رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الاربعاء 8 نوفمبر 2006
العدد 1749

سنة كويتية استثنائية ومدهشة(5)
من الذي فاز إذن؟ ولماذا خذلت النساء بنات جنسهن؟

                                       

 

·         تحالف الإسلاميون والليبراليون.. ولكن النتائج بحكم الغيب!

·         المفاجأة كانت أن غالبية أصوات النساء ذهبت الى المرشحين الذكور!

·         هل فعلت حقائب الشانيل ودنانيرها فعلها؟

·         رقابة العناصر الوطنية مهمة.. ولكن الدعم الخارجي يعزز مطالبها

 

ماري آن تيتيرول:

أشار معظم عناوين الصحف الرئيسية بعد إجراء الانتخابات الى فوز الإسلاميين في الانتخابات الكويتية، وبالفعل فقد فاز الكثير من الإسلاميين، ولكن السبب يتجاوز قوة الدوافع الدينية، الى قرار التحالف الليبرالي في دعم المرشحين الذين يدعمون تعديل الدوائر ومحاربة الفساد بغض النظر عن ميولهم الأخرى·

 وتخطى هذا الدعم مجرد الأقوال ليتضمن تنظيم حملات لصالح ما أطلق عليهم الإصلاحيون على يد نشطاء الحركة البرتقالية الشبان، ولاحظ أحدهم أن "أحد أعضاء المجلس الإسلاميين عقد ندوة في جامعة الكويت، وكنت حاضرا، فقلت له إن  أحد أهدافي هو إسقاطك، أما الآن فأنا أعمل من أجل نجاحك"!

ونجحت هذه الاستراتيجية في المجيء بأغلبية تعهدت بالإصلاح، ولكن ما إذا كانت هذه الأغلبية ستعمل من أجل الإصلاح وكيف، أمر يظل في ضمير الغيب·

أحد قادة التحالف برّر هذه الاستراتيجية كطريقة "لإعطاء الإصلاحيين فرصة أفضل للوصول الى مجلس الأمة· فالكل يواجه الحكومة ذاتها ولا يعتبر التسعة والعشرين عضوا من أعضاء التحالف مجرد رقم، بل هم مفهوم، والرقم لا يهم كثيرا، وإنما المفهوم الذي يحاربون من أجله"· ورغم أن مجلس الأمة الجديد قد كشف مسبقا عن طموحه لممارسة التدقيق، بين أمور أخرى، والطلب من كبار المسؤولين في مجلس الوزراء كشفا بالذمم المالية، إلا أن الحكم على هذا الطموح مازال مبكرا· فقبل ذلك انهارت تحالفات الإسلاميين والليبراليين، وأقرب فترة كانت خلال مجلس أمة العام 1992، حين تخلى الفائزون الإسلاميون عن حلفائهم الليبراليين ليعقدوا صفقات أفضل مع الحكومة· وأظهرت انتصارات الإسلاميين في العام 2006 انتهازية سياسية أيضا على يد الإسلاميين الذين "تحولوا الى برتقاليين" بأعداد كبيرة بعد أن كشفت المظاهرات عن الجاذبية الجماهيرية للحملة المناوئة للفساد، إلا أنهم لم يشاطروا الليبراليين نظرتهم تجاه قضايا أخرى مثل حقوق المرأة· وكانت التوترات المحتملة بين الليبراليين والإسلاميين تحت مظلة التحالف ذاته واضحة في أحد التجمعات ضد الفساد الذي عقد في 24 يونيو في العديلية· وكانت إجراءات وتنظيم التجمع تحت سيطرة الإسلاميين، فطلب من الرجال والنساء أن يجلسوا في أقسام منفصلة· حيث خصصت ثلاثة أقسام للرجال وقسم للنساء· وقامت النساء الليبراليات بتمرد ناجح أدى إلى نتائج عملية، حيث خصص قسمان للرجال، وواحد للنساء، وقسم للعائلات جمع بين النساء والرجال·

ومع ذلك· فحتى مرشحون ليبراليون الى حد ما مثل "مرزوق الغانم" فصلوا بين الحضور على أساس الجنس، فلم يوفروا خيما منفصلة للرجال والنساء فقط، بل وضعوا حراسة على الخيام لضمان أن لا يتجاوز أحد الخط الفاصل بين الخيمتين!·

 

الصوت النسائي

 

إن لدى أي استراتيجي انتخابات الكثير ليقوله حول "ضبابية التصويت" فالانتخابات شأنها في ذلك شأن الحروب هي أحداث لا عقلانية، مجردة من حلول استثنائية لمشكلة اتساق التفضيلات مع الخيارات، وكلاهما لا يثبت على حال بدءاً من المشاعر ووصولا الى المناخ· ولكن نتائج الانتخابات، مثلما هي نتائج الحروب، هي نتاج النيّات والأداء، ومجرد جمع الأسباب التي تكون معلومات من عدة مصادر تختلف في النيات والأداء لا يجعل النتائج عشوائية·

الأمر نفسه يمكن قوله عن "تصويت النساء" في انتخابات العام 2006 فأنصار حقوق المرأة السياسية، من الرجال والنساء، فوجئوا بأن غالبية أصوات النساء ذهبت إلى مرشحين رجال، ونظروا نظرة أسف خاص الى فوز "جمال العمر" فقد حصل "العمر" من أصوات النساء والرجال ما يفوق مجموع الأصوات التي ذهبت الى رولا دشتي، ونبيلة العنجري والمرشحات الثلاث الأخريات في الدائرة العاشرة·

فهل فعلت حقائب الشانيل المحشوة بالدنانير فعلها؟ حتى لو كان الفساد عنصرا في الموضوع، فلا يعني هذا أن النساء أدلين بأصواتهن بالطريقة ذاتها التي صوَّت بها الرجال في عائلاتهن، وهو ما افترضت الحكومة، على حد قول اثنين من موظفي المجلس، إنه سيجري في الانتخابات·

وكان هناك أمر آخر يدعو إلى الأسف، وهو أن الكثير من النسوة أدلين بأصواتهن لصالح رجال كرسوا عملهم كله لإبقاء المرأة في وضع متدن·

ورأى أنصار الليبرالي نصير المرأة "عبدالله النيباري" في الدائرة الثانية في تصويت النساء بهذه الطريقة خيانة· وعبر أحدهم عن خيبته بالقول إن "النساء أرجعن الى مجلس الأمة أولئك الذين يقفون ضد حقوقهن·· يا ربي ·· لماذا فعلن هذا؟"·

وتعرضت النساء للنقد أيضا لأن حصيلة الأرقام أظهرت أن مشاركتهن في التصويت جاءت بمعدلات أدنى من معدلات تصويت الرجال·

ولكن جزءا من قصة هذه الحصيلة المتدنية على الأقل هي نتاج كيفية القياس، فالمقترعون الذكور المحتمل مشاركتهم في التصويت كان مطلوبا منهم التسجيل خلال الوقت الاعتيادي المعين في الكويت، أي شهر فبراير، وكان الكثيرون ممن أصبحوا في سن الانتخاب بعد الانتخابات الأخيرة لم يكونوا مسجلين في يونيو 2006 لأن تسجيلهم حسب الوقت الاعتيادي كان سيتم في فبراير 2007، ما بعد موعد انتخابات الصيف، وأيضا، هناك الرجال غير المعنيين بالأمور السياسية، وهؤلاء لا يكلفون، أنفسهم حتى عناء التسجيل، أما النساء فقد عوملن بشكل مختلف· فكل النساء، مع استثناءات قليلة بسبب أخطاء فنية، اللواتي في سن الانتخاب تم تسجيلهن تلقائيا باستخدام بيانات البطاقة المدنية سواء كن سيذهبن للتسجيل في فبراير أم لا· وأمرت الحكومة باتخاذ هذا الإجراء على أساس توقع أن الانتخابات المفاجئة (غير المتوقعة) ستحرم النساء اللواتي يتوقعن مشاركتهن في التصويت للمرة الأولى في العام 2007 من حقوقهن الدستورية الجديدة، وفي النتيجة، جاءت أرقام المقترعين من الذكور والإناث على أساس قواسم مختلفة، ومن هنا فإن المقارنة بين عدد أصوات الذكور وأصوات النساء تصبح مضللة·

وفي الحقيقة يجري الحديث بين أعضاء مجلس الأمة عن تغيير في قانون الانتخابات لتطبيق هذا النظام الأسهل بالنسبة للرجال أيضا·

جملة الأمر، بالنسبة لأول جولة في بلد تم فيه الحصول على حق النساء بالتصويت وخوض الانتخابات كمرشحات للمجلس ليس عبر تصويت حر في مجلس الأمة بل عبر لي الذراع، فإن مثل هذه النتيجة لا تبدو بالغة القتامة، وسيأخذ تكيف النساء والرجال في الكويت مع الواقع الجديد الذي تكون فيه النساء عناصر سياسية، وكائنات يمكن أن يكن عقلانيات أو لا عقلانيات في كل تفصيل مثل زملائهن الرجال، المزيد من الوقت· لقد كانت انتخابات العام 2006، رغم الخيبات على الصعيد النسائي، بداية جيدة لحياة الكويتيات السياسية المستقلة، فقد أظهرت، بالإضافة الى حرفيتهن ومصداقيتهن كمرشحات، قدرتهن على تقبل الهزيمة بصدر رحب، وحين يعتاد الرأي العام على الوضع القانوني الجديد، فمن المحتمل أن يكون أداء المرشحات أفضل·

 

دمقرطة!

 

ويعيدنا كل هذا الى الديمقراطية وسنة الكويت الممتلئة بالمعجزات، فقد لاحظت اليانور داوماتو، أستاذة العلوم السياسية، أن حقوق الإنسان في دول الخليج العربية هي هبة من الحكام وليس البرلمان·

وهذا أمر مؤكد في حال الكويت، حيث أظهرت استطلاعات الرأي قبل تغيير قانون الانتخابات في مايو 2005، فقدان دعم محبط للمرشحات، وإحباطا أكثر لمشاركة المرأة في التصويت، ولكن دور الديمقراطية في انتخابات العام 2006 يجب أن ينظر اليه بتعابير أوسع من دور الديمقراطية وهو أنه كانت هناك انتخابات هي على الجملة أكثر دلالة على التوقعات بأن أية عملية ديمقراطية يجب أن تقوم في الكويت وقامت، وكانت التظاهرات التي ساعدت على إسقاط الحكومة غير عنيفة، مثلما كان في الواقع رد الفعل الرسمي عليها، ربما جاء تصرف الأمير الجديد في حل مجلس الأمة والدعوة الى انتخابات جديدة متعجلا، وقد اعتبره رئيس مجلس الأمة علنا قرار مواجهة غير ضرورية، ومع ذلك، فقبل 20 سنة فقط حل أمير الكويت مجلس الأمة ولم يدع الى انتخابات جديدة الى أن جعل غزو الكويت والحرب وتحرير الكويت من الصعب عليه أن يواصل معارضة مطالب إعادة الحياة الدستورية·

وقد جاءت هذه المطالب من قبل الكويتيين عبر مرحلة طويلة تخللتها تظاهرات تمت مواجهتها بما هو أكثر من مجرد حادث جرح شخص بضربة عصا شرطي، فقد شهدت حركة الدفاع عن الديمقراطية بين العامين 1989-1990، ضربا للمتظاهرين على نطاق واسع، بالإضافة الى انتهاك حرمة مسجد بقنابل الغاز المسيل للدموع والكلاب البوليسية، واعتقال عشرات من المعارضين البارزين، وجاءت المطالبات بالإصلاح من الخارج أيضا، ليس فقط من المنفيين في الخارج خلال الاحتلال العراقي، بل من بلدان توقعت، وهي ترسل قواتها لتحرير الكويت، أن يتصرف قادتها بصورة أفضل من المحتل الذي طرد بالقوة·

 وعلى رغم انتقاد رجال الدين، بل حتى عامة الناس بعد التحرير، فإن السفراء الأجانب والمنظمات غير الحكومية ضغطت من أجل حقوق المرأة السياسية، وحماية "البدون" ومعاملة أفضل للخدم والعمال الأجانب الآخرين، وتغيرات بنيوية تفتح الاقتصاد الكويتي ونظامه السياسي·

ولكن دفاع الكويتيين أيضا عن كل قضية من هذه القضايا لا يلغي فائدة الدعم الخارجي من قبل أولئك الذين يقيم قادة الكويت لآرائهم أهمية، ولا يعتبر هذا الدعم الخارجي مجرد كابح إضافي لمنع الانزلاق والعودة الى ماض أكثر شمولية في الحكم، بل هو أيضا دليل أن هناك حكومات أخرى تدعم الدمقرطة في الشرق الأوسط·

ويشدد "جامي ميرفيلد" وهو يكتب مؤيدا لمحكمة الجنايات الدولية على دور الكوابح الخارجية في دعم الديمقراطية: "إن الديمقراطيات تفولذ نفسها ضد مغريات غير حكيمة في المستقبل، مثلما فعل "يوليسيس" حين ربط نفسه الى صاري السفينة (حتى يتجنب إغراءات الحوريات القاتلة)·· وإنه لأمر مدهش أن يوافق 102 بلد طوعا على جعل قادتها معرضين للعقاب أمام محكمة دولية"·

وعلى نحو مشابه يضيف المراقبون الدوليون الكوابح التي تمارسها العناصر الوطنية على الحكومات·

رقابة هذه العناصر الوطنية أكثر أهمية بالطبع، إلا أن وجود هذه العناصر مع القليل من التشجيع من الخارج يمكن أن يعزز جهودها من أجل بناء مؤسسات ديمقراطية، وخذلان سعي الحكومات لإغلاق هذه المؤسسات· فإذا كان المجتمع الدولي جادا حول إشاعة الديمقراطية، فإن أي عمود من أعمدة الاستبداد لن يسقط من دون وجود مشاهدين منتبهين يصغون الى دوي السقوط·

(تمت)

طباعة  

مستبقاً قرار الإدارة الجامعية في جامعة الخليج لرفع الرسوم الدراسية
النوري: لن يمر قرار رفع الرسوم إلا على جسد الرابطة

 
في ندوة تجاوز حضورها الخمسة آلاف نظمتها جمعية حقوق الإنسان
المحاضرون: قضية البدون وصمة عار يجب حلها بطرق إنسانية

 
مع اقتراب بدء الدورة الانعقادية الجديدة لمجلس الأمة 2006
مطالب المرأة للنواب: البعد عن المصالح الشخصية والاهتمام بالقضايا المصيرية في الدورة الجديدة

 
من المجلس
 
الصرعاوي ينتقد تدخل وزير التربية
 
الطاقة: ثلاثة أنظمة لتحصيل الاستهلاك.. والسكن الخاص يتحمل 86% من الفواتير المتراكمة
 
ديوان المحاسبة
 
رأي مهني