إن ردة الفعل غير الطبيعية على مداخلة يوسف النصف بالمؤتمر الاقتصادي الذي عقد في غرفة التجارة والذي تطرق إلى حقيقة تاريخية موثقة في الأرشيف البريطاني ولكن مع الأسف الشديد أصبح البعض لدينا لا يريد أن يسمع أي شيء يذكره بالماضي من هنا أحببت أن أذكر بعض النقاط التي قام بها رجال أفاضل من أهل الكويت ودورهم السياسي والاقتصادي آنداك منذ أن تأسست الكويت حيث تم انتخاب آل الصباح وكان للتجار دور في دعم الحكم من خلال ما يسمى آنذاك "بالقلاطة" كي تستطيع السلطة أن تصرف على الدولة والحروب وغيرها إلى أن جاء حكم الشيخ مبارك الصباح في عام 1896 فكان بالكويت ما يقارب 800 سفينة شراعية وكانوا هم العمود الفقري للبلاد فتجارة الغوص على اللؤلؤ والسفر وبيع التمور واستيراد الأخشاب هي بمثابة النفط في يومنا الحالي وجميع الحاجيات التي تستخدم للمجتمع ولكن طموح الشيخ مبارك الصباح بدخول معارك كثيرة أرهقت الجميع حتى أصدر قرارا يريد أن يمنع من دخول موسم الغوص فاختلف معه ثلاثة من كبار التجار وهم هلال فجحان المطيري وإبراهيم المضف وشملان بن علي الذين قرروا هجرة الكويت وذلك عام 1911 وبعد مرور مدة من الزمن ما لبث الشيخ مبارك الصباح إلا أن قام بزيارة إلى البحرين واسترضى هلال فجحان المطيري وهو أكبر تاجر عرفته الجزيرة آنذاك، بهذه الزيارة والاسترضاء دلالة كبيرة على دور التجار وفي عام 1921 في أول يوم من حكم الشيخ أحمد الجابر تقدمت مجموعة من التجار بطلب بالمشاركة بالحياة السياسية وتكوين أول مجلس استشاري بالمنطقة فكان برئاسة حمد العبدالله الصقر فهذا يعتبر أول تطور سياسي للكويت كما صدر دستور في تلك الفترة الذي ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم إضافة إلى دورهم في بناء المدارس والمساجد وذلك على نفقتهم الخاصة حتى جاء عهد النفط في عام 1946، من هنا بدأت السلطة تتحرر من قيد التجار وتريد الحكم المطلق فبدأت بممارسات كثيرة لتقليص وتهميش دور التجار، وأما الدستور الحالي الذي صدر 1962 فاللجنة التي أعدته ثلاثة منهم من التجار لولا بعد نظرهم لما كان هذا الدستور بصيغته الحالية·
من هنا يتبين لنا لماذا يتآمر هذه الأيام عليه لأنه حقق بعض الشيء من الصلاحيات للشعب الكويتي وجاء "كالعقد الفريد" يضمن حقوق الطرفين الأسرة والشعب·
إن التطور الطبيعي للمجتمع ومع الطفرة المالية التي أعقبت الاستقلال والدور الذي لعبه التجار بتأسيس عدة شركات حيوية حتى جاءت الانتكاسية بما يسمى المناخ "الأول" عام 1976 والمناخ "الثاني" في عام 1982 الذي أنهك الاقتصاد وكسر كثيراً من التجار وأخرج ما يسمى "بالتجار الجدد" الذين تريد السلطة أن تستبدلهم بالتجار القدامى· إن هذا ليس تقولا عليها وإنما واقع فبعد حل مجلس الأمة عام 1986 وبعد التحرك الشعبي سنة 1989-1990 أصدرت عريضة موقعة ترفض المشاركة بالانتخابات والترشيح لما يسمى "بالمجلس الوطني" وكانت تسمى عريضة عبدالعزيز الصقر رحمه الله، لأنها كانت تمثل التجار، ماذا حدث بعد التحرير جميع أصحاب الأسماء الواردة بالعريضة لم يستفيدوا من إعادة إعمار الكويت وذلك عقوبة لهم بل امتد هذا إلى أبعد من ذلك·
إن انتخابات مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة بتاريخ 24/5/1992 تدخلت السلطة فيها لإسقاط قائمة "الأسرة الاقتصادية" وهي مجموعة عبدالعزيز الصقر والهدف من استبدالهم بمجموعة أخرى وما الدور الذي لعبته غرفة التجارة والصناعة من خلال رئاسة المرحوم عبدالعزيز الصقر في كثير من الأمور السياسية والاقتصادية ولكن بعد اعتزاله تردى دور غرفة التجارة والصناعة بعدما كان في السابق يتم استشارتهم بكثير من الأمور ومنها التشكيل الحكومي· فالذي يريد أن يقلل من دور التجار التاريخي وبعد الاستقلال في تأسيس دعائم المجتمع وتطوره السياسي والحضاري فهذا نكران للجميل والوفاء من الإيمان·
"اللهم احفظ الكويت من كل أفاك أثيم"·
yalmubaraki@hotmail.com |