لاري تشن:
مع وقوف العالم الآن على مبعدة سنة كاملة من ذروة منحدر الغاز والنفط (حسب أقوال الجيولوجيين من أمثال كينث ديفييس) ليس من المستغرب رؤية تصاعد حدة التوترات الجغرافية - السياسية بسرعة في بضع مناطق غاز ونفط رئيسية، حيث تكثف القوى الكبرى وشركات الطاقة العملاقة المتعددة الجنسيات (تدعمها قوى أممها العسكرية والمخابراتية) صراعها على موارد الطاقة الباقية·
فوضى في تركمانستان
لقد أضيف الى الأزمة التي تزداد سوءاً في الشرق الأوسط (العراق ولبنان وفلسطين وإيران وسورية والعربية السعودية) وآسيا الوسطى (أفغانستان)، والفوضى المتواصلة الناجمة عن الاحتلال الأنجلو - أمريكي، وفاة الرئيس التركمانستاني "سابارمورات ينازوف" فجأة، تاركاً فجوة وفراغ سلطة خطرا في تركمانستان الغنية بالنفط والغاز، وواضعاً في مهب الريح دور طرف رئيسي في لعبة "رقعة الشطرنج العظمى"·
كانت "تركمانستان" في ظل "ينازوف" أحد اللاعبين الاستراتيجيين الأساسيين في حرب الموارد الدائرة حول منطقة بحر قزوين وآسيا الوسطى التي تكشفت عن طراز دموي منذ أواخر التسعينات· وهي حرب فصلتها عدة كتب صدرت في السنوات الأخيرة، مثل كتاب "طالبان" الأحمد رشيد، و"حرب أمريكا على الإرهاب" لد· ميشيل تشودوفسكي، و"عبور الريبكون" لمايكل روبيرت، بالإضافة الى كتاب "رقعة الشطرنج العظمى" لزبيغنيو بريزنسكي أحد مستشاري الأمن القومي الأمريكي السابقين·
موقع تركمانستان مركزي في استمرارية عسكرة المجاز الأوروبي - الآسيوي، وفي الصراع على خط الأنابيب الأوروبي - الآسيوي الاستراتيجي وطرق المواصلات، وقد انخرطت تركمانستان في سنوات السياسات المتداخلة والعمليات ذات الصلة بالحادي عشر من سبتمبر، وهذا هو السبب في أن منطقة بحر قزوين / البحر الأسود وآسيا الوسطى ذات الأهمية الحيوية عرفت ككل باسم "خط أنابيبستان" (Pipelinestan)·
وقد ظلت سياسة الولايات المتحدة في هذه المنطقة متسقة طيلة العقد الماضي، وهو اتساق عبر عنه د· تشودوفسكي بالقول "إن سياسة الولايات المتحدة متسقة في الإخلال باستقرار منافسيها وتقويضه في نهاية المطاف في مجال النفط بما فيها روسيا والصين"· وفي "إقصاء روسيا عن مسار أنابيب النفط والغاز المتجهة غرباً انطلاقاً من حوض بحر قزوين، ولكن تأمين السيطرة الأنجلو - أمريكية أيضا على مسارات الخطوط المتجهة جنوباً وشرقاً"· حسب تغطية "بيبي أسكوبار" ومحللين آخرين يتابعون حرب الطاقة في "آسيا تايمز"، فإن إيران وروسيا أصبحتا أكثر اللاعبين الإقليميين حول خطوط الأنابيب هيمنة في السنوات القليلة الماضية، محققتين بذلك مزايا مهمة أكثر مما حققه الغرب واحتكاراته النفطية·
ومن هنا لم تكن مستغربة عدوانية حكومة بوش المتصاعدة (بما في ذلك غزوها للعراق واستهداف إيران) في ضوء خلفية هذا الفشل في الصراع على خطوط الأنابيب الآسيوية· ومن المؤكد أن العمليات السرية، بالإضافة الى "المفاوضات على مستوى عال"، ستتكثف في أعقاب موت "ينازوف"، مجهزة بذلك المسرح لمعركة سياسية أخرى في "تركمانستان" بين الغرب (بقيادة الولايات المتحدة وحكومتي بوش - بلير) وروسيا والصين والمنافسين الإقليميين·
الحرب في الصومال
وفي الوقت نفسه، وفي مسارح غنية بالطاقة رئيسية أبعد جنوباً عبر الخليج الفارسي والبحر الأحمر، تقف الصومال على حافة حرب، وتتعرض لغزو إثيوبي· ولم تلق هذه الأزمة الحقيقية إلا تغطية ضئيلة في وسائط الإعلام الأمريكية· لقد ظلت الصومال، ومنطقة القرن الإفريقي الأوسع، موقعاً لصراع جغرافي - سياسي هائج، وضراوة المصالح الأجنبية لسنوات عديدة، وأكثرها جدية منذ ربيع العام 2006·
حروب طاقة باردة وساخنة
ومع التأثير المشلول شللاً منظماً لذروة النفط والغاز، جاعلة الشعور بها يزداد ضغطاً، ستنخرط القوى العالمية الكبرى المتنافسة، وكذلك اللاعبون الأصغر في أعمال أشد عنفاً وهياجاً واعتباطاً في مختلف أنحاء العالم· وسيصل الأمر، كما لاحظ مايك روبيرت، الى أمرين: أولا: لمنع انقراض الجنس البشري يجب تخفيض عدد سكان العالم بحيث لا يتجاوز أربعة بلايين نسمة، وثانيا، وبخاصة منذ 11/9 تم القبول بهذا الواقع سراً ويقوم قادة العالم بتنفيذه·
* المصدر: www.globalresearch.ca (23 ديسمبر 2006)