كتب محرر الشؤون القانونية:
استغربت الأوساط المتابعة لقضية "الناقلات" التي تجاوزت 12 عاماً ولم يحاكم على أساسها أحد، استغربت السكوت التام عنها وكأن العلاج الوحيد المؤمل للكويتيين الذي آلمهم سرقة مليارات من أموالهم في وقت كانت دولتهم قد مسحت عن الخريطة، هو النسيان الذي يتكفل به الوقت·
القضية مرت بفترات انتعاش من جهة المتابعة السياسية - القانونية لها، لكنها عادت ودخلت حالة الغيبوبة السياسية مرة أخرى، وكانت المرة الأخيرة التي أثيرت فيها خلال الفصل التشريعي الماضي عندما أثارها النائب محمد الصقر مهدداً وزير العدل بالاستجواب إن هو لم يقدم التقارير المقررة كل ثلاثة أشهر كما قرر المجلس في فترة سابقة·
وتقول الأوساط المتابعة إن القضية وعلى الرغم من وضوحها ومن اعتبارها "جدية" للعرض على محكمة الوزراء وعلى الرغم من كسب الكويت قضايا مرتبطة بها في كل من بريطانيا وأسبانيا وعلى الرغم كذلك من اعتقال أحد المتهمين فيها وإمكانية اعتقال البقية، إلا أنها كانت قد تأثرت بالأجواء السياسية الخاصة· ففي أوقات التوتر بين أجنحة الأسرة كانت تتمتع بتوازن القوى بين الطرفين القويين، وعندما تغيرت الموازين كادت أن تعصف بالمتهم الكبير الى أن تسربت معلومات عن تسوية على مستوى كبير تدخلت فيها أطراف عدة نتج عنها، كما يشاع، تخلي المتهم الكبير عن شخصية مهمة غير مرغوب فيها من قبل الطرف الآخر، يضاف لذلك تغيير كبير في مواقف الجهات التي المحسوبة على المتهم الكبير من عداء سافر الى علاقة حميمة أقرب الى الانقلاب التام· من جانب آخر تقول الأوساط إن المتهم الأكبر "حط في بطنه بطيخة صيفي" واطمأن الى بقاء القضية في حالة جمود أو تجميد·
المتغير الجديد هو نتائج انتخابات مجلس الأمة الأخيرة التي تغيرت فيها موازين القوى من جانب آخر، حيث تمكنت القوى الشعبية من إسقاط عدد كبير من مؤيدي الحكومة كما فرضت عليها قانون تعديل الدوائر، وأصبحت الحكومة في وضع أضعف بكثير من أي وقت مضى في إطار علاقتها مع مجلس الأمة، هنا تساءلت الأوساط عن احتمال إثارة القضية مرة أخرى من قبل نواب كثر مهتمين بقضايا الأموال العامة وبخاصة أن بواكير مواجهة كبيرة بين هؤلاء الأعضاء وعدد من الوزراء بدت تطفو على السطح·
وتضيف الأوساط، أن إثارة قضية الناقلات مرة أخرى أمر شبه أكيد قد يتزامن مع طرح قضايا متعلقة بمشاريع الـBOT التي نشر عنها ديوان المحاسبة تقريراً مفصلاً بين فيه أشكال التلاعب الكبير في أملاك الدولة، لذا تتوقع الأوساط أن يكون الموسم السياسي القادم ساخناً جداً على أكثر من جبهة، إلا أن الناس لن تصدق جدية الحكومة أو النواب إلا إذا تمكنا من حسم بعض هذا القضايا ومحاسبة المدانين فيها، وعلى رأسها قضية الناقلات·
جدير بالذكر أن نواب المجلس وبعد تعديل الدوائر الى خمس لم يعد يكفي أحدهم للفوز مجرد تخليص معاملات أو علاقات شخصية وزيارات دواوين، الأمر يحتاج الى مواقف وطنية واضحة من قضايا الناس، وهذا ما سيتسابق عليه النواب، على ما يبدو·