رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 13 ديسمبر 2006
العدد 1754

نعاني أزمة قراءة وليس أزمة نقد أدبي
اختتام ندوة الخطاب النقدي والمثقفون أول الغائبين

 

 

·       نصيب كل مليون عربي من الكتب  لا يتجاوز ثلاثين كتاباً

·       بعض أبنائنا يتركون مقاعد الدراسة  بحثا عن لقمة العيش

 

كتب آدم يوسف:

اختتمت قبل عدة أيام فعاليات ندوة الخطاب النقدي العربي·· الإنجازات والأسئلة التي استمرت لثلاثة أيام، متضمنة ثلاثة محاور أساسية، وخمس جلسات للنقاش·

وقد كان من الملاحظ عزوف وغياب كثير من المثقفين عن حضور جلسات هذه الندوة، التي تصب في صميم العمل الإبداعي والثقافي، بل في رأيي أن النقد الأدبي الجيد هو رافد للإبداع، ومكمل له، إن لم يكن هو بذاته عملا إبداعيا، قد نجد العذر لبعض المثقفين، كأن يكون هناك تعارض بين وقت عملهم الرسمي، وساعات انعقاد الندوة، وتلك معضلة لا يمكن حلّها بشكل توافقي يرضي جميع الناس (أقصد الانسجام في الوقت)·

ويبقى أن الخطاب النقدي بطبيعته عمل نخبوي، يستهوي قلة من القراء المتمرسين، استطاعوا التزود بخبرات قرائية، وثقافية واسعة، وهم لديهم أيضا المقدرة على المقارنة والتأمل والاستنتاج، في عملية ذهنية مرهقة في بعض الأحيان وغير مجدية، على المستوى المادي والاجتماعي، ولك أن تتأمل مذيعا شابا يعمل في محطة غنائىة، لا يملك من الثقافة سوى ابتسامة عريضة وبضع كلمات متجزئة، يكسب في ساعة بث واحدة، ما يحصل عليه ناقد أكاديمي من عمله عدة شهور في جامعة عربية معروفة، ولعل عزاءنا الوحيد أن العائد المادي مسألة قناعات، وقد لا تكون الهدف الأساسي لبعض نقادنا، الذين يقضون ساعات طويلة في محراب مكتبتهم يقرؤون ويكتبون، وهنا تبرز مسألة عشق الأدب، أو لذة النص، كما يقول رولاندبارت·

 

أزمة قراءة

 

وقبل التطرق الى بعض المحاور التي تم نقاشها في جلسات المؤتمر، لابد من الحديث عن مسألة مهمة ولها علاقة بعزوف الجماهير عن مثل هذه الندوات التخصصية، ذات الصيغة الأكاديمية، وهي المسألة المتعلقة بمعدل نشر الكتاب في العالم العربي، إذ ورد في تقرير منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة والتربية (اليونسكو) أن معدل نشر الكتاب في العالم العربي لا يتجاوز نسبة %7، وكذلك فإن نصيب كل مليون عربي من الكتب لا يتجاوز ثلاثين كتاباً، مقابل 584 لكل مليون أوروبي، و212 لكل مليون أمريكي وورد في تقرير التنمية البشرية الأخير أن أعداد النسخ المطبوعة من الكتاب العربي في المعدل العام بين ألف الى ثلاثة آلاف، بينما يبلغ عدد النسخ المطبوعة للكتاب في أوروبا وأمريكا عشرات الآلاف·

إذا فالمقارنة تكشف لنا أن وضع القراءة في العالم العربي مزرٍ للغاية، ونحن هنا نتحدث عن القراءة أيا كانت، (كتب الطبخ مثلا أو التنجيم) فما بالك بقراء النقد الأدبي، أو النص الإبداعي·

ويذكر عادل سالم بعض أسباب ضعف القراءة في العالم العربي منها: الوضع الاقتصادي المتدهور الذي لا يسمح بشراء الكتب، وكذلك انتشار الأمية التي تبلغ أعلى مستوياتها في دول عربية مثل: اليمن، موريتانيا، وجيبوتي، إضافة الى انتشار الجهل هناك نسبة واسعة من المواطنين يتركون الدراسة بعد انتهاء المرحلة الابتدائية، ويلتحقون بسوق العمل·

وكتبت خديجة العامودي عن ارتفاع نسبة الأمية في العالم العربي فقالت:

"ربما كانت هذه النسبة المرتفعة جدا من الأمية في العالم العربي مجرد تابع من توابع كل هذا الانهيار العام في السياسة والاقتصاد وكل ما يلي ذلك من تردي الأحوال العامة في أغلب مناحي الحياة· إنه وجه جليّ من أوجه التخلف الذي يسود قطاعات كثيرة، لذلك سيكون من غيرالمنصف أن نناقش مسألة الأمية في العالم العربي بمعزل عن مسبباتها الحقيقية·

فالناس، أو أغلب الناس، في العالم العربي لا يجدون قوت يومهم لذلك ظلوا يعتبرون لقمة الخبز أهم من الحرف، وصحن طعام أهم من جملة مفيدة، وكيسا من المواد الغذائية أهم بكثير من مقال في جريدة أو قصة قصيرة·

في البلدان التي تحترم نفسها تتفوق الكلمة على الخبز، وفي البلدان المتخلفة يتفوق الخبز على الكلمة، ويتفوق سوق الخضار على المكتبة· هذا الواقع لم يرده الناس هكذا لرغبة منهم، بل إنهم يتساءلون كثيرا ماذا سيحدث لو حلّت بهم مجاعة، هل يأكلون الكتب أم أكياس القمح المخزنة في أقبية منازلهم· إنه تفكير الجوع في بلدان تعاني الجوع في كل شيء، حتى في أكثر الأوقات شبعا·

هناك أيضا السياسيون الذي يرون في الناس الأميين قطيعا يسهل سوسهم وقيادتهم الى أي مكان والى أي مصير، فأصعب الأشياء هو حكم أناس متعلمين يعرفون حقوقهم ويقرؤون عن حقوق الآخرين ويقارنون هذا وذاك، أما الإنسان الأمي فيعتبر ابتسامة الزعيم تغني عن كل شيء وتتقزم أمامها كل الواجبات والحقوق"·

 

جلسة الافتتاح

 

تحت عنوان "الاتجاهات النقدية الحديثة وأثرها في النقد "العربي" عقدت الجلسة الافتتاحية من أعمال الندوة التي أدارها أ· فيصل الرفوع، وغاب عنها مقدم البحث الدكتور جابر عصفور لظروف صحية، وقرأت البحث نيابة عنه الدكتورة نورية الرومي أستاذة الأدب العربي بجامعة الكويت، وعقب عليه الناقد العربي الدكتور محمد برادة·

يتحدث الدكتور جابر عصفور عن الدوران في فلك الآخر باعتبارها علاقة تبعية بين الأنا والآخر، بدأت منذ أن دكت مدافع نابليون الأرض المصرية، فنبهت ذاتنا القومية الى مدى تخلفهاوتقدم الآخر عليها حضاريا· وفي هذا تجسيد لمقولة ابن خلدون حول تقليد الغالب المغلوب بقدر ما تقليد الرغبة في الحضور واستعادة ماضينا الزاهر· هذه الاستعادة في رأيه أفضت الى تأسيس خطاب ما بعد الاستقلال وما أثاره مفهوم الاستعمار، برعاية الذين عاشوا في الغرب خاصة، من تساؤل ومساءلة·

على أن واقع الانبهار بالغرب وتقدمه في معظم مجالات الفنون والعلوم سرعان ما أدى إلى وقوع النهضة العربية في شباك المركزية الأوروبية· فلم يكن مصادفة مثلا، حسب رأيه، أن يكتب الطهطاوي عن المعارف الباريسية، مستخلصا المنافع التي رأى إمكانية الإفادة منها للارتقاء ببلده، ابتداء بالفنون والآداب وصولا الى السياسة والدستور، وأصبح الأخذ عن الغرب ضربا من التأويل لتفسير معطيات التقدم وإعادة الإنتاج لها لتقبلها·

 

تعقيب

 

في تعقيبه على البحث قال الدكتور محمد برادة: إن العنوان كفيل بتوضيح المفهوم الإجرائي المفسر لعمق العلائق القائمة بين الاتجاهات النقدية الأجنبية والتجليات المختلفة للكتابات النقدية العربية· وقد استطاع عصفور استعراض مسيرة النقد العربي وتتبع مساراته وتفاعلاته· وأضاف أن الطرح المتداول منذ عقود هو أن النقد العربي لم يتجاوز علاقة التأثر والتبعية وإعادة الإنتاج المختلفة تجاه النقد الغربي والعالمي، ورأى أن الطرح يغفل عناصر مهمة إيجابية دافعة لنقدنا العربي، وهذا صعب الكشف إذ يستعدي التمييز بين عدة مستويات، في مقدمتها طريقة تلمس التأثير الغربي، وتحدث عن لحظة مثاقفة منذ الثمانينات أسهمت بتخطي الوسائط الأكاديمية، وعززت الاتصال المباشر عبر تعلم اللغات الأجنبية· كما تحدث عن انفجار إبداعي في المجتمعات العربية بعد هزيمة 1967 خاصة·

طباعة  

شاعر متصوف ورائد توثيق الحركة الأدبية
خالد سعود الزيد منارة تضيء سماء الكويت

 
احتفت بالبحر وأهازيجه في أمسية رابطة الأدباء
السنعوسي: الإبداع يولد في كل لحظة ويتشكل في صور جديدة غريبة

 
شعر