رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 14 مارس 2007
العدد 1765

ملامح جديدة للكتابة النسائية في الخليج
مبدعات شابات يكسرن النمط الاجتماعي ويحققن شهرة واسعة

                     

 

·        العثمان: المرأة هي الأقدر على التعبير عن مشاكلها وإطلاق صرخات البوح

·      الساحة الثقافية متاحة للجميع  والقارئ الحقيقي يحدد الإختيار الأنسب

·         بطي: جرأة الطرح والتسويق الإعلامي الجيد سببان يؤديان الى النجاح

·       في بعض الأعمال الجديدة  ثغرات فنية لايمكن تقبلها

 

كتب آدم يوسف:

حين شرعت الكاتبة السعودية رجاء عبدالله الصانع في كتابة روايتها "بنات الرياض" ربما لم تكن تتوقع لها هذا الانتشار الإعلامي والصخب الفكري الذي شملت أصداؤه كثيراً من بلدان الوطن العربي، وربما لم تكن الكاتبة الصانع تتوقع أن تكون روايتها بداية الانطلاق لعهد جديد من الرواية النسائية السعودية، لا سيما مع توارد الروايات والإصدارت الناجحة (على الأقل من الناحية التسويقية) مثل رواية "ملامح" للروائية زينب حفني، هذا فيما يتعلق بالرواية النسائية السعودية الجديدة، إن صح التعبير، ولكن ماذا عن الرواية النسائية في الكويت، وأقصد هنا الرواية النسائية الشابة التي هي بأقلام كاتبات هن من جيل التسعينات أو مابعد عام 2000م·

 

لقد حققت هذه الرواية أيضا نجاحاً منقطع النظير يمكن ملاحظة ذلك من خلال الأعمال القصصية والروائية التي صدرت مؤخراً وهي في غالبها أعمال تتمتع بقدر جيد من التقنية والحرفية الروائية·

ومن هذه الأعمال رواية "سعار" للكاتبة الشابة بثينة العيسى الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وهي الرواية الحائزة على جائزة الدولة التشجيعية لهذا العام، وفي الحقيقة فإن بثينة العيسى قد استحقت هذه الجائزة عن جدارة، فهي روائية تتمتع بثقافة عالية، ولغة أدبية راقية، ومن الواضح أنها قد بذلت مجهوداً كبيراً  مما ساعدها على تأسيس ذائقة أدبية وأسلوبية خاصة بها، يضاف الى ذلك أنها شاعرة تكتب نصوصاً جميلة·

ومن الكاتبات الأخريات ميس العثمان التي أصدرت رواية "عرائس الصوف" الحائزة على جائزة ليلى العثمان، وهي أيضاً روائية تبشر بمستقبل مشرق، ولها رواية بعنوان "غرفة السماء" ومجموعة "أشياؤها الصغيرة" ومن الكاتبات الأخريات هديل محمد الحساوي، ولها رواية "المرأة سيرة الشمس" واستبرق أحمد ولها مجموعة "عتمة الضوء" وهي المجموعة الحائزة على جائزة ليلى العثمان في دورتها الماضية والكاتبة القاصة لطيفة بطي، ولها مجموعتان "عروس البحر" و "بلدي اينينكاوي" وهي أيضا معنية بأدب الطفل، حيث كتبت قصصا ناجحة للأطفال وحققت انتشاراً كبيراً ومن الكاتبات أيضا هبة بو خمسين ولها مجموعتان قصصيتان هما في "قعر أمنية" و"ذات سكرة"·

وفي المجمل فإن هؤلاء الكاتبات قد استطعن رسم ملامح لرواية نسائية شابة في الكويت وبين المملكة العربية السعودية والكويت الكثير من الروابط المشتركة وهي روابط ثقافية واجتماعية مشتركة منذ قرون، ولكننا إذا تجاوزنا الظاهرة في مستواها السطحي وحاولنا طرح سؤال حق ومشروع هو ما سبب انتشار هذا الصنف، وماذا يقف وراء هذه المبيعات الهائلة لبعض الروايات مثل "بنات الرياض" و" ملامح" و"سعار" هل السبب يرجع الى البيئة الاجتماعية والفكرية الخليجية أم يعود الى فنية الرواية ومستواها التقني العالي، أم بسبب قلة المبدعات الخليجيات مقارنة بالرجال بشكل عام مما حدا بالمجتمع الى كسر هذا النمط  والتوجه الى نتاج الكاتبات الشابات وكلها أسئلة مشروعة·

التقينا في هذه المساحة الكاتبتين ميس العثمان ولطيفة بطي وكانت آراؤهما على النحو الآتي:

 

جرأة الطرح

 

تقول القاصة لطيفة بطي: بادئا لا نريد أن نغمط حق أي عمل في الظهور والرواج شراء أو قراءة لكن أجد من الصعب أن ينسب ذلك الرواج الى أسباب تتعلق بفنية العمل وتكنيكه حتى تنفد طبعته أو يعاد طبعه عدة مرات، إذ إن هنالك أعمالاً أدبية ذات قيمة فنية عالية لم تطبع أكثر من طبعة واحدة أو لم تلق رواجاً وإقبالا على  الشراء·

في الأعمال الجديدة بعض الثغرات التي لا يمكن تقبلها وصلت في بعضها الى نقلة زمنية هائلة ما بين بداية العمل ونهايته رغم أن الزمن المستغرق للأحداث لا يتعدى عدة أشهر·

ربما كان هذا الأمر يعود الى أسباب مختلفة قد يكون من بينها التسويق الإعلامي الجيد للعمل والمساحة الإعلانية التي حظي بها عبر التطرق إليه في الصحافة  والمنتديات على أنها أعمال تتسم بجرأة الطرح ومخالفة لما هو متعارف وسائد حيث إن "الأعمال محور السؤال" كتبت بأقلام نسائية شابة تناولت مواضيع معاشة مسكوتاً عنها تحرجا أو تهيبا أو تهرباً وإن كان قد طرح أمثال هذه المواضيع في إصدارات أدبية سابقة بصورة ما·

وعمل مثل "بنات الرياض" يتناول العلاقات العامة في مجتمع مغلق لا شك يثير فضول أي شخص للتعرف على ما يدور تحت جنح الظلام من ممنوع مرغوب وإن جاء هذا العمل من وجهة نظر كاتبة فلا شك أنه سيحظى بمثل هذا الرواج الكبير·

 

صرخات البوح

وأما الروائية الشابة ميس العثمان فتقول: سبب انتشار الرواية النسوية العربية الخليجية تحديداً في الآونة الأخيرة وسبب تسليط الضوء الإعلامي عليها إنما يعود لعدة أسباب جاءت مجتمعة فيما بينها ولا يصح الفصل بينها أيضا·

أولاً، ورغم أني ضد "تجنيس" العمل الأدبي فليس هناك أدب للمرأة وآخر للرجل، إنما أرى أن المرأة هي الأقدر على التعبير عن مجمل مشاكلها وهي القادرة على إطلاق صرخاتها والبوح "روائيا" لو تمت مقارنتها مع الرجل المبدع وهذا لا ينقص من كون الرجل بارعاً إبداعياً إنما القصد هنا من المفارقة تكمن في مدى تمكن عيون المرأة وقبلها من الاقتناص الأقرب لما تعانيه كونها تلك "الأنثى" التي تشربت المعاناة -بدرجات متفاوتة - ومن عكسه ليكون ضمن عمل روائي أدبي إبداعي يستشهره القارئ بجوارحه·

ثم إن بروز عدد من الأسماء السردية على مستوى الخيلج بهكذا "كثافة" ربما متسارعة يعود حسب رأيي الى شيء يشبه "الكبت" المتوارث الذي ظل لزمن قريب نسبيا مانعاً "الأنثى" من الصياح بصوت مسموع، من الاعتراض، من الاختلاف·· وحين تحققت ما نسميها بالطفرة الثقافية والتعرف الى الآخر خارج نطاق الخليج العربي، صار أن نزعت المرأة الخليجية تحديدا ذاك الثوب الذي كان يغلفها حتى أذنيها لتتكلم وتبوح بل ولتصرخ في بعض الأحيان عل الإنسان بداخلها يتحدث بحرية طالما انتقصت منه لذلك كله، كان طبيعيا أن توجه الأضواء الإعلامية الى "تلك" الشريحة من النساء التي صار المجتمع "هناك" يرى فيها ما لا تعجبني تسميته بـ "التمرد" "الخروج عن المألوف" لأن بسلوكها هذا هي تتجرد من كل التبعات التي قد يفرزها مجرد إشهار اسمها الحقيقي واسم أسرتها، كونها "أنثى" حتى أنك لترى الكثيرات منهن قد كتبن نصوصهن، مستترات بأسماء مستعارة·

ولا ننسى أن "الإعلام يحدد الأولويات" لذا ترى بأن "بعض" الأعمال تأخذ نصيبها من الضوء الكافي، بينما تحترق "الأخرى" نتيجة الضوء الشديد الذي لا يواري ما تقدمه للقارئ·

فنصبح ونمسي على عمل إصدار ما، فقط لأن من مهرت اسمها به تعد "أنثى" من ذاك المجتمع، ولم تنس عنونة الإصدار بكلمات لافتة للقارئ العادي تشده نحو الحديث عنه وإثارة شيء ما·

تبقى الساحة الثقافية كما نراها متاحة للأقلام كلها ويظل الإعلام الواعي والقارئ "الحقيقي" من يحدد الاختيار الأنسب لذائقته·

طباعة  

إشراقة
 
طيور من كل الأرجاء
 
آداب عالمية
 
لنا ما لنا في أعوام الرمادة