل التركيبة السكانية يتكرر في كل "البرامج" الحكومية
لا وجود لسياسة تجنيس واضحة

 
"التنك" أغلى من الذهب، يحدث فقط في وزارة الطاقة
خط أنابيب المياه C3 الوحيد الذي سمح فيه باستخدام الحديد!!

 
دعا الى بناء مستشفيات وتوفير العلاج التخصصي للمواطنين
الشايع: مجلس الوزراء مسؤول عن الأوضاع المتردية في وزارة الصحة

 
خمس سنوات على 11 سبتمبر
الحرب على الإرهاب عنوان فضفاض... وملتبس!

 
حلف الناتو يعسكر شرقي المتوسط
 
اتجاهات