رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 7 مارس 2007
العدد 1764

على خلفية قرارات محكمتي "العدل" و"الجنائية" الدوليتين
كيف سيستفيد البوسنيون من "الإدانة الجزئية" للصرب... وهل أصبح البشير مكشوفا بعد حكم دارفور؟

كتب مظفر عبدالله:

في يومين متتالين هما 26 و27 من فبراير الماضي شهد المجتمع الدولي فعالية المحاكم الدولية المعنية بالنظر في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية· ففي 26 فبراير برُئت ساحة صربيا من تهمة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في البوسنة بعد صدور حكم محكمة العدل الدولية - أعلى سلطة قضائية في الأمم المتحدة - مع اتهامها بالتقصير في مذبحة سريبرينتشا التي وقعت في عام 1995 فيما كانت الدعوى قد رفعت من قبل البوسنيين عام 1993·

أما الحكم الثاني والذي صدر مصادفة في اليوم التالي فكان المتنفس لسكان دارفور في غرب السودان، إذ إنه جاء من خلال المحكمة الجنائية الدولية - والتي تأسست في يوليو 2002 وصادق على نظامها إلى الآن 159 دولة - وبإدانة صريحة وبتسمية مجرمي حرب بلغ عددهم 51 شخصا وأعلن عن اثنين منهم أحدهم وزير حالي في الحكومة السودانية التي صادقت ولم توقع على نظام المحكمة··

ورغم الحزن والمفاجأة التي لفت شعب البوسنة بسبب الحكم الدولي بتبرئة الصرب من تهمة الإبادة الجماعية إلا أنه لا يعني نهاية المطاف· إذ إن خطوات جدية أخرى لا تزال تنتظر البوسنيين في قنوات القانون الدولي· فيما وصف بعض المراقبين أن الحكم يعد لبنة على طريق السلام والمصالحة· وفي هذا الصدد يؤكد أستاذ القانون الدولي في جامعة الكويت د·عيسى العنزي بأن المحكمة الجنائية الدولية عندما نظرت في مسألة الإبادة الجماعية لم تؤكد أن هناك "نية" من قبل الصرب بالقضاء على أثنية محددة وبشكل متواتر ضد المسلمين تحديدا، لكنها لم تنف أن هناك عمليات قتل، بل إنها لم ينف مسألة التقصير من قبل الحكومة الصربية تجاه مذبحة سريبرينتشا·

ويضيف د· العنزي أن الحكم ربما برأ الحكومة لكنه ذكر أن هناك أشخاصا معنيين بما حدث من أعمال قتل ولذلك فإن أمام البوسنيين خيار المحكمة الجنائية المؤقتة الخاصة بيوغسلافيا السابقة بعد أن جربوا محكمة العدل· وإذا كان هناك ميل لدى المتعاطفين مع القضية البوسنية بأن ما حدث بعيد عن الإنصاف فإن ما سيكشف ذلك حقا هو ما سينتج عن لجوئهم للمحكمة الجنائية الدولية فعندها ربما سيتضح ما إذا كانت الأمور تكال بمكيالين، خاصة وأن القضاء الصربي سيكون في هذه الحالة تحت المجهر، حيث سيطلب منه التعاون في كشف أعمال القتل الوحشية التي جرت في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي·

وهنا يمكن التعويل على مسار قضية المحكمة الموقتة الخاصة بيوغسلافيا السابقة والتي شكلت قبل ظهور المحكمة الجنائية الدولية الدائمة في العام 2003 فهذه المحكمة التي ترأسها المدعية العامة كارلا دي بونتي قد قررت أن ما حدث في مذبحة سريبرينتشا "إبادة جماعية"، وهي - المحكمة - تلاحق مجرمي حرب الصرب وتطلب في هذا الصدد تعاون حكومة صربيا الحالية التي تبدي تعاونا بهذا الشأن لكن المجرمون لا يزالون طلقاء· ويمكن للبوسنيين التعويل على مسار هذه المحكمة الموقتة واستئناف جهودهم لأخذ حقوق 200 ألف قتيل من المسلمين البوسنيين·

أما قضية الحكم الخاص بدارفور فهو من زاوية يعبر عن أزمة حكم في السودان فالمتابع لهذه القضية يجد أن مجلس الأمن قد أصدر 18 قرارا بشأنها بدءا من 30/7/2004 وحتى 6/10/2006، وبذلك يرى المراقبون أنه قد "سبق السيف العذل" بالنسبة لحكومة البشير وهي اليوم تواجه ضغوطا حتى من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة للكف عن أي أعمال عدائية تجاه سكان الإقليم·

وما التعذر بأن جهازه القضائي يقوم بالتحقيق في هذه الجرائم، أو أن الحكومة السودانية غير معنية بالحكم الدولي على خلفية عدم انضمام السودان لاتفاقية روما التي شكلت بموجبها المحكمة الجنائية الدولية أو اعتبار ما حدث نفاقا أمريكيا من خلال سيطرتها على مجلس الأمن ومحاربتها لفكرة المحكمة الجنائية الدولية من الأصل، ليس كل ذلك، إلا أعذار لم تعد تفيد بعد صدور قرار بتسمية مجرمي حرب أحدهم وزير في حكومة البشير، وزعيم في عصابات "الجنجويد"، تلك الميليشيات الشعبية التي تستخدمها الحكومة السودانية كذراع منفلت وغير منضبط لقهر شعب دارفور عبر التهجير والتخويف والاغتصاب وحرق المنازل وسرقة المواشي· وكانت النتيجة تشريد مليونين وقتل ما بين 200 و 300 ألف نسمة من سكان إقليم دارفور البالغ عدد سكانه 6 ملايين نسمة يعيشون على رقعة تعادل مساحة فرنسا·

وفي هذا الصدد يقول د·عيسى العنزي إن من صلاحيات مجلس الأمن إحالة أي ملف فيه شبهة انتهاك حقوق الإنسان بحسب الجرائم المعرفة في إعلان روما إلى المحكمة الجنائية الدولية· ويؤكد أن إدانة الحكومة السودانية بالحكم القضائي سيعقد المسألة أكثر خاصة مع اعتماد السودان للجنة وطنية لمقاضاة المتهمين بجرائم الحرب في الإقليم المذكور، مع الأخذ في الاعتبار القبض على أحد قادة مليشيات "الجنجويد"·

إلى ذلك فإن نظرة أخرى تؤخذ في الاعتبار وهي أن الحكومة السودانية أعطيت الوقت الكافي لحل المشكلة ولم تف بوعودها، وكشفت عن أن قضاءها الوطني غير قادر على التعاطي مع هذه المسألة· فمنذ عام 2003 الذي بدأت فيه العمليات الإجرامية لم تتقدم القضية بشكل يوحي بأن السودان جاد في حسمها· وكشفت أيضا عن "أزمة حكم" لم تستطع أن تحل وبشكل سلمي مطالب شرائح مهمشة من الشعب السوداني على غرار ما حدث بالنسبة لمشكلة الجنوب· وإن من بين ما ينتظر الشعب السوداني فصل من سنوات الحظر والحرمان على شاكلة قضية "لوكيربي" التي تأثر بها النظام الليبي لسنوات واستسلم أخيرا بتسليم المتهمين في تلك القضية· ويضاف إلى ذلك أن مصادقة وعدم توقيع السودان على نظام المحكمة الجنائية الدولية يلقى عليها بتبعات قانونية تحضها على عدم الإتيان بأي من الأفعال التي أدانها المدعي العام الدولي في حكمه· فكيف سيستسيغ الشعب البوسني حكم محكمة العدل الدولية، وكيف ستتصرف حكومة البشير مع حكم المحكمة الجنائية الدولي؟

طباعة  

إلا الدستور
 
"حدس" الخارج الأكبر من التشكيلة الجديدة بعد طعنها الرئيس
القوى السياسية لناصر المحمد: الاستقالة فرصة لحكومة أقوى

 
أمين عام "التحالف":
تحسب للرئيس.. والتشكيلة السابقة غير متجانسة

 
ليست المرة الأولى لكنها تعبير متكرر عن الضيق بالحياة النيابية
التسريبات حول الحل غير الدستوري.. أمنيات تنتظر التوقيت المناسب

 
بسبب عدم متابعة "الإعلام" لمناقصة مهاجعهم في محطات البث
"الحرس" قد يتعرضون للإشعاع

 
تناقض "الوزارة" حول محطات البث
 
العنجري والشايع ينفيان توزيرهما
 
جريمة قتل الأسرى المصريين هل تطيح بـ"الكويز" وإمداد إسرائيل بالغاز المصري؟
 
الإسلام السياسي ولعبة الشيطان:
حقائق الدوافع المالية والتحالف مع الأنظمة!

 
القمة السعودية - الإيرانية ومؤتمر بغداد
اللاعبون الإقليميون يصعدون على حساب استراتيجية أمريكية مضطربة

 
اتجاهات
 
فئات خاصة