البصرة في زمن الكوليرا
منى كريم
(1)
الضوء يسعل قربي
لا يستطيع غسل الظلام
من الكوليرا
(2)
هكذا انتهى الشيطان،
لقد كان عملاقا:
له ظل من الشحم،
وأرداف تُسقط
آخر نجمة كانت تتلألأ
في مقلة الطفل
(3)
حلقوا بسلام،
فالخوف من عفريت الصحراء
شد رحاله نحو غسق آخر
لشموس من الشعر والدموع
(4)
الفقراء والشعراء وحدهم
كانوا ينتحبون،
بينما جناحي الشمع
تذوب في حوض الخلاص
وحدهم يبنون أسلحة الحب،
أما الحيوانات
فقد كانت تختبىء
في جيوب الخوف،
أملاً في الرحيل
إلى هواء آخر
(5)
من اليوم
ستضطر مقبرة وادي السلام
لتحمل موتى العالم الثالث،
وضحكات أطفال النحاتين العائدين
تدوي على امتداد النهر
(6)
للوهلة الأولى،
كانت الأيدي تحترق لكن،
للوهلة الثانية
فتحت قوقعة القصر جناحيها
لاستقبال زوار جدد
لا يشربون الخمر،
لكنهم يشربون القهوة المُرة
ويبتلعون الخيام
(7)
منذ 30 صرخة تقريبا
بدأنا تصوير الحلم
وبدأ الورثة العائدون،
ينهمرون بغزارة فوق غيوم
من الابتسامات المجانية
(8)
كانوا سيرجعون يوما
فهذا مسجل بكراسة
القدر المهترئة،
وكل ذلك مسجل باللون الأحمر
(9)
هناك،
حيث لا مكان
لألم جديد،
كنا نجلس محملقين
بأجسادنا الصغيرة:
هل يجدر بها أن تكون أجساداً
بقدر ما هي ملاعق تحتفل بمأدبة الحرية؟
(10)
كان تاجه من ذهب
ودموعهم من ماء مريض،
كانت بندقيته من ورق أسود
وكانوا الذخيرة المضطهدة·
(11)
في لحظته الأخيرة
لم يستطع أن يحمل عرشه
المدجج، ليرحل،
فوزنه عبء على مفردات
الحرية··
(12)
نهضت من أحلامي،
ووجدتك بيضاء
لكني رأيت صراصير الكوليرا
تلعق حلوتك،
تعلقها بلا خوف
من مراكب "النُوحية"
التي تقطن في دمائك
كالخريف··