رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 13 يونيو 2007
العدد 1778

ورقة عمل "الرأة الكويتية والإسكان"
نورية الخرافي: آن الأوان كي يتحمل المواطن الكويتي جزءا من أعباء الرعاية السكنية

                                                                              

 

·         قانون الرعاية السكنية فيه تميز واضح ضد المرأة

·         ماذا لو نضب النفط أو استغنت عنه الدول المستفيدة منه؟

 

على الرغم من أن الدستور الكويتي قد اكد بنصوص صريحة مبدأ المساواة، ومبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين جميعا لا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى· الا ان التمييز ضد المرأة كان ولا يزال قائما واتخذ التمييز صورتين:

1-تمييز فعلي: اي يتم في التطبيق العملي دون سند من القانون، كالتمييز في شغل الوظائف الاشرافية والقيادية واحيانا في فرص العمل ولا سيما في القطاع الخاص· إذ لا تزال المرأة بعيدة عن حظها في هذه المجالات بما يتناسب مع حجم المرأة بالنسبة الى مجموع عدد المواطنين·

2- تمييز قانوني: نصت عليه القوانين واللوائح ويظهر ذلك في صورة واضحة في قانون الأحوال الشخصية وقانون الجنسية والقوانين المنظمة للرعاية السكنية· وكان من صور التمييز القانوني الذي عالجه المشروع مؤخرا حرمان المرأة من حقوقها السياسية·

والتمييز القانوني في مجال الرعاية السكنية، هو ما تتناوله هذه الورقة· وللحصول على معلومات تفيد في هذا الشأن قامت الباحثة بزيارة للمسؤولين في المؤسسة العامة للرعاية السكنية، وبنك التسليف والادخار، وادارة الرعاية الاسرية بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، كذلك قامت بمسح معلوماتي من خلال الانترنت في محاولة للعثور على قوانين، او لوائح تنظم الرعاية السكنية الحكومية في بعض دول العالم قد تسترشد بها في كتابة هذه الورقة، الا انها لم تعثر على شيء يفيد في هذا المجال·

أولا: أهمية السكن في حياة الإنسان:

أولت حكومة الكويت توفير الرعاية السكنية اهتمامها منذ اوائل الخمسينات باعتبارها نوعا من الرعاية الاجتماعية التي تلتزم الدولة توفيرها لمواطنيها، وبدأت بانشاء الهيئة العامة للاسكان عام 1974، وتلتها وزارة الدولة لشؤون الاسكان ثم المؤسسة العامة للرعاية السكنية بالقانون رقم 47 لسنة 1993 في شأن الرعاية السكنية·

ويأتي هذا الاهتمام تطبيقا لاحكام الدستور الكويتي الذي حرص عند الكلام عن المقومات الاساسية للمجتمع الكويتي على بيان ان الاسرة اساس المجتمع بما يفرض على الدولة تبني قضايا الاسرة واحتياجاتها، واهمها الرعاية السكنية·

والسكن في اللغة يعني كل ما سكنت اليه واطمأنت به من اهل وغيره· وقالت العرب السكن لما يسكن اليه، وما تسكن به القلوب (ابن منظور)، ومنه قوله تعالى "والله جعل لكم من بيوتكم سكنا" (النحل 80)· والسكنى اسم مصدر من السكن، وهو القرار في المكان المعد للمكث على سبيل الاستقرار والدوام (موسوعة الفقه الإسلامي· ج25 ص 107)· ويعتبر ماسلو "وهو من علماء النفس" السكن الآمن من الحاجات الاساسية التي تأتي في قاعدة هرم الحاجات الاساسية للإنسان·

وقد أولى الله سبحانه وتعالى المسكن اهمية كبيرة حين جعل من واجبات الزوج تهيئة المسكن الملائم لزوجته حتى اثناء فترة العدة حين قال في الآية الكريمة "اسكنوهن حيث سكنتم من وجدكم" (الطلا ق 6)· حتى الصغير في الحضانة يلزم المشرع والده بأجرة سكنه ما لم يكن للحاضنة مسكن خاص بها، كذلك أكدت المواثيق الدولية على حق الإنسان في السكن نذكر منها:

1- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10/12/1948، والذي تنص (المادة 25) منه على مايلي: "لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته· ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن"·

2- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: الذي وافقت عليه الكويت بالقانون رقم 11 لسنة 1996 والذي تنص "المادة 11" منه على مايلي: "تقر الدول الأطراف في الاتفاقية الحالية بحق كل فرد في مستوى معيشي مناسب لنفسه ولعائلته بما في ذلك الغذاء المناسب، والملبس، والمسكن"· وقد تحفظت الكويت على "المادة 3" من هذا العهد التي تنص على الآتي: "تتعهد الدول الأطراف في الاتفاقية الحالية بتأمين الحقوق المتساوية للرجال والنساء في التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المدونة في الاتفاقية الحالية"، وهو تحفظ كنا نتمنى الا يكون، لما فيه من مخالفة صريحة لاكثر من مادة من مواد الدستور الكويتي·

ثانيا: تطور الرعاية السكنية للمرأة الكويتية:

على الرغم من أن رب الأسرة هو المسؤول شرعا وقانونا عن إعداد وتهيئة المسكن المناسب لتحقيق المعيشة الآمنة للزوجة والاولاد، الا ان الحكومة الكويتية قد تكفلت بهذا الجانب وقدمت الرعاية السكنية للاسرة منذ اوائل الخمسينات وكانت الرعاية تشمل ذوي الدخل المحدود، وذوي الدخل المتوسط، وقد تمتعت اسرة الكويتية المتزوجة بغير كويتي، وكذلك الكويتية التي جاوزت الاربعين بدون زواج بالرعاية السكنية شأنها في ذلك شأن المتزوجة من كويتي·

ولم يقف القانون الكويتي عند توفير الرعاية السكنية للاسر بل احتوى تحت مظلته رعاية المرأة الكويتية في بعض الظروف الاسرية، حيث تخصص مساكن حكومية ملائمة آمنة للمطلقات والارامل واصحاب الاسر الكبيرة العدد التي فقدت عائلها او توافرت لها ظروف هذه الرعاية·

كما ذهب الى اصدار وثائق تملك السكن للمرأة الكويتية في حال وفاة زوجها دون اولاد رغم انها لا تشكل اسرة·

الا انه نتيجة لتزايد طلبات السكن المقدمة من فئة المتزوجات بغير كويتيين وسوء استغلال المسكن من قبل بعض ازواجهن "كأن يخدعها او بجبرها على بيع المسكن ثم يستولي على ثمنه ويعود الى بلاده تاركا اطفاله منها معها بدون مسكن ولا عائل"، اصدر مجلس الوزراء بتاريخ 23/4/ 1978 قراره رقم 19/78 الذي يقضي بعدم قبول طلبات السكن المقدمة من الكويتية المتزوجة من غير كويتي، ومنع تخصيص سكن حكومي لهذه الفئة، وقد تم تنفيذ هذا القرار اعتبارا من 7/5/1978، بتعديل قرارات تخصيص المساكن التي تسلمتها هذه الفئة قبل صدوره ليصبح التخصيص بصفة مؤقتة "بصفة إيجار"· وقد بلغ عدد البيوت الحكومية التي خصصت لكويتيات متزوجات من غير كويتيين خلال هذه الفترة وحولت الى صفة ايجار تطبيقا لهذا القرار 396 بيتا·

- بتاريخ 16/11/1983 اصدر مجلس الوزراء قراره رقم 46/83 الذي خصص مساكن اخرى لهذه الفئة بصفة ايجار·

- وبتاريخ 8/1/1989 صدر قرار مجلس الوزراء رقم 1/89 الذي يقضي بالغاء توفير الرعاية السكنية لهذه الفئة·

وخلال الفترة بين صدور القرار رقم 46/83 "16/11/1983" والقرار رقم 1/89 "8/1/1989" بلغ عدد المساكن الحكومية التي خصصت بصفة ايجار للكويتيات المتزوجات من غير كويتيين 497 بيتا، وبلغ عدد طلبات السكن التي قدمت من فئة المتزوجة بغير كويتي خلال هذه الفترة ولم تخصص لها مساكن حكومية 4000 طلب، اضافة الى اعداد كبيرة من فئة الكويتيات المتزوجات من غير كويتيين لم تقبل المؤسسة طلبات السكن المقدمة منهن تطبيقا لقرار مجلس الوزراء رقم 1/89 المشار اليه: (انظر الجدول)

ويرجع صدور قرار مجلس الوزراء 19/78 الذي يقضي بعدم قبول طلبات الكويتية المتزوجة من غير كويتي للأسباب التالية:

1- تزايد الطلبات المقدمة من هذه الفئة·

 2- تراكم طلبات السكن المقدمة من أسر كويتية حيث بلغت أكثر من "35000" طلب "حتى عام 2000"، وهي أولى بالرعاية·

3- عدم وجود وفرة في هذه المساكن·

4- سوء استغلال البعض للمسكن·

ثالثا: اوضاع المرأة الكويتية في الوقت الراهن:

غير ان القانون رقم 47 لسنة 1993 في شأن الرعاية السكنية قصر الرعاية السكنية على الاسرة الكويتية "المادة 14"، ثم صدر قرار وزير الدولة لشؤون الاسكان رقم 564 لسنة 1993 الذي عرف الاسرة بانها "مجموعة مكونة من زوج وزجته أو أكثر، وأولادهم او بعض هذه المجموعة على ألا يقل عددها عن اثنين من الكويتيين" (مادة 1)· كما اشترط لتسجيل طلب الحصول على الرعاية السكنية ان يكون رب الاسرة كويتي الجنسية (مادة 3)·

وقد أعطى هذا القانون كل كويتي متى تزوج "سواء بكويتية او بغير كويتية أو حتى بامرأة غير محددة الجنسية) الحق في التمتع بالرعاية السكنية بصرف النظر عن الحالة المادية لمقدم الطلب اي حتى لو كان يملك من المال والعقار ما يزيد عن كفايته وحاجته، الامر الذي ادى الى تراكم الطلبات، وزيادة الاعباء على ميزانية الدولة، كما ادى ذلك الى وجود عدد لا يستهان به من المتقدمين للرعاية السكنية ليسوا بحاجة حقيقية الى هذه الرعاية بينما حرمت منها فئات اخرى في أمس الحاجة اليها، بل قد تكون في حاجة اليها اكثر من بعض المتمتعين بها، وهي الفئات التي حكم عليها القدر بحرمانها من الانخراط في اسرة كويتية وهذه الفئات هي:

1- الكويتية التي لم تتزوج: وهذه قد لا تعاني من ازمة في السكن طالما والدها لا يزال على قيد الحياة، فهي مهما امتد بها العمر ستظل تعيش في منزله معززة مكرمة، ولكن المشكلة تظهر عند وفاة والدها خاصة اذا كان عدد الورثة كبيرا وأرادوا توزيع التركة وكان نصيبها منها لا يزيد على بضعة آلاف من الدنانير لا تكفي لشراء غرفة ناهيك عن شقة· عندئذ تجد نفسها في مأزق حقيقي، خاصة اذا لم يكن لها ايراد ثابت، ولا دخل لها سوى الاعانة الشهرية التي تتقاضاها من وزارة الشؤون الاجتماعي والعمل، كما انه ليس من حقها الحصول على بدل ايجار وقد بلغ الان مئة وخمسين دينارا شهريا، كما هو الحال بالنسبة للرجل المتزوج الذي ينتظر الحصول على الرعاية السكنية "قسيمة، بيت، ارض وقرض، شقة"· واذا اضيف الى كل ذلك المادة 86 من قانون الاحوال الشخصية التي تنص على انه "ليس للزوج ان يسكن احدا مع زوجته سوى اولاده غير المميزين، ومن تدعو الضرورة الى اسكانه معه من اولاده الاخرين، ووالديه، بشرط الا يلحق الزوجة من هؤلاء ضرراً"، فلنا ان نتصور حال هذه المرأة ان اضطرتها قسوةالعيش الى السكن مع زوجة أخيها·

ومن المعلوم انه اذا كان في وسع الرجل ان يتزوج في اي وقت ايا كان حاله، فالامر ليس كذلك بالنسبة للمرأة، لاسباب اجتماعيه لا تحتاج الى تفصيل·

2- الكويتية المتزوجة بغير كويتي: لقد شاءالقدر لهذه المرأة ان تتزوج بشخص لا ينتمي الي نفس جنسيتها· وهو امر لا يشينها، وجائز لها شرعا وقانونا بل ان من حقوقها الطبيعية ان تتزوج بمن تشاء، وهي حقوق يضمنها لها الشرع والقانون الوضعي وتؤكد عليها المواثيق الدولية· ومثل هذا الزواج يتم في الأغلب الاعم داخل الكويت· وتعيش مع اسرتها واولادها في الكويت لمدة طويلة بل ولاجل غير محدد، وينشأ أولادها في الكويت ولا يعرفون بلدا غيرها· وقد يمتد ذلك لعدة اجيال متوالية· فحرمان المرأة في مثل هذه الحالة من الرعاية السكنية يسبب لها الكثير من المشكلات ويشعرها بعدم المساواة بينها وبين الرجل الذي يتمتع بالرعاية السكنية كاملة اذا تزوج بغير كويتية، بل حتى اذا اقام مع زوجته خارج الكويت طوال حياته، ومما يؤكد الضيم الذي لحق بالكويتية في هذه الحالة، انها كانت تتمتع بالفعل بالرعاية السكنية كاملة ثم حرمت منها لاسباب بعضها لم يعد له وجود "الاعتبار المالي"، وبعضها لا دخل لها فيها ومن اليسير معالجتها "اساءة استعمال بعض الازواج غير الكويتيين لهذا الحق"·

3- الكويتية المطلقة وهذه الحالة تشمل:

أ- المطلقة قبل ان يحصل زوجها على الرعاية السكنية، وهذا كثيرا ما يحدث اذ تشير احصائيات الطلاق بين حديثي العهد بالزواج الى ان الاف الاسر تنهار والزواج لا يزال يخطو خطواته الاولى وفي هذه الحالة تعاني المطلقة ذات المعاناة التي تعانيها الكويتية التي لم تتزوج·

ب- المطلقة بعد ان حصل زوجها على الرعاية السكنية وتم تسجيل البيت باسم الزوجين ذلك ان قانون الرعاية السكنية في هذه الحالة يضطرها للعيش مع مطلقها في ذات المنزل ولو كان الطلاق بائنا· ان هذا الوضع لا يتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي فحسب، بل يتعارض مع العادات والتقاليد والاعراف اذ كيف تشاركه نفس المنزل وقد اصبحت اجنبية عنه شرعا وقانونا؟

ج- المطلقة بعد أن حصل زوجها على الرعاية السكنية وتم تسجيل البيت باسم الزوج فقط، وقد يترك الزوج في هذه الحالة مطلقته وأولادها دون مسكن ودون ان يتحرك له ضمير او تهتز له شعرة· تقول د· هيا العبد المغني في مقال لها بعنوان "سياسة التمييز بين الجنسين" بعض هؤلاء المطلقات يحصلن على شقة في سكن اعد خصيصا للمطلقات والارامل، مما يجعلهن هدفا سهلا للمضايقات المستمرة من قبل ضعاف النفوس من الرجال، لدرجة وصلت الى اسوأ الاحوال في سكن المطلقات والارامل بضاحية صباح السالم ان وضعت النساء قضبانا من الحديد على الأبواب ونوافذ مساكنهن بهدف حماية انفسهن وبناتهن الأمر الذي جعل الشقق تبدو كسجون أكثر منها مساكن"·

4- الكويتية الأرملة: ما يقال عن المطلقة قد ينسحب علي بعض الأرامل خاصة اذا كان للمتوفى زوجتان احداهما في سكن حصل عليه الزوج عن طريق الرعاية السكنية، والاخرى تسكن في شقة· وقد لمست الباحثة هذه المشكلة بشكل واضح - وهي بقاء إحدى الزوجتين بدون مسكن- اثناء انتدابها للعمل في الاستشارات النفسية بمكتب الشهيد· كما ان الارملة التي من دون اولاد وتشترك مع امراة في نفس ظروفها في مسكن واحد، يسبب لهما متاعب كثيرة مدى الحياة·

رابعا: لماذا الرعاية السكنية للمرأة؟

الرعاية تعني الحفظ والاعتناء، والرعاية السكنية تعني الاعتناء بالمواطن وتأمين المسكن الملائم والعيش الكريم له ولأسرته وفيما يلي أهم المبررات التي توجب في نظر الباحثة ضرورة توفير الرعاية السكنية للمرأة الكويتية:

1-  كفل الدستور المساواة بين المواطنين من خلال المواد التالية:

"مادة 7"

العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع·

"مادة 8"

تصون الدولة دعامات المجتمع وتكفل الأمن وتكافؤ الفرص بين المواطنين·

"مادة 9"

الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، يحفظ القانون كيانها، ويقوي اواصرها، ويحمي في ظلها الأمومة والطفولة·

"مادة 29"

الناس سواسية في الكرامة الإنسانية وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لاتمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين·

كانت هذه المفاهيم كما سبق القول مطبقة في بداية الأمر، وكانت الدولة تكفل الرعاية السكنية للمرأة في جميع الحالات "غير متزوجة، متزوجة من غير كويتي، مطلقة، أرملة"· الى ان اصدر قرار مجلس الوزراء رقم 17 لسنة 1978 الذي منع تخصيص سكن حكومي للمتزوجة من غير كويتي·

2- اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة التي وافقت عليها الكويت بالمرسوم رقم 24 الصادر في 17/1/1994·

المادة 1: "لاغراض هذه الاتفاقية يعني مصطلح "التمييز ضد المرأة" اي تفرقة او استبعاد او تقييد يتم على أساس الجنس، ويكون من آثاره او اغراضه النيل من الاعتراف للمرأة على أساس تساوي الرجل والمرأة بحقوق الانسان والحريات الاساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية او في اي ميدان اخر···"·

المادة 2: "تشجب دول الأطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتوافق على ان تنتهج كل الوسائل المناسبة ودون ابطاء، سياسية القضاء على التمييز ضد المرأة، تتعهد القيام بها يلي:

و- اتخاذ جميع التدابير المناسبة بما في ذلك التشريع، لتعديل او الغاء القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات القائمة التي تشكل تمييزا ضد المرأة·

3- ارتفاع اسعار العقار في الكويت: اسعار العقار في الكويت لا يضاهيها سعر اخر في اي دولة من دول العالم ومما يزيد الامر صعوبة، ان دفع ثمن العقار يتم دفعه واحدة، اما، نقدا او بشيك مصدق من البنك، الامر الذي يجعل شراء بيت على ذوي الدخل المحدود "رجالا ونساء" في غاية الصعوبة ان لم يكن مستحيلا· بينما المتبع في معظم بلدان العالم ان يدفع المشتري مبلغا من المال كمقدم وباقي الثمن يتم دفعه على أقساط الثمن شهرية مريحة·

4- زيادة بدل الايجار لرب الأسرة من 100 د·ك شهريا الى 150 د·ك دون شرط ولا قيد قد يؤدي الى ارتفاع اسعار الشقق والبيوت المؤجرة، الامر الذي ينعكس سلبا على الفئة التي لا تمتلك مسكنا·

5- الاقتراض من البنوك يستوجب دفع أرباح طائلة: ويستقطع جزء كبير من الدخل الشهري، هذه الاقساط تثقل كاهل المرأة العاملة، فكيف الحال بمن لا دخل لها سوى اعانة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل؟

في ضوء ذلك كله فان المرأة الكويتية "غير المتزوجة، المتزوجة بغير كويتي، المطلقة أو الارملة من كويتي، المطلقة او الأرملة من غير كويتي"، تجد نفسها في مأزق حقيقي من حيث البيت الذي تسكن اليه، ويضمها وربما اولادها من مطلقها او من زوجها المتوفي· فالارجح ان ايرادها الخاص "من عمل او غيره" لا يكفي حتما لشراء بيت او حتى شقه، وان اقترضت من احد البنوك، فالفوائد الربوية لها بالمرصاد تأكل الجانب الأكبر من القرض· بل ان دخلها الشهري قد يتعذر عليها معه دفع اجرة شقة مناسبة· وقد تجد نفسها مضطرة لأن تعيش مع زوجة أخ لا تطيق عشرتها، او مع زوجة اخرى واولادها، او حتى مع مطلقها الذي يخصص لها جزءا من البيت تقيم فيه مضطرة ربما بالمخالفة للأحكام الشرعية اذا كان طلاقها بائنا·

في ضوء ذلك كله، فان من حق المرأة الكويتية ان تكافح من أجل استعادة حقوقها في الرعاية السكنية، ولتكون على قدم المساواة مع الرجل في هذا المجال، فالوطن للجميع رجالا ونساء، وموارده ليست حكرا علي فئة دون اخرى· والدستور والمواثيق الدولية الى جانبها تؤيدها وتقف الى جانب مطالبها العادلة· وتجدر الاشارة الى ان بعض اعضاء مجلس الامة بادروا الى تقديم عدة اقتراحات بقوانين واقتراحات برغبة لدعم توفير الرعاية السكنية الملائمة للمرأة الكويتية في بعض الحالات· ومن بين هذه القوانين اقتراح بقانون باضافة باب جديد الى القانون رقم 47 لسنة 1993 في شأن الرعاية السكنية خلاصته انشاء وحدات سكنية تخصص للمرأة الكويتية في الظروف الخاصة مثل:

1- أسرة الكويتية المتزوجة من غير كويتي ولها منه أبناء ويقتصر توفير الرعاية في هذه الحالة على من توافرت فيهن شروط الاستحقاق عند صدور هذا القانون·

2- اسرة الكويتية المعاقة المتزوجة من غير كويتي ولها منه ابنا او اكثر·

3- اسرة الأرملة الكويتية ولها ابناء·

4- المطلقة الكويتية ولها أبناء·

كذلك اقتراح بقانون بتوفير الرعاية السكنية بصفة انتفاع للمرأة الكويتية المعاقة المتزوجة من غير كويتي بشرط أن يكون لها منه اولاد لتأكيد الاستقرار الاسري والاجتماعي لها· وجاء ذلك مراعاة لظروفها الخاصة· وقد صدر بذلك القانون رقم 7 لسنة 2005 وأصبحت هذه الميزة نافذة ومعمولا بها·

كذلك اقتراح تحويل طلبات الحصول على مسكن حكومي المقدم باسماء الزوجات الكويتيات الى اسماء ازواجهن الحاصلين على الجنسية الكويتية بحيث يستفيد الزوج المتجنس بالمدة السابقة لجنسيته ومنذ زواجه من كويتية· إلا ان هذا الاقتراح ما زال يراوح مكانه ويتطلب الحسم لصالح العديد من الاسر الكويتية·

مقترحات

في ضوء دراستي للقواعد الحالية، وفي ضوء معايشتي للمشكلات الاسرية بحكم انتدابي للعمل بادارة الاستشارات الاسرية بوزارة العدل ومكتب اصلاح ذات البين التابع للامانة العامة للاوقاف يسعدني ان اتقدم بالاقتراحات التالية:

الاقتراح الأول:

أ- المتزوجة بغير كويتي:

ان الحجة الرئيسية التي تكمن وراء حرمان المتزوجة من غير كويتي من الرعاية السكنية وتملك بيت حكومي هو الخشية من ايلولة هذه الملكية لزوجها وأولادها منه "وهم أجانب" عند وفاتها، بينما يحظر القانون رقم 74 لسنة 1979 تملك الأجانب عقار في الكويت، ولكن هذا القانون ذاته وضع الحل لاي عقار تؤول ملكيته لاجنبي لأي سبب من الأسباب· فاوجب عليه التصرف فيه خلال سنة من تاريخ أيلولة ملكيته اليه، والا بيع العقار جبرا طبقا للإجراءات المنصوص عليها في قانون اجاز لمن تنتمي جنسيته الى بلد عربي تملك عقار لسكنه الخاص وذلك بمرسوم يمنحه هذا الحق وبشرط الا تزيد مساحته على 1000 متر مربع "المادة الثالثة"· فليس غريبا اذا ان تتمتع المتزوجة بغير كويتي بالرعاية السكنية وتملك عقار "بيتا أو شقة" شأنها في ذلك شأن الرجل·

ومع ذلك فاذا كانت تلك الخشية لا تزال قائمة فنقترح ان تعامل المرأة الكويتية المتزوجة بغير كويتي في مجال الرعاية السكنية، معاملة الكويتي، فتحصل على بيت حكومي، على أن تظل ملكيته لمؤسسة الرعاية السكنية، ويكون للمرأة حق السكنى فيه هي وزوجها مدى الحياة وكذلك اولادهما "ذكورا وإناثا" من الدرجة الأولى· وبوفاة هؤلاء جميعا يعود العقار الى المؤسسة باعتبارها المالك الوحيدة له· وسوف يكون من الطبيعي ان تتوقف استفادة بناتها من السكن فيه بزواجهن، وكذلك اولادها عندما تكون لهم حياتهم الاسرية المستقلة عن حياة ابويهم·

ب- الكويتية التي لم يسبق لها الزواج:

إن ما ذكرناه عن حالة المتزوجة من اجنبي يمكن ان يطبق ايضا على حالة الكويتية التي لم يسبق لها الزواج، فتحصل على بيت حكومي يكون لها فيه- ليس ملكية الرقبة- بل حق السكنى مدى الحياة· فاذا حدث وتزوجت من غير كويتي، امتد الحق في السكني لزوجها وأولادها منه باعتبار انها اصبحت كويتية متزوجة من غير كويتي،و اما اذا تزوجت من كويتي فتصبح اسرتها اسرة كويتية، وتعامل علي هذا الأساس، ويمكن ان تسري هذه المعاملة  على الكويتية مطلقة او ارملة غير الكويتي ولها اولاد منه او بدون اولاد·

هذا وقد يكون من المفيد الاشارة الى ان دولة قطر وضعت مؤخرا قانونا جديدا للاسكان وسعت من خلاله مظلة المستفيدين من القرض الاسكاني وقيمته "600000" ستمئة ألف ريال فاتاح للمرأة القطرية متى بلغت سن الثانية والعشرين الاستفادة لاول مرة من القرض الاسكاني هذا بالاضافة الى بدل السكن المقرر للمواطن· "جريدة القبس في عددها رقم 12137 الصادر بتاريخ 18 مارس 2007"·

الاقتراح الثاني:

ان المواطن الكويتي صاحب الدخل المتوسط في الوقت الحاضر يستطيع ان يشتري شقة في اي مكان في العالم نتيجة نظم البيع الميسرة في تلك الدول سواء كانت عربية او أجنبية، وغير الكويتي الذي يعمل في الكويت والذي بغير شك لا يتقاضى ذات المرتب الذي يتقاضاه زميله الكويتي الذي يشغل ذات الوظيفة، ولا يحظى ببدل ايجار كالذي يحظى به الكويتي، ويتحمل نفقات اعفي منها الكويتي كنفقات العلاج ومدارس الاولاد، لا ينتهي عمله في الكويت الا وقد امن لنفسه في بلده الأصلي مسكنا يملكه·

لذا تقترح الباحثة ان تحذو الكويت حذو هذه الدول، فتشجع وتساند شركات القطاع الخاص للانشاء والتعمير لبناء المنازل والشقق وبيعها بنفس الأسلوب المتبع في الكثير من دول العالم، الذي يقضي بدفع مبلغ معين من المال كمقدم والباقي يقسط على مدى سنوات بحيث يستطيع الكويتي شراء عقار في بلده بسهولة ويسر· وذلك على غرار الاقتراح الذي  تقدم به بعض أعضاء مجلس الأمة مؤخرا والذي يقضي بتأسيس شركة مساهمة تتولى تصميم وتنفيذ وتشغيل وصيانة مساكن منخفضة التكاليف يكون إيجار الوحدة السكنية فيها 50 د·ك شهريا على مدى ثلاثين عاما "جريدة الراي العدد رقم 10118 الصادر في 15/3/2007 ص6"·

صحيح أن الكويت الان تعيش بفضل من الله سنوات من الرخاء دليل ذلك ان فائض ميزانية الدولة السنة المالية 2004/2005 بلغ 138/1.750.917.059 د·ك "مليارا وسبعمئة وخمسين مليونا وتسعمائة وسبعة عشر الفا وتسعة وخمسين دنيارا"، الامر الذي يجعل باستطاعة الدولة تغطية نفقات الرعاية السكنية للمواطنين في الوقت الحاضر بجميع فئاتهم الا ان الرخاء الذي تعيشه الكويت اليوم قد لا يتوفر لها في الغد، فقد ينضب النفط، وقد تخترع الدول المتقدمة ما يغنيها عنه الامر الذي يوجب اعادة النظر في السياسة العامة للرعاية السكنية· فالى جانب تأكيدنا على ان تمتد هذه الرعاية الى الجميع رجالا ونساء، يتعين حجبها عن القادرين الذين تكفي ملاءتهم المالية لتوفير السكن المناسب لهم دون حاجة الى دعم من الدولة· كما انه قد آن الأوان لكي يعتاد المواطن ان يتحمل جزءا من اعباء الرعاية السكنية لا ان يتركها كاملة على عاتق الدولة· فالمواطنة حق وواجب في الوقت ذاته كما انها حقوق تقابلها التزامات، ليس في مجال الرعاية السكنية فحسب، بل في جميع المجالات·

تلك مقترحات اطرحها للدراسة والمناقشة لدى المختصين بالمؤسسة العامة للرعاية السكنية بالقرار رقم 35 لسنة 2006·

ويسعدنا ان وزير الاسكان الجديد عبدالواحد العوضي صرح فور توليه بان "الوضع الاسكاني للمرأة غير مرض وغير منصف لها· وبالتالي آمل بأن تتوصل الجهود المشتركة الى حل عادل ينصف المرأة اسكانيا"· واضاف انه سينفذ وعده هذا ريثما تتوافر لديه المعلومات الكاملة حول هذه القضية، مشددا حرصه على ان يرضي ضميره قبل أي طرف آخر· "جريدة الوطن، 28 مارس 2007، ص 24"·

* أستاذ مساعد بقسم علم النفس التربوي

 

             

طباعة  

أبرز توصيات مؤتمر "القضاء والحرية الصحافية" بتنظيم "ميزان" و"ايريكس"
إنشاء مرصد لمراقبة سلامة التحقيقات والإجراءات القضائية المرفوعة ضد صحافيي المنطقة

 
ضمن حوارات تجريها "الطليعة"
عماد السيف: هناك نواب يدافعون عن المال العام وآخرون يدافعون عن سراقه

 
مؤتمر المرأة الكويتية في التشريعات الوطنية
 
أكد استقلالية مؤسسات المجتمع المدني
"التحالف الوطني": اعتذار الجراح لا ينفي موقفه السلبي ويجب أن يحاسب

 
مكتب لندن الصحي... شهادة
 
تساؤلات حول الإعلام الخارجي