كتب محرر الشؤون المحلية:
تنازلت وزارة الإعلام عن دورها في إدارة والإشراف على القناة الجديدة "إثمار" الى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية· وكانت الإعلام قد أدخلت وزارة الأوقاف طرفاً في الإشراف على برامجها الدينية في الإذاعة والتلفزيون ثم منحت الأوقاف الحق في إنتاج وإخراج برامج ليقوم التلفزيون والإذاعة ببثها من دون تدخل على الإطلاق كما تهيمن الأوقاف بالكامل على إذاعة القرآن الكريم ثم أخيراً جاء قرار التنازل عن القناة الجديدة التي لايعرف السبب من وراء إنشائها في الأساس اللهم إلا مزيد من هيمنة القوى الدينية على تفاصيل حياة المجتمع الكويتي·
ومن المعروف أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية هي أحد أهم المعاقل التي تهيمن عليها الجماعات الدينية وحزب الإخوان المسلمين على وجه الخصوص، حتى في الفترات التي تولى حقيبتها وزراء غير محسوبين على الإخوان·
كما يأتي هذا التنازل في الوقت الذي عاني المجتمع الكويتي كثيراً من حالات التطرف والغلو التي هي نتيجة مباشرة لهيمنة التيارات الدينية على مدارس التربية في جميع مراحلها وسيطرتهم على المساجد بأكملها وانتشارهم بين السكان من خلال الجمعيات الدينية وفروعها خلال الفترة التي عاشت فيها تلك الجماعات في علاقة حميمة مع الحكومة بعد أن ضربت بها جميع الأصوات المعتدلة·
وقد يقول قائل أن الوزارة ماضية في طريق نشرها للوسطية وبالتالي فإنها ستستخدم هذه القناة وغيرها من وسائل الإعلام المتاحة لها لنشر هذا الفكر، إلا أن واقع الحال يقول خلاف ذلك، فالمتشددون أكثر تأثيراً على صغار السن من الذين اكتشفوا وسطيتهم بعد أن مارسوا الغلو والتشدد عقوداً من الزمن· خلاف ذلك فإن مفهوم الوسطية غامض لأنه لا يعني أكثر من التوسط بين موقفين متطرفين أو أن يبدو الوسطي مختلفاً عن الإرهابي ولو بدرجات قليلة·
ويرى المتابعون أن وزارة الإعلام شكلت على الدوام هدفاً لنواب القوى الدينية الى أن فرضوا ما عُرف بالضوابط الثلاثة عشر التي تعد تدخلاً سافراً في حريات الناس، ثم فرضوا قانون التعليم المنفصل على قاعدة التشكيك في أخلاق الطلاب والطالبات وكأن تواجد الطلاب والطالبات في قاعة الدرس مع مدرسهم هو الذي يخلق فرصاً للفساد وعلى الرغم من معرفتهم أن الفساد موجود في المجتمع بل ازداد خلال الفترة التي أطلقوا عليها "الصحوة" فإنه لن ينتهي بعد تطبيق الفصل بين الطلبة في القاعات لأن هذا لم يكن سبباً من أسباب الفساد في الأصل·
لذا يرى المتابعون أن استمرار وزارة الإعلام في التنازل عن مسؤولياتها لوزارة الأوقاف سيتيح فرصة أخرى للجماعات الدينية لمزيد من الهيمنة والوصاية على المجتمع وفرض الصورة التي يريدونها على الآخرين وصولاً الى الدولة الدينية بعد الانقضاض على الدولة المدنية دولة القانون والمؤسسات·