كتب سعود العنزي:
في الوقت الذي انتقلت فيه شعوب العالم من الحكم الشمولي الى الديمقراطية، وفي الوقت الذي تحولت فيه السياسة المعلنة للولايات المتحدة الأمريكية من دعم الأنظمة الشمولية الموالية لها إلى دفع هذه الدول الى مزيد من الديمقراطية والمشاركة الشعبية وكفالة الحريات والشفافية، وفي الوقت الذي انفتح العالم على بعضه حتى تحول الى قرية صغيرة يشاهد فيها الإنسان ما يحدث في أصقاع الأرض خلال دقائق من حدوث الحدث ويتفاعل معه، وفي الوقت الذي أتيح فيه لعدد غير مسبوق من البشر التواصل الإلكتروني مع من يريدون ومن دون رقابة وخوف، وفي الوقت الذي لم تعد انتهاكات حقوق الإنسان أمرا مقبولا بحجة السيادة وحق الدولة في التصرف في شأنها الداخلي وفي الوقت الذي هبَّت فيه الشعوب التي اعتبرت نائمة للثورة في وجه الطغيان والحكم الفردي ونالت حرياتها·
في هذا الوقت هناك من لا يزال يفكر في إعادة عقارب الساعة الى الوراء ويسمي ثورة الشباب وهبتهم الوطنية "لعب أطفال" وهناك من يرى أن الوسيلة المثلى للحكم لا تكون إلا بمزيد من سيطرة الدولة وهيمنتها على أنفاس الناس، وهناك من يرى أن الديمقراطية إن أريد لها أن تطبق في بلدنا فلابد أن تكون "مقبولة" وعلى المقاس، وهناك من يرى في الدستور قيدا على رغبتهم في الحكم المطلق، وهناك من لا يرى بأسا من استخدام القوة ضد الناس لقمعهم وإرغامهم على التنازل عن حقوقهم المشروعة، وهناك من لا يزال يفكر بعقلية القرن التاسع عشر·
فهل يا ترى يستوعب هؤلاء أن عجلة التاريخ تسير الى الأمام ولا مجال لإيقافها ومن يصر على ذلك لن يرحمه التاريخ أبدا؟!