رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 13 يونيو 2007
العدد 1778

أبرز توصيات مؤتمر "القضاء والحرية الصحافية" بتنظيم "ميزان" و"ايريكس"
إنشاء مرصد لمراقبة سلامة التحقيقات والإجراءات القضائية المرفوعة ضد صحافيي المنطقة

 

 

·         التجربة البحرينية: "صحافي ونصف" يتم التحقيق معهم يوميا لدينا!

·         التجربة اليمنية: قرار إصدار صحيفة لدينا ··· هو قرار أمني!

·         التجربة السعودية: مع القيود إلى حد ما··· تجنبا للقذف والإساءة

·         التجربة الكويتية: معظم أحكامنا متضاربة ومتضادة بهذا الشأن

 

كتب فراس حسين:

اتفق المشاركون في مؤتمر القضاء والحريات الصحافية الذي نظمه مركز ميزان بالتعاون مع منظمة ايريكس الأمريكية ذات الاختصاص بأن المهنة الصحافية والإعلامية في المنطقة تحتاجان إلى المزيد من الدفع في اتجاه الحريات مؤكدين أن المنطقة لا تنقصها الكوادر المهنية القادرة على القيام بواجبها في سبيل تحقيق مآرب المهنة·

واستنكر المشاركون في المؤتمر تصرفات الحكومات في كبح الحريات بوضع يدها على الصحف ووسائل الإعلام الأخرى مما يفرض رقابة تعيق أهداف المهنة ومبتغاها النزيهة من جهة، ولتحقيق سطوة على أبرز أركان الحريات وهو القضاء والصحافة من جهة أخرى·

وخرج المشاركون بعدة توصيات بعد استعراضهم لأهم التجارب والحالات في دول المنطقة وكان أبرزها الدعوة إلى تعزيز ضمانات التقاضي، واستقلال القضاء بعيدا عن نفوذ السلطات مع ضرورة السعي لتطويره من خلال الاطلاع على تجارب الدول المتقدمة·

وشدد المشاركون على ضرورة إيجاد قضاء متخصص في قضايا الصحافة والإعلام والنشر، وطالبوا، في مجمل توصياتهم، دعم وتعزيز قدرات المحامين في الدفاع عن المتهمين في قضايا النشر على أكمل وجه، مؤكدين ضرورة إنشاء مرصد يتابع ويراقب سلامة إجراءات القضايا المرفوعة ضد الصحافيين، والتحقيقات التي تجرى معهم، بجانب الأحكام التي تصدر عن الهيئات القضائية في دول المنطقة، وتكون مهمته جمع ومراقبة وتحليل تلك الأحكام· كما أيد المشاركون فكرة إنشاء موقع الكتروني لهذا المرصد يتم فيه عرض بعض التجارب الغربية ذات الصلة أيضا·

وكان المحامي محمد عبدالقادر الجاسم قد أكد في افتتاح المؤتمر أن الهدف من تنظيم هذا المؤتمر هو دراسة التطبيقات العملية على بعض نماذج الأحكام القضائية التي صدرت بحق الصحافيين في دول المنطقة، معللا السبب في الرغبة بتبادل المعرفة والحلول من خلال الاطلاع والنقاش حين يتم استعراض هذه التجارب من المشاركين وهم نخبة من الإعلاميين والقانونيين·

وأشار الجاسم أن تناول المؤتمر الجانب القضائي من القضية الإعلامية والصحافية يعكس موقف الحكومات - في أحيان كثيرة - من الحريات الصحافية ومدى تقبلها للرأي الآخر·

من جانبه أكد رئيس جمعية المحامين الكويتية عبد اللطيف صادق أن الصحافة الكويتية قد ساهمت على مر التاريخ في معالجة الكثير من الأمور على الصعيدين الاجتماعي والسياسي، ومما يعكس ذلك أجواء الحرية التي تعيشها الكويت·

وأوضح أن المحاميون في الكويت يدعمون قانون المطبوعات والنشر الجديد - مع بعض التحفظ على بعض المواد - مبينا نقاطه الايجابية من إلغاء عقوبة الحبس، وفتح باب التراخيص للصحف الجديدة، واختصار حق إغلاق الصحف على السلطة القضائية·

 

الحالة السعودية

 

وتناول المؤتمر في حلقته الأولى الحالة السعودية في تجربتها الصحافية والإعلامية، وتحدث كل من الصحافية بارعة الزبيدي "الوطن السعودية" والقانوني عمر الصعب اللذين أيدا تقييد الحرية الصحافية إلى حد ما دون إطلاقها بلا رقابة، منوهين على تجنب تحويل الصحافة إلى منبر للقذف والسب لأهداف شخصية، كما يجب على الصحافي دائما تبرئة نفسه بالأدلة والقرائن·

واستنكرا فكرة إيقاف الصحافيين والمؤسسات الإعلامية - لفترات متفاوتة الزمن أو بشكل نهائي - بسبب النقد، مشددين على ضرورة العودة للقضاء أو اللجان الإدارية ذات الاختصاص في مثل هذه الحالات، فالقضاء النزيه والعادل هو الدعامة الأولى للمجتمعات المدنية·

 

الحالة اليمنية

 

وعن الحالة اليمنية وتجربتها الصحافية والإعلامية تحدثت الناشطة الصحافية توكل كرمان "رئيسة منظمة صحافيات بلا حدود" أوضحت أن القوانين اليمنية تدين الموضوعات التي تمس الشريعة الإسلامية ورئاسة الجمهورية والتي تتعارض مع أمن البلاد، فيما ما يحدث في اليمن من انتهاكات للحريات الصحافية يؤكد عكس ذلك، فهناك مخالفة واضحة للقوانين والدستور اليمني كما من الملاحظ أن القضاء اليمني يدار من خلال الهاتف، لذلك لا يعول الصحافيون لدينا كثيرا على القضاء، منوهة ان المشكلة تكمن عادة بين الصحافيين ووزارة الإعلام في اليمن·

وأوضحت كرمان أن الحكومة في بلادها تصرف الملايين على الصحف والمؤسسات الإعلامية لزرع وتقويض الرأي العام اليمني على الكتاب والمفكرين الإصلاحيين ممن يحاربون الفساد، ونجحت في ذلك إلى حد بعيد، فأصبحت المهنة الصحافية اليوم في اليمن تلاقي ردعا كبيرا من الجمهور بعد تفشي فكرة: امتهان الصحافة تعني محاربة الأمن في البلاد· وأصبح قرار إصدار صحيفة في اليمن، ليس مجرد قرار سياسي فقط، وإنما قرار أمني أيضا!

 

الحالة البحرينية

 

وفي حلقة أخرى تناول المؤتمر الحالة البحرينية وتجربتها الصحافية والإعلامية، وتحدث كل من الصحافي محمد السواد "الوقت البحرينية"، والقانوني محمد أحمد عن التجربة البحرينية مستعرضين في البداية قضايا الإدانات الصحافية التي حازتها المحاكم البحرينية، ومنوهين على أن معظم هذه الإدانات تمت خلال سنة 2006 أي خلال فترة ما بعد الانفتاح السياسي·

وتوقف البحرينيون عند قضية "البندر" والتي وصفوها بـ"قضية مصير دولة" حين أصدرت المحكمة حكم بمنع نشر أي أخبار أو تعليقات أو معلومات عن القضية وصاحبها الشهير "صلاح البندر" فيما تجاهلت صحيفة "الوقت" القرار ولم تتوان عن الكتابة، وعلى أثر تجاهل الصحيفة - قرار المنع - تم تغريمها واستدعاء صحافييها، وعلى أثره انتقدت المنظمات الحقوقية في البحرين وأعلنت تقلص نطاق الحريات لديها، فيما لم يتم التوصل إلى حل للقضية - الممنوعة من التداول - إلى يومنا هذا·

كما بينوا انه عندما يلجأ الصحافي البحريني لفتح المواقع الالكترونية الخاصة أو للكتابة في المدونات، تتم مطاردته بالتهديدات التي تصل في أحيان كثيرة إلى القتل، وتقوم وزارة الإعلام من جهتها بإغلاق المواقع أو حجبها·

 وقص السواد عدة وقائع كان أبرزها حادثة الصحافي مازن المهدي الذي تعرض لمحاوله القتل من خلال رمي القنابل الحارقة على سيارته، وفي واقعة أخرى تم سحب آلة تصوير الصحافي شاكر العرادي بسبب تصويره الشرطة وهم يعتدون على المتظاهرين بالضرب، وأوقفت المخابرات العسكرية صحافي آخر بعد تصويره مشاهد من الانتخابات، كما قامت النيابة العامة في إحدى الحالات بحبس القائمين على موقع "بحرين أون لاين" لمدة خمس عشر يوما بعد اتهامهم بنشر شائعات تضر بالمصلحة العامة، علما بأنهم لم يحالوا حتى الآن إلى القضاء على الرغم من مرور ما يزيد على السنتين على هذه الواقعة·

 وأكد البحرينيون أن الحكومة لا تساعد على إصلاح المهنة، حيث أن اغلب القضايا المرفوعة ضد الصحفيين من النيابة العامة وبحث من كبار مسؤولي الحكومة، كما أن هناك منع إجباري للنشر في عدد من القضايا التي تزعج السلطة مثل "تقرير البندر" و"الخلايا الإرهابية"·

 كما بينوا أن هناك تدخلا غير مباشر في سياسة الصحف، وانتقائية في تحريك دعاوي النيابة العامة·

وكمحصلة نهائية لمشهد الحالة البحرينية فيما يتعلق بحرية الصحافة، عبر المحامي محمد أحمد عن الوضع بمعادلة هي: الحريات النسبية في بيئة لا ديمقراطية، ذلك إن كافة الأطر القانونية والمؤسساتية اللازمة للانتقال من حالة الحريات النسبية إلى حالة الاستبداد المطلق هي أطر موجودة وقائمة وجاهزة للعمل وقتما يتقرر تفعيلها·

 

الحالة الكويتية

 

وفيما يخص الحالة الكويتية وتجربتها الصحافية والإعلامية، تحدث القانوني والخبير الدستوري د·محمد المقاطع متناولا وضع القضاء من الحريات الصحفية، وبدأ المقاطع حديثة بشرح مختصر لتاريخ الصحافة موضحا أن الصحافة نشأت في الكويت منذ عام 1928 - أي قبل ما يقارب الثمانين عاما - ويكشف ذلك الزمن الطويل الذي مارست الكويت خلاله الصحافة، ولم يكن يتطلب أي إذن من السلطة للنشر، واستمر هذا الوضع إلى عام 1956 حين صدر أول قانون خاص في هذا الشأن· وكان المشرع الكويتي حينها يتعامل مع الحريات بطريقة راقية، وقنن في ديباجة القانون بما يزيد على الصفحة والنص لتنشأ على أثرها الصحافة نشأة حرة، وجاء القانون ليتوجها ويرعاها·

وقال المقاطع: في عام 1961 صدر القانون الخاص بالمطبوعات والنشر، وكان ردة في تنظيم الصحافة وتراجع كبير في الحريات الصحفية، وأبعد القضاء عن رقابة التراخيص الخاصة بالصحف ، وهو الأمر الذي تكرس واستمر منذ ذلك التاريخ إلى صدور القانون الجديد عام 2006 والذي فتح المجال أمام الطعون في تراخيص الصحف حتى تقدم إلى القضاء·

وتحدث المقاطع عن دور القضاء في الكويت فيما يخص الحريات الصحفية على مرحلتين، وكانت الأولى ما قبل القانون الجديد، والأخرى لما بعدها·

وأوضح أن القضاء الذي يتصدى للحريات الصحافية في الكويت هو عبارة عن أربع أنواع: القضاء الدستوري، والإداري، والجزائي، والمحكمة المدنية·

وبين أن القضاء الكويتي كان مترددا في العديد من القضايا التي تخص هذه الأمور، إلى أن بدأ بعد فترة "السبعينات" بتبني نهجا أكثر تحديدا لفكرة الحريات الصحفية، وما هي الأمور المباحة فيه وغير الجائزة، مستعينا بالدستور في ذلك·

وقال: أن الأحكام القضائية التي انتصرت لحرية الرأي، لم تشكل اتجاها واضحا في هذا الاتجاه، حيث أن معظم أحكامنا في الكويت - في هذا الشأن - أحكام متضاربة ومتضادة، حيث نجد الحكم الذي يحمي، وفي نفس الوقت، نجد آخر ينقض المبدأ باستثناءات إضافية·

وفيما يتعلق بالقضاءين الإداري و الدستوري، بين د· مقاطع أن الأول كان دائما - وبصورة عامة - منتصرا للحريات الصحافية، لكنه قضاء بسيط وعبارة عن مرحلة من المراحل لينتقل بعدها إلى القضاء الدستوري، والذي كان دائما صاحب موقف سلبي من قضايا الحريات الصحافية والإعلامية·

وبين انه لا يرى انتصارا للحريات - في هذا الشأن - بعد صدور القانون الجديد، برغم ما يتضمنه من بعض الايجابيات· وأوضح أن فتح تراخيص لصحف جديدة ليس بنقطة ايجابية للقانون، والأمر على ما هو في ظل القانونين، السابق والجديد، لم يتغير· وقال: الحكومة هي من سمحت الآن، ولم تسمح في السابق، أي ما تغير هو موقف الحكومة فقط·

وأكد أن الانفتاح في عدة أمور والتي تبنتها الحكومة خلال الخمس أو الست سنوات السابقة هو ما حسن الأمور فيما يخص هذه القضايا وليست القوانين·

واختتم حديثة بالتأكيد على إن الحرية الإعلامية والصحافية تتحقق حين يتاح للناس - وفقا للنظام العقابي - أن تمارسها، وعلى الدولة أن تلاحق خروجهم عن حقوق ممارستها· وليس في قمعها وعدم إتاحتها منذ البداية·

من جانبه تناول الكاتب والناشر أحمد الديين عينتين من القضايا كنموذجين على كيفية تعامل القضاء مع الحريات الصحافية، وكانت القضية الأولى تخصه كناشر لإحدى الكتب، والأخرى ككاتب مقال في إحدى الصحف·

والقضية الأولى تتعلق بنشرة كتاب الله والجماعة الذي صدر في عام 1997 بعد أن نشرته صحفية "الطليعة"، وقامت وزارة الإعلام- بعد نشره ككتاب- بتحريك قضية ضد نشره·

وعلى أثرها تمت إحالة الكاتب و الناشر إلى النيابة لكن بعد أن انقضت مدة رفع الدعاوى على الكتاب والتي يسمح برفعها بعد ثلاث أشهر من نشره·

وانتقلت القضية إلى محكمة الجنايات، وقضت المحكمة - بعد مرور سنة - بعدم اختصاصها بالنظر بالتهمة الأولى، وعدم قبولها دعوى التهمة الثانية، لتقوم بعدها النيابة باستئناف الحكم···الخ· وصولا إلى الحكم الذي وصفه الديين "بالطريف" والذي حكمت به المحكمة بالبراءة مما اسند إليهما، وأمرت بمصادرة الكتاب المطبوع· ولم تسع وزارة الإعلام بعدها لوضع صيغة تنفيذية لمصادرة الكتاب، ليظل الكتاب حرا طليقا·

واستخلص الديين من القضية الأولى أن الدولة لم تر في نشر الكتاب في صحيفة واسعة الانتشار خطرا، فيما وجدت خطورة في نشره بين دفتي كتاب، وعلل السبب في الوضع السياسي المتغير·

وعن القضية الثانية التي تناولها الديين في حديثة، والتي كانت تخص مقالة نشرها بشأن العقوبات الشرعية، ورفعت قضية على اثر كتابة المقال وتم التحقيق مع الكاتب ورئيس التحرير في المحكمة بعد اتهامهم ودون استدعاء من النيابة·

وكان أحمد الديين قد نقل من الدستور الكويتي - احد مواده أو من المذكرة التفسيرية - استناده في كتابة المقال، وأدلى بما قام به في المحكمة، طالبا منهم محاكمة الدستور الذي استند منه·

ومن خلال عرض الديين للقضيتين السابقتين، أكد أن هذه القضايا في ظل القانون السابق كانت أرحم والآن أكثر تشددا، وهما تمثلان نموذجان على كيفية تعامل القضاء في الكويت مع النشر والحريات الصحفية·

 

* * *

 

السلطة للحريات···!

 

أبدى د·محمد المقاطع استغرابه من لجوء الأشقاء السعوديين إلى وزارة الإعلام بحثا عن الحريات، وأكد على انه لا يمكن أن تكون السلطة ملجأ الحريات، فالسلطة دائما من يواجه الحرية، وحذر من المبالغة والاندفاع في هذا الاتجاه حتى لا يتسنى للسلطة هناك التكبيل، مشددا أنه ليس الحل المناسب·

 

* * *

 

نساء اليمن

 

في حوار خاص مع توكل كرمان "رئيسة منظمة صحفيات بلا حدود" أكدت أن اليمنيات يلاقون احتراما خاصا من معظم الجهات· وحول تقبل المجتمع لعمل النساء في مهنة المتاعب، قالت: لعل المجتمع ينظر إليهن باحترام اكبر من الصحافيين الرجال، بعد أن شوهة السلطات المهنة، على أن كل صحافي هو محارب شرس للأمن العام واستقرار البلاد·

* * *

 

ونصف... بعد الانفتاح

 

ذكر الصحفي البحريني محمد السواد وهو متخصص في قضايا المحاكم وحقوق الإنسان في جريدة "الوقت" البحرينية، انه في إحصائية خاصة قام بها بمساعدة زملائه تبين أن صحافي ونصف صحافي يتم اعتقالهم والتحقيق معهم في البحرين يوميا، مشددا على أن تلك الظاهرة بدأت بعد الانفتاح السياسي في بلاده·

 

 

                 

 

طباعة  

ضمن حوارات تجريها "الطليعة"
عماد السيف: هناك نواب يدافعون عن المال العام وآخرون يدافعون عن سراقه

 
مؤتمر المرأة الكويتية في التشريعات الوطنية
 
ورقة عمل "الرأة الكويتية والإسكان"
نورية الخرافي: آن الأوان كي يتحمل المواطن الكويتي جزءا من أعباء الرعاية السكنية

 
أكد استقلالية مؤسسات المجتمع المدني
"التحالف الوطني": اعتذار الجراح لا ينفي موقفه السلبي ويجب أن يحاسب

 
مكتب لندن الصحي... شهادة
 
تساؤلات حول الإعلام الخارجي