بقلم: عبدالله النيباري
لم يكن غريبا ولا استثنائيا أن يهبّ شعب الكويت وحكومته لنصرة الشعب اللبناني في محنته والكارثة التي يواجهها، فقد كان ذلك هو دأب الكويتيين شعبا وحكومة في مناصرة الشعوب العربية عندما تعرضت للعدوان والمحن وفي معاركها التحررية من الاحتلال والسيطرة الأجنبية·
واليوم فيما العالم يشاهد المجازر الدموية التي يتعرض لها اللبنانيون جراء العدوان الإسرائيلي الوحشي الذي يمارس العقاب الجماعي ضد اللبنانين وجرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل بقتل البشر أينما كانوا في مساكنهم ووسائل نقلهم ومستشفياتهم ولم يسلم منها شيء حتى مراكز القوات الدولية، وتدمير وسائل الحياة من طرق وجسور ومحطات كهرباء ومصانع ومزارع ومحاصرة لبنان برا وبحرا وجوا ومنع مواد الإغاثة والوقود لخنق اللبنانيين، ما أدى الى دفع لبنان عقودا الى الوراء كما قال رئيس الوزراء فؤاد السنيورة في كلمته البليغة والمؤثرة في اجتماع وزراء الخارجية العرب، بهدف اغتيال لبنان كصيغة اجتماعية وسياسية واقتصادية باعتبارها نقيض صيغة الكيان الصهيوني العنصري ونزعته الفاشية·
أمام هذه المحنة المأساوية التي يعانيها الشعب اللبناني، كان طبيعيا أن يتحرك الشعب الكويتي تعبيرا عن تعاطفه وتضامنه اتجاه الشعب اللبناني فالعلاقة بين الشعبين عميقة متجذرة وحميمة، والكويتيون يذكرون بامتنان واعتزاز موقف لبنان وحكومته برئاسة الدكتور الحصّ عندما أعلنت استنكارها وشجبها لغزو صدام حسين للكويت في الثاني من أغسطس 1990·
وتعبيرا عن هذه المشاعر تحرك الشعب الكويتي بجميع فئاته بتشكيل لجان المناصرة والتضامن، وتحركت لجان ومؤسسات الإغاثة الموجودة وعلى رأسها جمعية الهلال الأحمر واللجنة الشعبية للتبرعات في استقبال مساهمة المواطنين والمؤسسات الوطنية لتوفير مواد الإغاثة وإيصالها الى لبنان ومساعدة جمعيات الإغاثة هناك·
كما تحركت الجمعيات الأهلية والتجمعات السياسية بالدعوة للقاءات الشعبية والجماهيرية والمسيرات تعبيرا عن مشاعر التضامن وشجب العدوان الإسرائيلي وسنده الأمريكي·
وكذلك موقف الحكومة الكويتية في تبني الموقف السياسي الداعم لموقف الحكومة اللبنانية ومقترحها ذي النقاط السبع الذي التفّ الشعب اللبناني وراءها·
كما بادرت الحكومة بالإعلان عن تخصيص المبالغ المالية مساهمة في تضميد جروح لبنان والإسهام في إعادة الإعمار·
وكذلك كان موقف مجلس الأمة في تخصيص جزء من الجلسة الطارئة لمناقشة ما يتعرض له لبنان من عدوان واستنكار وإدانة الحرب التي تشنها إسرائيل، وموقف الولايات المتحدة المعادي لكل القيم الإنسانية والمستهين بحياة البشر وعلى الأخص العرب والمسلمين تحت شعار محاربة الإرهاب الذي ما نشأ إلا كرد فعل على مساندتها للسياسة العدوانية الصهيونية·
وكنا نتمنى لو لم ينحرف بعض الأخوة من أعضاء مجلس الأمة في التعبير عن مشاعرهم ومواقفهم الى استخدام الألفاظ النابية والشتائم الشخصية مما خدش الصورة الزاهية والرائعة للشعب الكويتي وقلل الأهمية السياسية لمضامين الخطاب في المجلس وكان الأجدى التمسك بالخطاب الرصين في الإدانة السياسية والاستنكار وهو مضمون أمضى وأبلغ أثرا في الرأي العام العالمي الذي نقصد إيصال الرسالة له، كما إن ذلك الإنجراف قد أعطى فرصة لأصحاب المواقف المنحازة للسياسية الأمريكية وحلفائها من محاولة فتح ثغرات في الموقف الوطني والإنساني للشعب الكويتي·
إن واجب كل ذوي المشاعر الطيبة تجاه لبنان وجميع القوى الشعبية والوطنية أن تراعي في خطابها ونشاطها تعقيدات الوضع وإعطاء الاعتبار لقلق الكثيرين من استخدام بعض القوى الإقليمية الساحة اللبنانية لتنفيذ أجنداتهم الخاصة وسعي هذه القوى الإقليمية لملء الفراغ السياسي الناتج من ضعف وتخاذل الأنظمة العربية·
إن واجب الجميع في الكويت اليوم تعزيز الجهود الشعبية والرسمية لنصرة الشعب اللبناني وإذا أحسنا إدارة هذه الجهود فهي لن تكون مثمرة في مناصرة لبنان وتضميد جراحه ولكنها أيضا ستنعكس في تعزيز الجبهة الداخلية لتدعيم مسيرة الإصلاح على المستوى الوطني·
