رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 3 يوليو 2006
العدد 1735

تحليل اخباري
الناس تنتظر خطوات مستحقة على طريق الإصلاح
كيف سيتعامل الحكم مع نتائج الانتخابات؟

خطوة الى الوراء تعقبها خطوتان الى الأمام· قد يكون هذا التعبير أقرب ما يمكن أن توصف به نتائج الانتخابات الأخيرة، فحال الكويت كحال الشعوب الأخرى فمسار تقدمها، لا يمضي بخط مستقيم متواصل إنما هو متعرج انخفاضاً ثم ارتفاعاً أو "زكزاك" وباتجاه صعودي، أي كل انتكاسة أو تراجع إلى الخلف يعقبها استئناف السير في التقدم والصعود بخطوات أوسع، وكما هي حال الشعوب والمجتمعات البشرية الأخرى كذلك حال الشعب الكويتي، كل تراجع أو انتكاسة يعقبها استئناف خط السير في التقدم، على الأقل في ميدان السياسة، في التاريخ القريب· منذ صدور الدستور حدث ذلك عدة مرات، في عام 1967 زورت السلطة الانتخابات، فاختار الشعب مجلسا وطنيا في انتخابات 1971 و 1975·

في 1976 حلت السلطة المجلس لا لسبب إلا لأنه ليس مطواعا للسلطة وقدمت مشروع تعديل الدستور· وفي 1981 جاء مجلس نتيجة لتغيير تقسيم الدوائر من العشر الى الخمس والعشرين أسقطت فيه عدد كبير من العناصر الوطنية المعارضة، وتقدمت السلطة للمرة الثانية بمشروع تعديل الدستور الذي رفض بالضغظ الشعبي، وفي عام 1985  انتخب الشعب مجلسا زادت فيه قوة العناصر الوطنية، كرد على تدابير السلطة السلبية وأزمة سوق الأوراق المالية (المعروفة بأزمة المناخ)، ولم تتحمله السلطة وقامت بحله عام 1986 وعلقت الدستور، وجاءت بالمجلس الوطني، مجلس استشاري بلا سلطات أو صلاحيات، نصفه منتخب والنصف الآخر معين، وحاولت فرضه حتى بعد الغزو، لكن الضغط الشعبي أجبر السلطة على إجراء انتخابات وفقا للدستور، جاء نتيجتها مجلس 1992 لصالح عناصر المعارضة من قوى سياسية ومستقلين وفرض فتح ملفات خطيرة منها قضايا السرقات والاختلاسات للناقلات والاستثمارات، وهكذا كان خط سير المجتمع الكويتي تراجع بخطوة الى الوراء ثم تقدم بخطوتين الى الأمام·

ونتائج الانتخابات الأخيرة ينطبق عليها هذا الأمر، مجلس أقوى من مجلس 2003  بعد سقوط العديد من المحسوبين على السلطة، فالمجلس الحالي رد على ممارسات السلطة واستنكار لاستشراء الفساد والانفراد بصنع القرار وهيمنة بعض أفراد الأسرة الحاكمة وبعض أصحاب المال والنفوذ وقوى الفساد·

نتائج الانتخابات صحيحة، ومع أنها لم تسقط كل عناصر التخلف والفساد، وهيمنة المال، لكنها بالتأكيد رسالة قوية من الشعب للحكم، تعبر عن احتجاج وعدم رضا عن الممارسات التي شلت وجمدت مشروع بناء كويت عصرية متقدمة، وأعاقت التحول الديمقراطي، وآخرها إجهاض مشاريع إصلاح النظام الانتخابي والتمسك بنظام الخمس والعشرين دائرة الفاسد بالمماطلة والتسويف ثم حل المجلس·

هل يستوعب الحكم هذه الرسالة ويتفهم حكم الشعب ويتراجع عن منهج التقدم إلى الخلف أم سيستمر العناد والمكابرة ورعاية الفساد والتحالف مع قواه؟

القراءة الموضوعية لمنهج الحكم والعقلية التي تحركه لا تجعلنا نأمل بحدوث خطوات جذرية جادة في الإصلاح·

ولكن هنالك إجراءات وخطوات مستحقة قابلة للتحقيق والإنجاز تفرضها الحالة الشعبية إذا نفذت فسوف تؤدي الى التهدئة وخلق حالة من التوافق تساعدنا على التفكير في الخطوات التي تليها في الإصلاح ومحاربة الفساد·

أولى هذه الخطوات هي تشكيل الحكومة واختيار عناصرها، باستبعاد عناصر التأزيم والتوتير الفاسدة، وليس ذلك فقط بل ينبغي أن يتبعها توزير عناصر نظيفة وكفؤة تملك بعض القدرة على الإنجاز، وتبعث شىئا من روح التفاؤل والأمل لدى الناس بالتقدم وتجاوز ما نحن فيه·

 وثاني الخطوات هو إعلان الحكومة في برنامجها التزاما جادا بتقليص الدوائر وتبني مشروع الخمس دوائر كخطوة أولى، فموقف الحكومة هو الحاسم في هذا الأمر خاصة بعد ظهور مؤشرات اختلال مواقف بعض أفراد كتلة الـ 29 نائبا في المجلس الماضي·

إصلاح النظام الانتخابي مهمة أساسية في هذه المرحلة وهي خطوة يجب أن تتبعها خطوات أخرى لضمان نزاهة العملية الانتخابية والحد من التدخل في الانتخابات·

وثالث الخطوات هي اختيار رئيس لمجلس الأمة يمتلك القدرة والكفاءة للمحافظة على استقلالية المجلس وهيبته وحسن تسيير أعماله وجلساته، رئيس لا تقيده مصالحه ولا أهواؤه السياسية، وفي هذا الصدد هنالك من ينصح السيد جاسم الخرافي بعدم خوض معركة الرئاسة وذلك لاعتبارات جوهرية، من أهمها الرفض الشعبي لموقفه تجاه اقتراح تقليص الدوائر الذي لعب فيه الخرافي دورا سلبيا ساعد في إعاقة تحقيق هذا المطلب مما جعله في مواجهة التحرك الشعبي الذي انعكس في نتائج الانتخابات·

وهناك اعتبار آخر لا يقل أهمية عن الموقف السياسي وهو تضارب المصالح، فالسيد الخرافي هو الآن كبير العائلة التي تملك مصالح واسعة في اقتصاد الكويت، فالخرافي اليوم يمثل تجمعاً تجارياً اقتصاديا ومالياً عملاقاً كونجلومريت (Conglomerit) يتمثل في الاستحواذ على معظم مناقصات الدولة وامتلاك أنصبة في كبرى الشركات كالصناعات والاتصالات والبنوك وشركات الاستثمار والخدمات النفطية وينظر لهم كتجمع احتكاري مؤثر في اقتصاد البلد فلا يوجد نشاط أو مصلحة إلا ولهم نصيب كبير فيه، والأكثر من ذلك تمدد هذا النفوذ الاقتصادي والمالي الى هيمنة في أنشطة اجتماعية ومؤسسات تجارية، كالتدخل في الرياضة، وجمعيات النفع العام والجمعيات المهنية وإذا أخذت صلة القرابة والنسب بعين الاعتبار فسيظهر توسع هذه الهيمنة وتمددها، وهي هيمنة تنافس سيطرة أفراد الأسرة الحاكمة، وإذا كانت الانتقادات التي توجه لأفراد الأسرة الحاكمة هي الجمع بين الحكم أو السياسة والتجارة البارزة في توسع النفوذ الاقتصادي والتجاري والهيمنة على المناصب الإدارية والتدخل في الأنشطة الاجتماعية وأبرزها الرياضة، فهي تنطبق على الخرافي وتمدد نفوذه الى مجالات تنافس أفراد الأسرة الحاكمة هذا الوضع للأسرة الحاكمة محل انتقاد فتمدد نفوذ الخرافي أيضا سيكون محل انتقاد واعترض·

الاحتكار والهيمنة الاقتصادية والمالية مرفوضة، فكيف بها إذا تمددت الى السيطرة على الأنشطة الاجتماعية وانعكست في تضخم النفوذ السياسي في مجلسي الأمة والبلدي وغرفة التجارة والسيطرة على الشركات والبنوك، والرياضة والمسرح والعديد من جمعيات النفع العام؟ ومجيء السيد الخرافي لرئاسة المجلس سيكون عاملا من عوامل التأزيم والتوتر لا يقل عن وضع وزراء التأزيم فوجود الخرافي في رئاسة المجلس لن يضمن مسارا هادئا لأعماله، فكل جلسة ستكون جلسة توتر وتأزيم، خاصة في وجود موقف شعبي لا يرى فيه موقفا محايداً يحافظ على استقلالية المجلس ويدفع لمزيد من خطوات التحول الديمقراطي·

هذه الخطوات هي استحقاقات آنية عاجلة كمدخل لحالة من التوافق تمهد لاستعادة الثقة كأساس لتعاون منشود بين السلطات أو بين الحكم ومجلس الأمة الممثل لإرادة الشعب، وقاعدة انطلاق لإنجازات أخرى نعوض بها التراجع خطوة إلى الوراء ونتقدم خطوتين الى الأمام·

طباعة  


 
فئات خاصة
 
على النظام قراءة الرسالة الشعبية بشكل صحيح
تسونامي شعبي يجتاح حلف الفساد ويشتت رموزه

 
رئاسة المجلس أكبر من مجرد إدارة الجلسات
مطلوب رئيس يعكس نتائج الانتخابات ولا يكرر التجربة الماضية

 
في لقاء - على "الراي"
تناقضات الفهد.. محاولة فاشلة للتلميع

 
شؤون عربية
خروج على الأعراف الإسلامية أم جهل بها؟
"مفتي أوسلو" يحيل مفتي القدس إلى التقاعد

 
ضيع مشية "الإعلامي" ولم يتقن "السياسي"
السنعوسي حرق نفسه.. فهل يعتذر؟

 
أساليب جديدة لمراقبة النواب
الشباب عين الأمة على أداء مجلسها

 
تجسير الأردن كممرإسرائيلي إلى البلدان العربية
مطار دولي للشريكين في خليج العقبة

 
اتجاهات