رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الاربعاء 28 شوال 1426هـ - 30 نوفمبر 2005
العدد 1705

الهجرة·· الأزمة المستمرة
د. عبدالله الجسمي

الأحداث التي شهدتها فرنسا مؤخرا وما نتج عنها من عمليات تخريب باهظة التكاليف تعبر عن أزمة عميقة لا تعيشها فرنسا فقط بل دول أخرى أوروبية يمكن أن تكون مسرحا لأحداث شبيهة· فأعمال الشغب ما هي إلا نتيجة لأزمة تضرب جذورها أولا في الدول التي يأتي منها المهاجرين وثانيا في الدول التي إما تقبلهم كمهاجرين شرعيين أو تتورط بهم نتيجة للقوانين التي تعطي حقوقا عديدة للمهاجرين غير الشرعيين للنظر في طلباتهم لفترة تمتد أحيانا عدة أعوام· والتعامل مع ما حدث يقتضي البحث في الأسباب الفعلية التي أدت وتؤدي لقيام  الكثير من أبناء العديد من  الدول في إفريقيا والشرق الأوسط للهجرة بأية وسيلة لأوروبا وكذلك عدم نجاح معظم الدول الغربية في استيعاب المهاجرين وإدماجهم بشكل حقيقي في مجتمعاتها·

فمن جانب تتحمل الدول الغربية خصوصا الغنية منها المسؤولية في استمرار ظاهرة الهجرة إليها، فقد أصبح التفاوت في العالم اليوم كبيرا جدا بحيث تزداد الدول الغنية غنى والفقيرة فقرا· فالحد من هذه الظاهرة أو المشكلة لا يمكن أن يتم من خلال زيادة قوات الحدود وتزويدها بأحداث الأجهزة أو تشديد إجراءات السفر إليها، بل يتم عبر وسائل عديدة تستطيع هذه الدول ممارستها مع حكومات الدول التي تشكل مصدرا للمهاجرين· فالحد من هذه المشكلة يتطلب الضغط على حكومات هذه الدول للقيام بإصلاحات ديمقراطية حقيقية لا شكلية يكون فيها الشعب مصدر السلطة الحقيقية وتتحول إلى دول تحترم الإنسان وحقوقه وليست دول قمعية تديرها حفنة من المنتفعين الذين يسلبون خيرات شعوبها، والقيام بإصلاح اقتصادي يحقق تنمية فعلية ولا يعتمد على منح وهبات يذهب معظمها في جيوب المنتفعين· علاوة على القيام بإصلاح حقيقي لأنظمة التعليم وإدخال البرامج العلمية والوسائل التكنولوجية الحديثة في العملية التعليمية مما قد يحقق تغيرات ثقافية في هذه المجتمعات ونشر طرق التفكير العلمي والواقعي بدلا من الاعتماد على الأوهام وطرق التفكير الغائية من أجل العمل على معالجة قضاياها وإحداث تغيرات اجتماعية نوعية للتخلص من العادات والقيم التي تعيق تطور هذه المجتمعات·

ومن جانب آخر تتحمل العديد من الحكومات الغربية حالات الاضطرابات المختلفة التي حدثت ولا تزال وستستمر فيها مستقبلا لأنها لم تقدم معالجة حقيقية لوضع المهاجرين فيها ودمجهم في مجتمعاتها· فنظرا للخلفيات العرقية والدينية والثقافية التي يأتي منها هؤلاء والتي تتعارض مع طبيعة الثقافة الغربية والمدنية المعاصرة لا يستطيع هؤلاء الاندماج بشكل فعلي في المجتمعات التي يهاجرون إليها نتيجة لرفض الكثير منها من قبل شعوب هذه الدول إما لأسباب اقتصادية أو عنصرية (عرقية أو دينية) أو ثقافية مما يدفع هؤلاء للتقوقع على أنفسهم والقيام بأعمال تفرض حضورهم بالقوة في المجتمع·

من جانب آخر هناك العديد من الوسائل الإعلامية في الدول الغربية تعد مصدرا لبث التفرقة العنصرية وتهويل الأحداث واستهداف بعض الجنسيات أو  الأديان والتحريض ضدها وكأن جميع من ينتمون إلى ديانة أو جنسية معينة كل واحد لا توجد فوارق أو اختلافات فيما بينهم· يضاف إلى ذلك عدم خلق مناخ ثقافي من خلال مراحل التعليم المختلفة التي تدفع في قبول الآخرين والتعايش معهم علما بأن هناك بعض المناهج التي لا تخلو من الإشارات العنصرية أو عقدة التفوق على الآخرين· علاوة على ذلك يفتقر الكثير من المهاجرين إلى قسط كاف من التعليم أو المهارة الفنية التي تحقق إيجاد فرص عمل جديدة بالنسبة لهم· فلا يوجد هناك اهتمام فعلي في تحويل المهاجرين إلى عمالة فنية مدربة يمكن أن تساهم بشكل فعال في عملية الإنتاج مما ينتج عنه تهميشا اقتصاديا واجتماعيا وخلق طوابير عديدة من العاطلين عن العمل الذين يمكن أن يقعوا فريسة سهلة للعصابات وتجار المخدرات ولغيرها من الأعمال غير الأخلاقية وتنتهي بهم الأمور بالتصادم مع الدولة ومؤسساتها ككل والنزوع إلى العنف من أجل جذب الاهتمام لحل مشكلاتهم·

إن معالجة ما حدث من اضطرابات ونتائجها الجسيمة لا يأتي بالقمع أو الاعتقال أو غيره من الأساليب التي يمكن أن تهدئ الأمور وقتيا، فالمعالجة الحقيقية تقتضي معالجة الأسباب التي تؤدي بهؤلاء المهاجرين إلى ترك بلدانهم والهروب لدول أخرى بأية وسيلة وكذلك استيعاب هؤلاء في المجتمعات التي يهاجرون إليها وجعلهم مواطنين حقيقيين فيها وإذا لم يحدث ذلك فسيتكرر ما حدث في فرنسا في عدد من الدول الغربية وستصبح مشكلة من بين المشكلات المزمنة إذا لم تعالج بالشكل الصحيح·

�����
   

المعارضة·· قادمة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
معرض "الشطب" العربي:
د·أحمد سامي المنيس
فلسفة!!!:
سعاد المعجل
لكم الله:
يوسف الكندري
كويت تايتنك
Kuwait Taitanic:
محمد بو شهري
كتب ممنوعة:
المحامي نايف بدر العتيبي
ماذا أصاب المجتمع؟:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
الهجرة·· الأزمة المستمرة:
د. عبدالله الجسمي
الخليج ليس نفطا:
د. محمد حسين اليوسفي
الخليج ليس نفطا:
د. محمد حسين اليوسفي
أعداء الشعب الفلسطيني الجدد:
عبدالله عيسى الموسوي
"قل للمتولي إنه معزول":
عبدالخالق ملا جمعة
آليات العنف والإرهاب!!:
د. محمد عبدالله المطوع