ذكرت في مقالة سابقة أن المستفيدين من الأعضاء في المجلس من وضع الدوائر الانتخابية الحالي سيقاومون التعديل وجلسة يوم السبت الماضي أكدت ما ذهبت إليه، والسبب وبكل بساطة أنهم يعتبرون دوائرهم الانتخابية وناخبيها مقاطعات يتحكمون بها وبمسار التصويت لصالحهم وعلى أسوأ الاحتمالات ستأتي النتائج بعضو من العائلة أو القبيلة والطائفة نفسها، إن بعضا من القبائل والطوائف في الكويت تعتبر أن وضع الدوائر الحالية أصبح حقا مكتسبا يجب ألا يمس وأن تمثيلهم في المجلس التشريعي يجب أن يستمر بالوتيرة والعدد نفسيهما وبالتالي لا يجب أن يتم تعديل الدوائر نحو تقليصها كما أنهم لا يمانعون زيادة عدد الدوائر بحيث تقسم كل دائرة من دوائرهم إلى دائرتين حتى يزداد عدد ممثليهم في المجلس، مع أن أبناء هذه الدوائر يعانون الأمرين من الوضع القائم ولكنهم لا يشعرون والمنتفعون هم أصحاب النفوذ داخل القبيلة والمقربين من العضو وعائلته وبالطبع العضو نفسه أما باقي أفراد القبيلة أو الطائفة فإنهم مجرد رقم يأتي ويدلي بصوته دون أي حق بعد ذلك·
إن السلطة التنفيذية هي المسؤولة عن وضع الدوائر الحالي حيث أتت بنظام للدوائر على أسس واعتبارات طائفية ومذهبية وقبلية، وجاءت نتائج هذا النظام بعد تعديل نظام الدوائر العشر السابق بمساوىء كثيرة دون أدنى محاسن تذكر على الوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الكويتي وانتشرت من جراء ذلك ظاهرة شراء الأصوات والوساطة وخرق القوانين والقرارات والمواقف الانتهازية التي لا ينظر من خلالها لمصالح الوطن العليا إنما لمصالح الأعضاء الانتخابية والمزايدة الشعبية لكسب أكبر شريحة من الناخبين وضاعت جهود المخلصين وسط هذه الأجواء بالنفاق السياسي والمزايدة والصفقات السرية·
نعم الكل يريد تعديل الدوائر الانتخابية، ولكن لا نريده تعديلا يحمل كل مساوىء الماضي ولا نريده أن يراعي القبائل والعوائل والطوائف والمذاهب إنما نريده فقط أن يراعي مصلحة الوطن، نريده تعديلا يتماشى مع القيم الديمقراطية الحقيقية وليس نظام محاصصة، نريده تعديلا عادلا في نسب توزيع الناخبين في كل دائرة·
إن إعطاء المرأة حقها السياسي كاملا وتعديل الدوائر وتقليصها سيساعد على التخلص من كل ظواهر الماضي الشاذة وسيتمكن المواطن في المستقبل القريب من التمتع بجميع حقوقه الدستورية دون تدخل أو وساطة أحد وعليه أن يقوم بكل الواجبات الملقاة على عاتقه تجاه الوطن وسيساهم بتطور وتقدم وطنه وبدعم خطط وبرامج التنمية، وسيتفرغ عضو مجلس الأمة الجديد بعد التعديل لمهام التشريع والرقابة وسيكون قراره متوازنا مع مصالح المواطن والوطن وليس على حساب الوطن كما يجري في الوقت الحاضر، لكن هل سيتمكن الإصلاحيون من التعديل أم أن أصحاب المصالح والمستفيدين من بقاء الوضع سينتصرون في النهاية، وهم لا شك أقوياء وأصحاب نفوذ ولديهم العدد والمال!
وفي النهاية أعتقد أنه لن يتم تعديل الدوائر الانتخابية الحالي إلا إذا وجد مقترح جديد يراعي مصالح أغلبية أعضاء المجلس الحاليين فيما يتعلق بتقسيم المناطق ولن يكون هناك وضع أفضل وأنسب من نظام الدوائر الحالي الذي يرضي طموح ومصالح الأغلبية من أعضاء المجلس فإن كانت مصلحة الوطن غائبة فإن مصالحهم هي الباقية فالتأجيل ليس آخر المطاف بل البداية· |