زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون أما ما أكلناه فهو جرعات من المحسوبية والقيم والأعراف الهجينة التي تخالف المنطق والعقل وتفسد السليقة والفطرة وما يتوجب علينا زراعته هي تلك المفاهيم السليمة، التي تساعد في توليد المعرفة وبالتالي القدرة على محاربة جميع المثالب المجتمعية والتكدسات الحزبية الفاسدة، والوقوف ضد هذه المصالح الأنية التي تفرض على الإنسان الإنسلاخ عن أسس العقيدة وتقبيح النفس·
وأما العراقيل اللامتناهية والحواجز المفروضة على من يسلك الخط المستقيم وشفافية الإصلاح المعتم، فهذه أحكام تفرض من صاحب القوة ولك أن تستشف من هذه الفرضيات إن كان جيدا أو عكس ذلك·
وهناك عدة مفاهيم للقضاء على هذه التوجهات المغلوطة، وقد اخترت لكم التصالح مع الذات وأتمنى أن أكون قد وفقت بالاختيار ولكن قبل أن أبدأ بمضمون المقالة يجب عليّ أن أنعش ذاكرتكم بهذه المقولة التي يعرفها الكثير منكم وهي أن "الدنيا تطلب الهارب منها وتهرب ممن يطلبها"·
فمن منطلق التشجيع على المصالحة مع الذات ومراجعة الحسابات والتدقيق في الهوية والخوف من فقدانها، ففي هذا المجال قررت أن أتناول ماهية الاقناع النفسي وأنه أصبح من المتعارف عليه بل والمصدق به أن الأحاسيس والمشاعر قد رضخت والأيادي النظيفة قد تعلمت الفنون المحاسبية المبهمة فالإقناع النفسي هو من أساسيات الحياة السليمة المنتجة الهادفة، فيجب على الإنسان أن يحدد مبادئه وقيمه ويعمل بالإصلاح في نفسه ولا يكترث (بالمعزب) الذي يوزع ويقسم السلطة عليه أو على غيره، فكن على يقين أنك لا تملك العالم وأن السيادة ليست المرمى أو الهدف فكلما غرست في نفسك هذا المفهوم فسوف تشعر أنك تغير العالم فعالمك هو شخصك فابذل في شخصك الصدق والمحبة والإيمان والرحمة فهذه الثوابت النقية الجميلة سوف تنعكس لاشك على مفهومك للحياة وتعطيك الأمان النفسي والأهم أنك ستساهم في المفهوم الأكبر وهو التصالح الداخلي في مجتمعك ولسوف تثبت أن الكويت هي دولة على خارطة العالم لها شعبها الذي ينتمي لهذه الأمة ولا يقبل بتجزئتها وتسييسها واستملاكها بوضع اليد، فهناك لبس وبتقديري قد تطور إلى "اعتقاد" للجيل الجديد بأن الشخصية القوية تنبع عن الجاه والمال والسلطة وهي في الحقيقة ضمير وعقل وإرادة فيجب النظر إلى النفس بروية وتمعن فمن عرف نفسه فهنيئا له فقد عرف كل شيء ومن جهل نفسه وهم كثر للأسف قد جهلوا كل شيء، والذي يزيدني عجبا أن الله حبا الكويت بكل هذا الخير وكل هذه النعم ولكن إن أمعنت النظر فسوف ترى أن الكويت وكل خيراتها ما هي إلا مصادر وموارد طبيعية بحاجة إلى البشر لبث الحياة الاقتصادية فيها "فهنا تكون الأرباح الختامية الناتجة عن خسائر الأخرين"، فلا يمكن للإنسان أن يكون ذا مال وذا ضمير سليم إذ لم ينفق في نفسه، فهذه هي دولتكم أنتم ومستقبل أبنائكم وحاضركم ونقطة ارتكازكم فأوصيكم بمصالحة انفسكم للارتقاء بها·
هذه كانت لمحة بسيطة هادفة أتمنى أن يستفيد منها من يقرأ هذا المقال فباعتقادي أن جميع أفراد المجتمع مع تعدد اتجاهاتهم غايتهم واحدة هي كويت الخير والحب والعدل والاستمرارية·
ما يطمح إليه كل كويتي:
- تفاهم يضم الجميع في مجال الأولويات الوطنية·
- العدالة طريقة تفاهم ترضي الجميع·
- احترام عقول الناس·
(من حاسب نفسه ربح، ومن غفل عنها خسر، ومن خاف أمن، ومن اعتبر أبصر، ومن أبصر فهم، ومن فهم علم)· |