| منذ تولي حمد البحرين وحمد قطر مقاليد الأمور في بلديهما العزيزين والأخبار تتوالى من الجانبين تأخذ منحى إيجابياً يوماً بعد آخر· البداية كانت تنظيم الانتخابات البلدية في قطر والتي شملت المجتمع القطري بجميع فئاته نساءً ورجالاً، كما سمح للمرأة فيها بحق الانتخاب والتصويت معاً· وانتقلت "العدوى" العذبة للديمقراطية إلى البحرين حين شكل أميرها مجلساً لوضع بنود ميثاق وطني ينتقل بهذه الجزيرة الصغيرة مساحة إلى آفاق القرن الجديد، وفي البحرين أيضاً شاركت المرأة في الاستفتاء الشعبي الكبير على الميثاق الوطني· وتوجت الخطوات الإصلاحية في البحرين بصدور العفو العام عن جميع السجناء السياسيين ورهناء الرأي والسماح للمنفيين منهم بالعودة إلى وطنهم للمشاركة في بناء مستقبله الواعد·
وخلال فترة وجيزة من حركة الإصلاح في البلدين صدر حكم المحكمة الدولية التي احتكمت إليها قطر في القضايا الحدودية المعلقة بين الجانبين· كان يمكن للقرار أن يشكل بؤرة توتر جديدة بين البلدين وبخاصة وأن تنفيذ مثل هذه القرارات مرتبط بالدرجة الأولى بحسن نوايا الأطراف المتنازعة، إذ لا تملك هذه المحاكم قوة تنفيذ قراراتها· فتجارب التحكيم الدولية السابقة قلما شهدت نهاية للصراعات الحدودية في الدول النامية، وقلما ساعدت قرارات المحاكم الدولية على حسم القضايا المعلقة· لكن الحمدين ارتأيا حسم الخلاف الأزلي والرضوخ لرأي المحكمة والتطلع إلى أفق المستقبل في بناء مجتمعات عصرية تواكب سنة التطور وتنسجم وقضايا العولمة المقبلة علينا وتوفر لأجيال المستقبل سُبل الحياة الكريمة الآمنة·
أسلوب معالجة الحمدين لقضايا الحدود بين البلدين يعكس واقعاً متطوراً ستنعكس آثاره الايجابية على مجمل العلاقات العربية- العربية، خاصة بعد أن وضعت مشاكل الحدود بين السعودية واليمن أوزارها، وهو يمثل نموذجاً يحتذى به· كما أن توجه الحمدين الإصلاحي في شؤون الحكم والسياسة نقاط مضيئة في ليل العرب الطويل نرجو أن يسري أريجه الفواح إلى بقية أقطار عالمنا العربي، وبشكل خاص "نتعشم" أن ينبلج فجر عراق جديد بزوال الكابوس الذي يجثم على صدره· من القلب نتوجه إلى الحمدين بدعاء صادق بتجنب العثرات التي واجهت تجربة الكويت والأخذ بصالح نقاط هذه التجربة، فما يحدث اليوم على الساحتين البحرينية والقطرية محل أنظارنا وأنظار عالمنا العربي كله· |
