قانون المطبوعات والنشر.. إعادة نظر
إعداد: مظفر عبدالله
توجهنا بهذا السؤال الى المحامي لبيد عبدال ونصه : أنه قد تبين من تطبيق قانون المطبوعات والنشر الجديد مدى قوة حجة الذين تخوفوا من بعض بنوده وأهمها الغرامات الباهظة وأحكام السجن على الصحافيين·· فما هي الطريقة المثلى برأيكم لتحسين القانون المذكور وبما يكفل حرية الصحافة؟ فأجاب بالآتي:
· قد يلجأ بعض من كتاب الصحافة الى التعرض بالقدح لكثير من الناس ومعتقداتهم بل قد تصل الى ازدراء فئة على حساب أخرى وهو ما يكون فيه أبلغ الآثار السيئة على وحدة المجتمع والحفاظ على هويته ونسيجه الاجتماعي المترابط على مر السنوات بدولة الكويت·
إلا أننا نرى أن القانون رقم 3 لسنة 2006 المعدل للقانون رقم 3 لسنة 1961 بإصدار قانون المطبوعات والنشر لا يخلو من المساس بكرامة الكاتب ورئيس تحرير الصحيفة أو المجلة فيما يتعلق بالفصل الثالث في شأن العقوبات، لا سيما فيما يتعلق بالنص على عدم الإخلال بأية عقوبة أشد وردت بقانون آخر فضلا عن المبالغة في الغرامات التي قد يقضي بها والتي لا تقل عن خمسمئة دينار، ولا تجاوز ألف دينار· وإذا ما تضمن المطبوع ما يتعارض مع المصلحة الوطنية أو كان يخدم هيئة أو دولة أجنبية أو يمس النظام الاجتماعي أو السياسي بالكويت فلا تقل الغرامة عن ثلاثة آلاف دينار ولا تزيد على عشرة آلاف دينار، وهذا النص قد يجعل أي مدع سواء أكان في وظيفة عامة أم أي سلطة من سلطات الدولة، بأن يقول إن ما أتى به الكاتب يتعارض مع المصلحة الوطنية، ولمجرد هذا الاحتمال يتم إحالة الكاتب الى النيابة العامة وفقا لما تنص عليه المادة "23" من القانون المشار اليه وقد يتم حبسه احتياطيا على ذمة التحقيق الى أن يثبت العكس وهو ما يقلب القاعدة العامة ويصبح الصحافي دائما مدانا حتى تثبت براءته، وهذا ما سوف يؤدي الى الأحجام عن التعرض للأمور العامة في شتى نواحيها خوفا من المساءلة وخشية من كثرة الشكاوى الكيدية وفق كل الميل والهوى وهذا ما يعود بنا الى ردة في حرية الصحافة وبالتالي تكميم الأفواه·
ونرى من منطلق الحرص على الموازنة بين حرية الصحف في التعبير وبين عدم التعرض للناس بالقدح والسخرية والازدراء أيا كانت المسألة أن تنشأ لجنة لنظر المخالفات الصحافية بجمعية الصحافيين، بحيث يكون تشكيلها من عدد من المعنيين بالأمر لفحص الشكاوى قبل إحالتها الى النيابة العامة، والتأكد ما إذا كانت تندرج تحت ما ينص عليه القانون من مخالفات محظورة من عدمه ثم سؤال كاتب المقال عما بدر منه ولا يوجد ما يمنع من الاسترشاد بسؤال مقدم الشكوى والوقوف على وجهة نظره تجاه ما ورد بالمطبوع، وإذا استطاعت اللجنة المشار إليها من أن تنهي الموضوع صلحاً فتكون أشبه بلجان فض المنازعات تقوم بتخفيف العبء على جهات التحقيق من جهة وفي الوقت ذاته ترشح الشكاوى مما يشوبها من الكيدية من جهة أخرى قبل إحالة الصحافي والمسؤولين في الجريدة الى النيابة العامة·
ومن جانب آخر أرى بلزوم إعادة هذا القانون الى مجلس الأمة لمناقشته من جديد في ضوء الانفتاح الإعلامي وعصر الفضائيات التي لا يحدها حد مع أخذ آراء الصحافيين والجهات المهتمة بالأمر لإعادة التفكير في المواد التي تحيل الى توقيع العقوبات الى قوانين أخرى أسوة بما تم فعله بدول العالم من إلغاء المادة التي كان يراد إضافتها الى قانون الصحافة والتي تقضي بحبس الصحافيين، وتخفيف الغرامات المقضي بها الى حد المعقول، مع حفظ حق المضرور في ما إذا ثبت بيقين أمام المحكمة المختصة سوء نية متعمد من جانب كاتب المقال في أن تزداد التعويضات المقضي بها لمن أسيء اليه وحينئذ يلزم بها الصحافي والجريدة التي يعمل بها ونشرت الخبر على صفحاتها بالتضامن فيما بينها وبالتالي نكون قد وازنا بين الحقين في التعامل·