رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 30 مايو 2007
العدد 1776

علامة تعجب رفعها محاضرو ندوة الأحزاب السياسية ..في "الخريجين":
الكويت هي الدولة الوحيدة ذات ديمقراطية دون أحزاب!

   

 

·       الراشد: الأحزاب موجودة وما نحتاجه قانون ينظمها ويكشفها

·         الديين: الأحزاب الدينية والطبقية جائزة أما الطائفية والقبلية فهي مرفوضة

·         النقيب: معارضة الأحزاب هي خوف الحكم من تكوّن معارضة شرعية منظمة

·         العبدلي: المعالجة الإعلامية للقضية هي معالجة أصحاب الصحف الشخصية

 

كتب فراس حسين:

أجمع عدد من الناشطين السياسيين والأكاديميين على ضرورة إشهار قانون لتنظيم الأحزاب السياسية في الكويت مؤكدين بأنه لا ديمقراطية حقة دون أحزاب سياسية·

وجاءت دعوات المحاضرين في ندوة أقامتها جمعية الخريجين تحت عنوان "إشهار الأحزاب السياسية·· إيجابياتها وسلبياتها" وحاضر فيها كل من عضو مجلس الأمة علي الراشد، والكاتب الصحافي أحمد الديين، وأستاذ علم الاجتماع في جامعة الكويت د·خلدون النقيب، والكاتب الصحافي د· ساجد العبدلي·

 

الديمقراطية الحقيقية

 

بين النائب علي الراشد في بداية الندوة أن هناك ردة فعل شعبية ضد إشهار الأحزاب كما أن هناك تخوفات لما عليه الأحزاب في الدول العربية، إلا أن المعارضين لم يسألوا أنفسهم إن كانت هذه التجارب - الفاشلة - قامت في دول لديها ديمقراطية حقه أم لا؟ مبينا أن التجربة الحزبية الفاشلة نبعت من ديمقراطية شكلية، على أن تحسم النتائج في هذه الدول قبل الانتخابات، مما يجعل تجربتهم الديمقراطية والحزبية فاشلة·

وأكد الراشد بأن الدستور الكويتي كان قد أشار في كثير من مواده إلى الأحزاب، مستشهدا بحديثه عن كيفية اختيار مجلس الوزراء، والتي تأتي بالمشاورات التي تجري قبل الاختيار مع زعماء التكتلات السياسية، والتي تعد دليلا واضحا على وجود الأحزاب السياسية·

وقال الراشد: لقد آن الأوان ليكون هناك قانون يسمح بتنظيم الأحزاب السياسية، بعيدا عن الطائفية والقبلية، موضحا أن التكتلات السياسية ليست بأحزاب سياسية، إلا أنها نواة لهذه الأحزاب· وتمنى الراشد أن تكون التعددية الحزبية وسيلة لجمع الشعب الكويتي في الفكرة والمبدأ والأساس، بعيدا عن الطائفية والقبلية· وطالب بضرورة وضع قانون لإشهار الأحزاب تحت رقابة القضاء، أو تحت رقابة هيئة مستقلة غير تابعة لوزارة الشؤون أو وزارة الداخلية·

وصرح الراشد في مستهل حديثة بأنه في صدد طرح مشروع اقتراح قانون للأحزاب، ولكنه قرر التريث في تقديمه بعدما قام أعضاء حزب الأمة بتزويده بنسخة من مشروع مشابه لمشروعه، حيث قرر إجراء مقارنة بين الاقتراحين والعمل على التوفيق بينها، ومن ثم عرضه بعد ذلك على أعضاء الكتلة والزملاء أعضاء المجلس·

واستغرب الراشد من كون الكويت الدولة الوحيدة في العالم التي بها ديمقراطية وليس بها أحزاب سياسية، مؤكدا في الوقت ذاته بعدم وجود ديمقراطية حقيقية بدون أحزاب سياسية·

وطالب بأن تكون الأحزاب واضحة وعلنية، وأن يكون للمواطن الكويتي مطلق الحرية في اختيار من يمثله حسبما جاء في جميع القوانين الموجودة· وقال الراشد: إذا كانت القضية الشهيرة في المجلس الماضي هي قضية الدوائر الخمس فإن قضية هذا المجلس هي قضية الأحزاب، وطالب بضرورة دعم هذا القانون من خلال الحملات الإعلامية المكثفة، مشيدا بدور جمعية الخريجين في هذا الجانب·

 

الشيخ سعد والمجلس التأسيسي

 

من جانبه بدأ الكاتب الصحافي أحمد الديين حديثة بنقد شكلي لعنوان الندوة - "إشهار الأحزاب السياسية··· إيجابياته وسلبياته" - حيث علق قائلا: هل نستطيع القول وجود مجلس الأمة·· إيجابياته وسلبياته، أو وجود الحرية الصحافية·· إيجابياته وسلبياته! مؤكدا أن الديمقراطية الحقيقية ليست صندوق انتخابات أو كرسيا تحت قبة البرلمان، إنما هي مبدأ للحرية السياسية في البرلمان وحرية تأسيس الأحزاب والتداول الديمقراطي للسلطة·

مضيفا أنه يجب الاعتراف بأن الديمقراطية في الكويت في الوضع القائم ديمقراطية ضعيفة، وبحاجة إلى التطور في الاتجاه الذي يؤدي في النهاية إلى وجود حياة حزبية وتداول للسلطة·

وتوقف الديين في حديثه عند انتخاب المجلس التأسيسي عام 1962، حيث أشار إلى اللجنة التي شكلت معه لإعداد الدستور، والتي تشكلت من كل من: رئيس المجلس المرحوم عبداللطيف ثنيان الغانم، والشيخ سعد العبدالله وزير الداخلية آنذاك وممثل الحكم، ويعقوب الحميضي، وسعود عبدالرزاق، ووزير العدل حمود الزيد الخالد، وشارك فيها الخبير الدستوري عثمان خليل عثمان، والخبير القانوني للحكومة محسن عبدالحافظ، مبينا أن اللجنة انقسمت إلى فريقين آنذاك، فريق يمثل الغالبية من أعضاء اللجنة، وأخر يضم الشيخ سعد مع الخبير القانوني محسن عبدالحافظ· وبدأت هذه اللجنة اجتماعاتها في 17 مارس 1962، وانقطعت فترة بعد أربعة أشهر من تأسيسها في جلستها السادسة عشر التي عقدت في 12 يوليو 1962، حيث نوقشت معظم مواد الدستور لتفاجئ اللجنة بحضور الشيخ سعد حاملا معه تسعة تعديلات على مواد أساسية في الدستور كان قد سبق الاتفاق عليها، فعادت الجلسة السابعة عشر في 30 أغسطس 1962، بعد انقطاع استمر لأكثر من خمسين يوما· وبالرغم من إجماع أعضاء اللجنة في البداية على عدم موافقتهم على أية تعديلات في مواد الدستور، إلا أنهم سريعا ما تخلوا عن موقفهم عندما قيل بأن الشيخ سعد يطلب هذه التعديلات باسم الحكم·

وبين الديين أنه كان قد طلب في هذه الجلسة حذف كلمة الهيئات - التي تعني الأحزاب - من نص المادة 43 من الدستور، والتي تقول: "حرية تكوين الهيئات والجمعيات والنقابات على أسس وطنية وبطرق سلمية ووفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون·· إلخ"·

وقال الديين: طالما ليس هناك قانون أو دستور يمنع تنظيم الأحزاب فإنها مباحة منطقا وشرعا وقانونا· ولكنه أرجع مشكلة الدستور في إشهار الأحزاب إلى عدم تمكين حزب الأغلبية في تشكيل الحكومة وبذلك لا تعد سوى جمعيات سياسية، موضحا: لن تصبح الأحزاب أحزابا إلا إذا تطور النظام الدستوري والديمقراطي نحو التداول الديمقراطي للسلطة، أي بتشكيل حزب الأغلبية للحكومة·

وعن مدى جاهزية المجتمع الكويتي لخوض التجربة الحزبية قال الديين: إن المجتمع الكويتي خاض التجربة الحزبية مبكرا لعدة مرات منذ عهد الشيخ مبارك الكبير في القرن العشرين ومرورا بعام 1938 عندما خاضتها الكتلة الوطنية، وكذلك بعض الجمعيات الأخرى، وفي عام 1947 عندما حاول الإخوان المسلمون تأسيس حزبا لهم، والآن في ظل الدوائر الخمس سنعيد الاعتبار مجددا إلى أهمية العمل السياسي في العمليات الانتخابية وفي ظل وجود أحزاب دون آلية واضحة لتداول ديمقراطي للسلطة فإن هذه الأحزاب ستكون محدودة، والتكتلات السياسية بحد ذاتها كما أشار النائب علي الراشد في حديث سابق بأنها ليست أحزابا سياسية بل هي تكتلات تنسيقية في المواقف، والتي ستتطلب مستقبل التحول إلى أحزاب لتستطيع تفعيل دورها في الحياة السياسية·

واستغرب الديين من الذين يرفضون تأسيس الأحزاب على أساس ديني أو طبقي، بالرغم من كون الدين لا يمثل قاعدة في السياسة، حيث لا يمكنهم طرح الدين قضية للتطوير، إضافة إلى أننا دولة دينها الإسلام، فلذلك يحق في حال إشهار أحزاب سياسية قيام أحزاب سياسية "دينية" تستمد أفكارها من الدين· كذلك استند الديين الى التجربة البريطانية بقيام احزاب طبقية كحزب العمال،  ولكنه حذر في الوقت ذاته من قيام أحزاب على أساس طائفي أو قبلي·

وطالب الديين في نهاية حديثه بضرورة إقرار قانون يشكل أحزابا سياسيه ديمقراطية تؤمن بالتعددية الحزبية والتداول الديمقراطي للسلطة·

واقترح تأسيس جمعيات سياسية اسوة بمملكة البحرين تسبق الاحزاب، على ان تكون هذه الجمعيات السياسية منبع ممارسة العمل الحزبي كخطوة أولى·

 

معارضة المعارضة

 

بدوره أكد أستاذ علم الاجتماع د·خلدون النقيب أن معارضة نظام الحكم لقيام الأحزاب ينبع من التخوف من وجود جبهة معارضة منظمة شرعية تمتلك أغلبية برلمانية لا تستطيع الترتيبات السياسية القائمة التعامل معها، وأن الديمقراطية لا تقتصر على العملية الانتخابية وإنما متلازمة مع الحياة الحزبية· والأحزاب السياسية بحد ذاتها ظاهرة حديثة بدأت في منتصف القرن التاسع عشر·

وقال النقيب: إن الأحزاب أمام خيارين، إما أن تسعى إلى الحكم، أو أن تشارك فيه· وحذر من حال تحول التنظيمات البيروقراطية إلى نخب منفصلة عن الشعب أو عن من ينتخبها أو يؤيدها، حيث إن الأحزاب السياسية تختلف عن جماعات الضغط، لما تمثله جماعات الضغط من جماعات مصالح وفئوية، وليس لها برامج حزبية واضحة، بعكس حال الأحزاب السياسية·

وأوضح النقيب أن الأحزاب السياسية جاءت بهدف معالجة المسألة الاجتماعية والعلاقة بين الطبقات، مشيرا إلى صورة الأحزاب الأولى، وقال: إن تراث الجيل الأول من القوميين كان قد جاء مع الثورة العرابية والتي تشكلت في ظل الانتداب والاحتلال، وبدأ معه ما يسمى التجربة الليبرالية سواء في مصر أو سورية أو العراق، وكانت الأحزاب في هذه الفترة نخبوية، حيث تكونت من نخبة القوم، وحتى المقترعين كانوا من نخبة القوم·

وطرح النقيب ثلاثة خيارات في حال إقرار الأحزاب للجماعات السياسية الموجودة على الساحة الآن أو الجماعات الاجتماعية كما أطلق عليها، الخيار الأول أن تتحول إلى أحزاب، أما الخيار الثاني المشاركة في الأحزاب، بينما يأتي الخيار الثالث في تحولها إلى جماعة وفد، والخيار الأخير أن تختار الاختفاء من المسرح السياسي· حيث أكد بأن هذه الحركات الاجتماعية ليس لها الاستمرارية بعكس الأحزاب السياسية·

وعلل النقيب سبب فشل التجربة الحزبية في بعض الدول العربية إلى عدم قدرة الأحزاب في الوصول إلى برامج إصلاحية يمكن أن تلتف حولها مئات واسعة من أفراد المجتمع·

مشيرا إلى أن الأحزاب في جميع دول العالم مقيدة ومتنوعة، ابتداء من الأحزاب العلنية والسرية، إلى العلمانية والدينية، كما هناك الأحزاب الأيديولوجية والأحزاب الانتهازية، والانتهازية هنا تعني استفادة الحزب من أي قضية تطرح على الساحة السياسية·

ورأى النقيب أن التعددية الحزبية مرتبطة عادة بالتمثيل النسبي لكل حزب· وطالب بضرورة ارتباط تنظيم الأحزاب بالضوابط، وبأن يكون تكوينه يشترط جمع نسبة معينة بعيدة عن الطائفية والقبلية كحال باقي الأحزاب في جميع البلدان·

وقال النقيب: ليس هناك مخرج يبرر عدم وجود حياة حزبية في الكويت، وبأن عدم الثقة في السياسيين لا يعني ضرورة التخلي عن النظام الحزبي، والذي يساعد في التدريب على العمل العام واحترافه، ويساعد أيضا في اكتساب الخبرة للمنتسبين إليه، وفاعليته في استقرار نظام الحكم، ناهيك عن تنظيمه للحياة البرلمانية، حيث لا يوجد معارضة منظمة حقيقية في مجلس الأمة إلى الآن·

 

الطاولات والكراسي

 

من جانبه تحدث الكاتب الصحافي د·ساجد العبدلي قائلا إن اجتماعنا اليوم ليس اجتماعا عاديا، وإنما جاء كردة فعل موضوعية لما تمر به البلد من أزمة سياسية خارقة، يفسرها الحل المستمر لمجلس الأمة والحكومة، في ظل حكومة لا يتجاوز عمرها السنتين، وأتعجب من أن الحلول الوحيدة في كل مشكلة تتمثل في حل المجلس أو الحكومة، وقال: إن مشكلتنا في الكويت هي تغيير الكراسي وترك الطاولات، في حين أن الخلل في الطاولات! مشيرا لطرافة الموقف قبيل بدء الندوة حين اكتشف المنظمون أن الطاولة أصغر من أن تكفي عدد المشاركين وحذر من خطورة تكرار الأزمات السياسية كونها الممر السهل إلى جميع الأزمات الأخرى سواء الاقتصادية أو الاجتماعية·

وشدد العبدلي على أن الدستور أشار في كثير من مواده إلى تقبله للنظام الحزبي وعدم منعه له، وأن التشاورات التي يجريها رئيس الوزراء مع الأفراد باعتبارهم قوى سياسية إنما هي دليل على وجود الأحزاب·

وانتقد العبدلي كل من يعتقد عدم جهازيه المجتمع الكويتي لخوض التجربة الانتخابية، مؤكدا أن المجتمع جاهزا وقادرا على خوض التجربة بنجاح· حيث شبه موقف الذين يتخوفون من التجربة الحزبية بحجة عدم جهازية المجتمع، بالذين عارضوا قانون إقرار حقوق المرأة السياسية وقضية الدوائر الخمس سابقا·

وانتقد العبدلي المعالجة الإعلامية للتجربة الحزبية، حيث رأى بأنها معالجة غير موضوعية تعتمد في الأساس الأول على مصالح أصحاب الصحف الشخصية· وأكد بأننا لا نتحدث عن جديد، فالأحزاب السياسية موجودة ولكننا لا نعرف مصادر تمويلها أو المنتسبين لها، وطبيعة انتماءاتها الداخلية أو الخارجية· وقال: إن الفئوية والقبلية موجودة من دون وجود الأحزاب، ولدينا من يدعو إليها نهارا جهارا ولا أحد حاول معارضتهم· وأكد على أن التجربة الحزبية الصحيحة هي إرادة حقيقية للإصلاح وفرصة للقضاء على الفئوية والقبلية· وقال: لدينا ثلاثة خيارات في حال إشهار الأحزاب: ابتداء من التجربة الحزبية المتكاملة ووصولا بالتداول السلمي للسلطة· وهذا ما نسعى إليه، وإن كان الدستور ينص في إحدى مواده إلى إمكانية تعديل الدستور لضمان مزيد من الحرية والمساواة، كما ينص الدستور على أن سمو الأمير هو الذي يقوم باختيار رئيس الوزراء، متسائلا: لماذا لا نستبعد أن يكون هناك عرف سياسي نابع من إرادة سمو الأمير في اختيار حزب الأغلبية الذي اختاره الشعب في تشكيل الحكومة؟

وأكد العبدلي على أن القوى السياسية الحالية قادرة على التحول إلى أحزاب سياسية· ودعا في حال إقرار الأحزاب السياسية بضرورة التخلي عن الفئوية والقبلية· مختتما حديثه بأن لا سبيل للإصلاح السياسي من دون أحزاب تقوم على أسس وطنية مقدمة برنامج تنموي، إداري، واقتصادي وإصلاحي·

 

 

طباعة  

في ورقة عمل حول المرأة الكويتية والمشاركة السياسية
إقبال العيسى: غياب الوعي بأهمية دورها في المجتمع من أبرز معوقات دخول المرأة المعترك السياسي

 
ناشطات طالبن بتطبيقه بصورة مؤقتة
نظام الكوتا... قطار المرأة السريع نحو المجلس

 
في ندوة حول "قانون حماية الملكية الفكرية"
عماد السيف: علينا التعامل بحضارية مع هذا القانون للحفاظ على سمعتنا بين الدول

 
احتكار "السكر" في إحدى الجمعيات