رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 24 مايو 2006
العدد 1729

تحليل سياسي
مشاورات سرية في دافوس

كتب محرر الشؤون الدولية:

الاسم الأصلي للمنتدى الذي انعقد طيلة ثلاثة أيام في منتجع شرم الشيخ هو " المنتدى الاقتصادي العالمي"، ولكن غلبت على هذا المنتدى تسمية "منتدى دافوس" نسبة للمدينة السويسرية التي شهدت قيامه ومعظم مؤتمراته، أو شهدت وضع الخطوط العريضة لآلية حركته وتوجهاته·

ويبدو أن "سويسرية" المنتدى، أي علاقته بعالم المال والاقتصاد كانت هي التي تقف وراء الوصف الذي يطلقه عليه البعض، ومفاده أنه منتدى "يحوّل أو يترجم السياسة الى بزنس" انسجاماً مع التيار الشائع والغالب في ترجمة القضايا السياسية والاجتماعية الى قضايا بتعابير رقمية، فمشكلات التحرر من الاستعمار، والتبعية والهيمنة، تترجم الى مشكلات استثمار وتدفق رؤوس أموال، ومشكلات الحرية والديمقراطية تترجم الى مشكلات إطلاق يد القطاع الخاص وتحرير التجارة (من جانب واحد) في مفاصل المجتمعات، ولأن "شرم الشيخ" هو المكان الذي شهد ويشهد عمليات الخيمياء هذه، أي تحويل المعادن من عنصر الى آخر ولكن بشكل معاكس من عنصر ثمين "سياسي" إلى عنصر خسيس "بزنس"· فقد كان مكانا ملائما للقاء غلبت عليه الفعاليات "الاقتصادية" بمعنى أدنى من المعنى المعهود، أي بمعنى "البزنس"، البحث عن الأرباح بأي ثمن، ولو بتحويل جوهر المشكلات السياسية الراهنة وترجمته الى مجرد "صفقات" و"مقايضة"· في هذا الإطار، وفي الوقت الذي لا تغطي فيه وسائل الإعلام إلا ظواهر هذا المنتدى ودعواته الى التعاون والسلام وما إلى ذلك من شعارات، تنشغل أروقته بلقاءات سرية ومشاورات بين عدد من الأطراف· ولأن لكل موسم قضيته، كانت قضية فلسطين هذه المرة نقطة تركيز المشاورات السرية التي دارت في منتدى دافوس بين الشخصيات الصهيونية من أمثال شيمون بيريز وليفني وسلفان شالوم، والشخصيات "الفلسطينية" الباحثة عن التعاون مع هذه الشخصيات، بالإضافة الى المضيفين، أي النظام المصري· ومن التصريحات أو التلميحات القليلة، فُهِم أن محور المشاورات السرية دار حول كيفية إطباق حصار ناجح على الحكومة الفلسطينية الجديدة التي لا تفهم أو لا تريد أن تفهم لغة "البزنس" التي أشاعتها اتفاقيات أوسلو وما تلاها من اتفاقيات، وخرجت على النص المكتوب، وفي هذه المشاورات السرية كان المنطلق هو رؤية الرئيس المصري للقضية الفلسطينية بوصفها "بؤرة توتر" مثلما رأى احتلال العراق والصراع على ثروات دارفور بؤرا للتوتر، وفلسطين كبؤرة توتر تعني باتفاق الأطراف الثلاثة بتعبير وزير خارجية إسرائيل "ليفني" "أن حماس جماعة إرهابية"، وإزالة التوتر تقتضي، أنها لا يجب أن تحظى باعتراف دولي" من جانبه لم يجد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، غضاضة في الاستماع الى هذا التوصيف أو التكييف للقضية الفلسطينية بلا تعليق، والطلب من الصهاينة حسم هذا الأمر بضربة واحدة، أي "باستئناف مفاوضات السلام" معه ومع فريقه، والوصول الى "قضايا الحل النهائي"· من هنا يتجسد في مشاورات دافوس السرية مبدأ "إقامة قناة اتصال وتعاون من دون المرور بالحكومة الفلسطينية المنتخبة"· تلك التي لم يوجه رئيس المنتدى "كلاوس شواب" دعوة الى أي شخصية منها الى المؤتمر، وترك الأمور كما قال للرئيس الفلسطيني لكي يقرر من يصطحب معه، وهكذا كان، فاصطحب هذا معه الفريق نفسه الذي يرضاه الصهاينة وينظرون اليه كفريق متعاون أو "مقاول من الباطن" حسب تعبير "رابين" مطلق ما تسمى "عملية أوسلو"·

تحت سقف "دافوس" إذن، لن تجد المنظمات المدنية المدافعة عن الحقوق الوطنية وعن الحريات والديمقراطية مكانا، ولن تجد الحركات المطالبة بالتحرر من الاحتلال والهيمنة وحروب الإبادة مكانا، وما يطلق عليها منظمات القطاع الخاص المدعوة الى المؤتمر، والتي تشغل وقت اجتماعاته وأروقته هي شركات مالية تصدر بيانا تطالب فيها مثلا "بإزاحة الحكومة الفلسطينية المنتخبة" لأنها عقبة في طريق "البزنس"، كما فعلت مؤسسات قطاع خاص فلسطينية تشابكت مصالحها مع مصالح الاحتلال الإسرائيلي في دافوس الأخير، أو تطالب فيها بفتح الأسواق ومكامن الثروات الطبيعية أمام الاحتكارات الدولية، كوسيلة من وسائل القضاء على "بؤر التوتر"، كما هو الأمر في تداول موضوع "دارفور"·

على صعيد آخر، يمكن أن تفهم طبيعة منتدى دافوس بمقارنته مع "المنتدى الاجتماعي العالمي" الذي أقامته مئات من منظمات المجتمع المدني المطالبة بالحرية والديمقراطية وتنمية البلدان المستعمرة سابقا وحاليا، ويضم رؤساء دول بارزين من القارة الأمريكية اللاتينية "خاصة" وبالمقارنة، يبدو منتدى دافوس، منتدى "للبزنس"، بينما يبدو ذلك المؤتمر الاجتماعي مؤتمرا" للتحرر" وكلاهما على طرفي نقيض·

طباعة  

فيما يرى نواب الحكومة و(الثلاثي + واحد) أن الحل نهاية المطاف
الإصلاح ومحاربة الفساد شعار الحملة الوطنية في الانتخابات

 
أما من مخرج أنسب؟
 
قراءة في أسباب طلب الحكومة حل المجلس
 
الثلاثي والأدوار الغريبة!!!
 
"القفز إلى المجهول".. لماذا الخوف؟!
 
مفارقات زمن الردة
 
سجناء غوانتانامو ممنوعون من الحياة.. وممنوعون من الانتحار!
 
الانبعاث الثاني لطالبان:
معارك ضارية وتوتر باكستاني - أفغاني رسمي