رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 12 رجب 1426هـ - 17 أغسطس 2005
العدد 1691

الاستراتيجية الصينية لتحقيق الأمن النفطي
عبدالعظيم محمود حنفي*

ظلت استراتيجية الموارد الطبيعية جزءاً هاماً من الاستراتيجية الجيوسياسية العالمية، وبالتالي بات الأمن النفطي قضية من القضايا ذات الأسبقية التي توليها جميع دول العالم جل اهتماماتها عند دراستها للقضايا المتعلقة بأمنها الاقتصادي وأمنها القومي· إذا أخذنا الموارد النفطية وقارناها بإجمالي حجم استهلاك الطاقة على المستوى العالمي، نجد أن النفط هو بالفعل شريان الحياة لاقتصاديات جميع الدول في العالم دون استثناء، سواء كانت متقدمة أو نامية·· الصين، منذ تسعينات القرن العشرين، واقتصادها يشهد نمواً سريعاً، مما ترتب على ذلك زيادة حجم طلبها لمصادر الطاقة والمواد الخام، وخاصة على النفط· واليوم يواجه الأمن النفطي الصيني مشاكل على الصعيدين الداخلي والخارجي، في آن واحد· فعلى الصعيد الداخلي عدم قدرة المصادر النفطية والغازية المحلية على الإيفاء وتلبية حاجات ومتطلبات التنمية الاقتصادية، وأن نظام احتياطها النفطي الاستراتيجي لم يتشكل بعد· وعلى المستوى الخارجي، مازالت الصين تعتمد إلى درجة خطيرة على النفط المستورد لتغطية احتياجاتها، مما يعود بمخاطر دفينة على أمنها النفطي·· فمنذ عام 1993، وبعد أن أصبحت الصين مستورداً صافياً للنفط، ارتفعت نسبة اعتمادها على الخارج إلى 8.33 في المئة عام 2000 بعد أن كانت 6.7 في المئة فقط عام 1995· ووفقاً للمعلومات المتاحة فإن إجمالي حجم الاستهلاك الصيني من النفط يقدر بنحو 241 مليون طن عام 2002، منها 167 مليون طن من الإنتاج المحلي و7180 مليون طن تم استيراده من الخارج· ومن المتوقع أن يصل الطلب الصيني على النفط إلى 450 مليون طن على أقل تقدير عام 2020·

وعلى الرغم من تباين التوقعات بين المصادر الصينية والأجنبية حول كمية إنتاج الصين للنفط وحجم الطلب عليه على مدار العشرين سنة القادمة، إلا أنهما يتوقعان بالإجماع أن إنتاجها النفطي لا يمكن أن يسجل ارتفاعاً كبيراً ما لم يكن هناك اكتشافات نفطية هامة وتقدم تكنولوجي خارق، وأن إنتاجها النفطي يصعب عليه أن يتجاوز 200 مليون طن في أوج مستوياته الإنتاجية وذلك قبل أو بعد حلول عام 2010، وأن استهلاكها المستقبلي من النفط سوف يتصاعد باستمرار على الأساس الذي هي عليه اليوم، وأن درجة اعتمادها على النفط المستورد سترتفع أكثر، وأن أمنها الخاص بالإمداد النفطي قد بات قضية ذات أهمية استراتيجية هامة بالنسبة إلى مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الصينية·

ويتضح مما سبق أن اختلال معادلة الطلب والعرض للنفط الصيني قد أصبح حقيقة لا يرقى إليها جدال خلال القرن الحادي والعشرين· وقد أجمع الخبراء الصينيون والأجانب على أنه في حال تجاوز حجم الواردات النفطية لأي بلد من بلدان العالم حدود 50 مليون طن، فإن أداءه الاقتصادي المحلي سيتأثر سلباً بحركة الأسعار في الأسواق الدولية، وفي حال تجاوزه 100 مليون طن، فعليه التفكير في ضمان أمن إمداده النفطي عبر الإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية·

إن المشكلة الأساسية التي يعاني منها الأمن النفطي الصيني تتمثل في التزايد الهائل على طلب النفط واعتمادها المفرط على النفط المستورد··· وستشتد، خلال العشرين سنة القادمة، حدة الصراع الدولي على الموارد النفطية كلما تغيرت معادلة العرض والطلب للنفط في الأسواق العالمية··· وإذا نظرنا إلى النفط باعتباره مجرد مورد من الموارد الطبيعية فمن المتوقع أن معادلة العرض والطلب للنفط خلال العشرين سنة القادمة ستبقى على نحو عام في حالة توزان، وأن الصراع الدولي حول الموارد النفطية سيتركز في منطقة الشرق الأوسط - إفريقيا، وأسيا الوسطى - روسيا·

وفي إطار ذلك تعمل الصين على انتهاج استراتيجية تقوم على الأسس التالية:

- السعي بكل جهد إلى بناء نظام مستقبل من الإمدادات النفطية عالمياً· عن طريق تكثيف الحوارات السياسية والدبلوماسية مع الدول المنتجة للنفط، وتقيم معها علاقات استراتيجية، وتطور التعاون المتعدد الأطراف معها من اجل تهيئة الظروف المؤاتية والبيئة الدولية الملائمة للقطاع النفطي المحلي للمشاركة في النشاطات الدولية·

- تأييد المؤسسات المحلية في تطبيق استراتيجية "تخطى عتبة البلاد"· وفي المستقبل المنظور فان منطقة الشرق الأوسط ستظل مصدراً رئيساً للواردات الصينية من النفط في القرن الحادي والعشرين، لذلك ترى الصين أن عليها تعزيز علاقات الصداقة التقليدية القائمة مع دول المنطقة، وحركة التبادل التجاري والاقتصادي معها، وأن نرفع مستوى التجارة البينية معها، وأن تسعى إلى بناء مجموعة تكامل للمصالح المشتركة·

- أما بالنسبة لروسيا ومنطقة آسيا الوسطى فترى الصين ضرورة تفعيل دور منظمة تعاون شنغهاي إلى أقصى حد ممكن، وتعزيز التعاون في مجال الطاقة مع دول آسيا الوسطى وروسيا، وبذل المساعي الحثيثة من أجل بناء مصدر نفطي مستقر في ظل ما ترى الصين أنها تتمتع به من موقع جيوغرافي موات·

- وفي ذات الوقت ترى الصين أن عليها أن تبادر في طرق الأبواب، وتعزز علاقاتها مع دول أمريكا الجنوبية وإفريقيا سعياً وراء تحقيق تنوع المصادر النفطية·

- تفعيل آلية التعاون الاستراتيجي مع أهم الدول المستهلكة للنفط ومنظمة الطاقة الدولية· وذلك استناداً إلى أنه على الرغم من أن أهم الدول المستهلكة للنفط تتنافس فيما بينها على الموارد النفطية، إلا أن هناك مصالح مشتركة تربطها مع بعضها في مجال حماية استقرار السوق النفطي العالمي والمحافظة على مستوى منخفض لأسعاره·· خاصة بعد انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية - تربطها بالدول الغربية الكبرى مصالح مشتركة وثيقة، مما يترتب عليها العمل على تهدئة التباين والخلاف الخاص بالأمن النفطي قدر المستطاع مع هذه الدول بما يساعد الصين بكل تأكيد في مجال تحقيق أمن الإمداد النفطي·

* خبير الدراسات الاستراتيجية - جامعة القاهرة

�����
   

"البدون" صداقة مع المعاناة:
ناصر الخالدي
مخبولة بروكلين!:
أحمد حسين
العراق بين رؤيتين:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
عوّرت قلبي يا هادي:
على محمود خاجه
المنافذ... يا معالي الوزير؟!:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
النقد بين الموضوعية والرأي الشخصي:
مشاري الصايغ
هل هناك من أمل؟:
عامر ذياب التميمي
السودان بعد قرنق:
د. محمد حسين اليوسفي
منتدى جمال الأتاسي آخر منافذ التهوية:
يحيى علامو
كفاكم رهانا على شارون:
عبدالله عيسى الموسوي
الاستراتيجية الصينية لتحقيق الأمن النفطي:
عبدالعظيم محمود حنفي*
دور القمة العربية في مكافحة الإرهاب:
عبدالله العبدالعالي
آفاق جديدة في نظرية الديمقراطية المبادرة أمريكية:
راشد الرتيبان*
مواردنا البشرية..:
محمد جوهر حيات