· المطلوب إلغاء عقود المخالفين وطرح المشاريع المسحوبة على القطاع الخاص مرة ثانية بشروط جديدة
كتب محرر الشؤون المحلية:
هربت الحكومة الى الأمام كعادتها عندما تجد نفسها محاصرة بالأدلة الدامغة عن الفساد والتجاوزات، فبدلاً من اتخاذ قرار جريء بمحاسبة المسؤولين عن التقصير في مشاريع الـ BOT شكلت الحكومة لجانا قضائية للتحقق من تقرير ديوان المحاسبة·
الأوساط السياسية المتابعة وجدت في تحرك الحكومة هذا عبثاً غير مسبوق، فهي بتشكيل هذه اللجان تقلل من مصداقية أهم مؤسسة رقابية أثبتت مصداقيتها على مدى عقود من الزمن، وتضيف الأوساط أن تقارير ديوان المحاسبة ليست بحاجة الى من يتحقق منها فهي في أغلب الحالات تأتي مشفوعة بجميع الوثائق والأدلة على ما تتوصل إليه التقارير من مخالفات أو ملاحظات·
وتخشى الأوساط من أن إحالة تقارير ديوان المحاسبة الى لجان قضائية قد ينتج عنها فرصة لتمرير تلك المخالفات لأن اللجان القضائية ستبحث في ما إذا كانت الجهات المخالفة قد حصلت على موافقات الجهات المفترض موافقتها أم لا، فإن وجدت أن الجهات موافقة، قد لا ترى في الأمر مخالفة، لأن الخلل يكمن تحديداً في الأسباب التي دفعت الجهات الحكومية الى إعطاء موافقاتها على تلك المشاريع رغم مخالفتها للعقود مع الدولة أو رغم عدم استيفائها للإجراءات المسبقة·
وتضيف الأوساط أن على الحكومة اتخاذ قرارات شجاعة بسحب العقود المخالفة كما تنص تلك العقود، إن هي أرادت أن تحترم قراراتها وعقودها وقوانينها، وكي يعتبر كل من تسوّل له نفسه التلاعب في الأموال العامة وأراضي الدولة·
وتقول إن على الحكومة أيضاً ومن دون انتظار تقارير اللجان القضائية متابعة بعض المسؤولين الذين سمتهم تقارير الديوان، ومحاسبتهم على القرارات والإجراءات التي إما اتخذوها لتمرير مشاريع معينة أو لم يتخذوها لوقف مشاريع مخالفة·
وتحذر تلك الأوساط من استماع الحكومة الى الأصوات التي تخشى من توقف اقتصاد البلد إن هي أقدمت على سحب المشاريع المخالفة ممَنْ حصلوا عليها بأشكال غير صحيحة أو خالفوا العقود الموقعة مع الدولة، وتقول إن بإمكان الحكومة أن تطرح تلك المشاريع بعد أن تلغي عقود المخالفين على القطاع الخاص بشروط مختلفة، وعقود مختلفة أو أن تديرها هي بنفسها، فالمحلات والشركات التي استأجرت في هذه المشاريع لن تخلى منها عند إلغاء العقود إنما سيحاسب الطرف الثاني الموقع مع الحكومة ويتغير المالك من دون أن تتأثر المشاريع القائمة خلال نقل الملكية الى الدولة أو منها الى المستثمر الجديد بالشروط الجديدة·
إن المخالفات التي انطوت عليها تقارير ديوان المحاسبة واضحة ولا تحتاج الى لجان إضافية للتمحيص، بل تحتاج وفي أسرع وقت الى استفادة الحكومة من هذه الفرصة التاريخية كي تثبت حسن نيتها في محاربة الفساد الذي كلما ذُكِر أمام المسؤولين قالوا "نسمع عنه وما نشوفه" كما تؤكد تقارير الديوان صحة ما طرحه عدد كبير من النواب السابقين والحاليين حول الفساد المستشري في اقتصاد البلد، بينما كانت ردود الحكومة في كل المرات السابقة تقتصر على النفي والتشكيك فيمن يطرح هذه الأمور ونواياه واحتمال أن يكون الدافع له الحسد ليس إلا·
هذه فرصة أخيرة للحكومة القديمة الجديدة التي إما أن تشرع في محاسبة المفسدين بشكل جدي وتثبت للمواطنين أنها ستحول أقوالها أفعالاً، أو أنها "تقص الحق من نفسها" وتتقدم باستقالتها لعل في الأفق حكومة أكثر كفاءة منها!!!