رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 12 يوليو 2006
العدد 1736

بعد معارضة عنيفة لإلغاء حرية الصحافة ..واطلاق يد الفساد
مبارك يهاتف ويلغي الحبس في مادة واحدة

·         حقوقيون: الاتصال الهاتفي يكشف صورية مجلس الشعب

·         المعارضة: نريد الغاء الحبس في كل المواد

 

القاهرة - خاص بـ"الطليعة":

حدث تطور جديد في معركة الحريات الصحافية بين الحكومة المصرية والقطاع الصحافي وبقية مؤسسات المجتمع المدني، فبعد أن أقر مجلس الشعب من ناحية المبدأ يوم السبت الماضي التعديلات على قانون النشر القاضية بفرض عقوبات بالحبس على ما يسميه القانون جرائم النشر، وأهمها الطعن في الذمة المالية، ومهاجمة رؤساء وملوك الدول الاجنبية، وما اثاره هذا الاقرار من معارضة عنيفة في الاوساط الصحافية وفي اوساط احزاب المعارضة، اتصل الرئيس حسني مبارك هاتفيا برئيس مجلس الشعب د· فتحي سرور خلال جلسة الاثنين المخصصة لاقرار التعديلات، وطالبه بالغاء عقوبة الحبس على جرائم الطعن في الذمة المالية، ومضاعفة الغرامة المالية بدلاً من ذلك·

واثر ذلك أعلن د· مفيد شهاب وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية امام اعضاء المجلس أن الرئيس مبارك كلف الحكومة ان تنقل للمجلس قراره بقصر العقوبة في قضايا الطعن في الذمة المالية على الغرامة المالية وحدها وإلغاء عقوبة الحبس· ووجدت هذه المبادرة التي اعتبرت استجابة لمطالب المعارضة ترحيبا متحفظا من قبل اعضاء المعارضة في مجلس الشعب الذين عبروا عن املهم في إلغاء عقوبة الحبس من كل المواد التي تتضمنها ورأى حمد ين صباحي مثلاً، ان الدرس الذي اكدته البادرة هو ان تدخل الرئيس يحقق مالم يستطع المجلس تحقيقه، وهذا معناه ان الرئيس هو الذي يشرع!

على صعيد الاوساط الصحافية، رحب عدد من اعضاء نقابة الصحافيين بهذا التدخل لالغاء عقوبة الحبس في مادة الذمة المالية، الا انهم رفضوا في الوقت نفسه مضاعفة العقوبة وفقاً لهذه المادة، وطالبوا بضرورة إلغاء العقوبة على الطعن في الذمة المالية شكلاً وتفصيلاً· وقال بهي الدين حسين مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان ان اتصال الرئيس مبارك برئيس مجلس الشعب يفضح الوضع الصوري لمجلس الشعب، وانه مجرد ديكور ملحق بالسلطة التنفيذية·

نواب الحزب الوطني الحاكم حاولوا الدفاع عن استجابتهم السريعة لهاتف الرئيس، بعد ان كانوا يقفون بعنف وراء فرض عقوبات الحبس بحق الصحافيين قبل يوم واحد فقط، بالقول انهم كانوا يناقشون ·· موضوع العقوبات، وانهم لم يكونوا ضد الحريات الصحافية ·· إلخ· وكانت الايام القليلة الماضية التي سبقت هاتف الرئيس قد شهدت مايشبه انتفاضة عارمة ضد ادخال هذه التعديلات التي تفرض عقوبة الحبس علي ما يسمى جرائم النشر في الكثير من المواد·

فقد احتجبت يوم الاحد الماضي عن الصدور  20 صحيفة مصرية، حزبية ومستقلة لمدة يومين احتجاجا على إقرار مجلس الشعب المصري مبدئيا تعديلات اقترحتها الحكومة على قانون العقوبات لما يدعى جرائم النشر، وهو قانون قديم صادر في العام 1937، أي قبل سبعين سنة، وكان من المؤمل حسب وعد سابق للرئيس المصري أن تتضمن التعديلات تحقيق المزيد من الحريات الصحافية، لا أن تضيف قيودا جديدة·

المفاجأة أو المباغتة حسب وصف صلاح حافظ، أمين اتحاد الصحافيين العرب، أن هذه التعديلات شددت على تكريس عقوبة الحبس في حق الصحافيين، وخاصة في مسألتين، الأولى في ما سماها التعديل القذف في الذمة المالية، والثانية في ما سماها العيب في حق ملك أو رئيس دولة أجنبية، وهما التعديلان الأكثر إثارة للشكوك في مقاصد الحكومة من وراء هذه العقوبات بالحبس·

وفي اجتماعهم الذي قرروا فيه احتجاب الصحف، مع أعضاء مجلس نقابة الصحافيين، أعرب رؤساء تحرير الصحف الحزبية والخاصة عن انزعاج بالغ من الصورة المفزعة لحرية الصحافة التي عكسها مشروع قانون التعديلات، ولا حظوا أنه بالإضافة الى إسقاط وعد الرئيس بمنع الحبس في قضايا النشر، تمت مضاعفة الغرامات، واستحدثت تهمة جديدة فضفاضة هي الطعن في الذمة المالية وعقوباتها الحبس وجوبيا، وهو ما يعني بالدرجة الأولى حماية الفساد والمفسدين وتحصين أفعالهم في مجال نهب المال العام بعيدا عن الرقابة الشعبية، وإهدار قواعد المحاسبة والشفافية· وكان د· رفعت السعيد رئيس "حزب التجمع" قد وصف التعديل الذي خص القذف في الذمة المالية بعقوبة الحبس دون غيرها من جرائم القذف حسب تعبير القانون، بأنه يوحي بوجود نية لإضفاء حماية معينة على اللصوص·

وكان خمسة من نواب مجلس الشعب قد تقدموا باقتراحات بمشروعات قوانين لإلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر، واستمد النواب الخمسة معظم مقترحاتهم من مشروع القانون الذي أعدته نقابة الصحافيين، ولا حظ النواب أن أخطر ما في مشروع القانون الحكومي، تجريم الطعن في الذمم المالية، أي كشف الفساد المالي، وعدم الفصل بين سلطتي الاتهام والتحقيق، وتحريم مهاجمة الملوك ورؤساء الدول·

وقال نواب حسب ما ذكرت صحيفة "الأهالي" (5-12 يوليو)، إن مشروع القانون يجعل السياسيين وأصحاب الرأي المصريين معرّضين للحبس إذا أهانوا دولة إسرائيل بسبب المذابح التي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني وحتى في حق الشعب المصري، ووجدت هذه المقترحات رفضا من قبل الحكومة، أو نوابها في مجلس الشعب، بل وهاجم هؤلاء الصحافة وعبروا عن عدائهم للصحافة والصحافيين في جلسة يوم السبت الماضي التي أقرت فيها التعديلات مبدئيا·

ورفضت وكيلة المجلس د·آمال عثمان عقد جلسة استماع مع نقابة الصحافيين، كما رفض رئيس مجلس الشعب أحمد سرور قبول أية اقترحات بمواد جديدة، لأن الوقت لا يسمح! بينما طالب نواب موالون للحكومة بمد عقوبة السجن لتشمل نشر الصور المخالفة للآداب العامة·

وقد أظهرت معركة الصحافة مع هذا الهجوم الحكومي على حرية الصحافة، أنها معركة أوسع من مجرد قانون عقوبات على جرائم النشر، لأن القصد الأساس من وراء هذه التعديلات كما تتناقل الآن أوساط الشارع المصري هو التستر على المفسدين ونهب الأموال العامة، وعلى الصمت المريب الذي تمارسه الحكومة تجاه الأحداث في المنطقة وخاصة جرائم الحرب التي يرتكبها قادة إسرائيل، بما فيها الجرائم التي راح ضحيتها ضباط وجنود مصريون في سيناء، وأخيرا ثمة إحساس عام بأن إقدام الحكومة على كبت حرية الرأي باستصدار قوانين شاذة، ينسجم مع محاولات إيقاف الحراك السياسي الذي يشهده الشارع المصري منذ أكثر من سنتين، والحملة المعارضة لفساد الحياة السياسية، والاعتداء على سلطة القضاء، ومنع الجماهير المصرية من التظاهر والتعبير عن رأيها بالقوة المسلحة·

هاتف الرئيس مبارك الذي جاء مع وصول المعركة الى ذروتها، واتساع مساحة المعارضة، لايبدو انه يغير كثيرا من طبيعة القانون وقيوده التي يفرضها على الحريات بقدر ماهو محاولة لامتصاص جزء من نقمة عارمة، فهو يلغي الحبس في مادة واحدة، ويضع بدله غرامة مضاعفة، ويتجاهل عقوبات الحبس في مواد أخرى·

طباعة  

فيما تتجه معركة الرئاسة لصالح السعدون رغم تأييد الحكومة للخرافي
إبعاد عناصر التأزيم أهم معالم التشكيل الوزاري

 
عندما يتوتر المحتضر
 
خدمة مَنْ؟ وأمن مَنْ؟
 
العلاج في الخارج.. وورطة التوقيت
 
الرئاسة حسمت للسعدون
 
"حدس" وانتهازية المساومات
 
أصدرا بيانين بمناسبة التشكيل الوزاري
 
مجلس إدارة "الصناعة" ينظر في تقرير "تقصي الحقائق"
"الوسيلة".. حسم قريب!!

 
فيما تستمر استقالات الكوادر الكويتية منها
مؤسسة البترول تخالف قرار البيع للمستهلك النهائي

 
جرائم حرب اسرائيلية – غربية
ماهي أسباب الحصار واجتياح غزة؟

 
اتجاهات
 
فئات خاصة