· قرارات الحكومة تساعد على حماية المفسدين بدلاً من محاسبتهم
· جهاز خدمة المواطن يمارس الفساد ولا لون وطعم له
· في المجلس الماضي كنا نعاني من أخطر أنواع الفساد وهو الفساد التشريعي
أجرى الحوار محيي عامر:
في حوار أجرته "الطليعة" مع عضو مجلس الأمة عادل الصرعاوي أكد خلاله أن الفساد أصبح مؤسسة تقوم على قواعد متنفذة في القرار السياسي والاستثماري وحتى القرار التشريعي· وهو نتيجة طغيان عناصر فاسدة يقابله عدم رغبة حكومية صادقة لمواجهته وأضاف: أن الحكومة مطالبة باستبعاد بعض العناصر المنغمسة بالفساد حتى يتيح لها ذلك أن تكتسب ثقة الآخرين وقال: كنا نعاني في المجلس الماضي من أخطر أنواع الفساد وهو الفساد التشريعي الذي قضينا عليه من خلال قانون تعديل الدوائر، وأشار الصرعاوي الى أن المجلس لم يتعامل مع التقارير بالحجم المطلوب،
وأن بعض هذه التقارير كفيلة بإسقاط حكومة·
وأكد أن ملف قضية هاليبرتون من ضمن الأولويات بالمجلس الحالي لأن المجلس السابق لم يستطع النظر فيه، وعن قضية الناقلات قال: تم اتخاذ قرارات في هذه القضية وتناول في حديثه تجارة الإقامات التي رأى أن المجلس له دور فعال في هذه القضية، الأمر الذي يؤكده قانون دعم العمالة وإجبار الشركات على تزويد العمال برقم حساب خاص بهم في البنوك وأضاف: يجب الاعتراف بوجود هذه الظاهرة وأن نتائجها ليست في اتجاه إيجابي، وأشار الى أن الحكومة بصدد إصدار قانون متكامل ينظم العمل داخل القطاع الأهلي·
كما أكد أن المرحلة المقبلة ستعطى أهمية للتركيز على قضايا الفساد وفي الوقت ذاته يتم تجاهل بعض القضايا الأخرى مثل قضايا التعليم والمخدرات، والتركيبة السكانية وقضايا المعاقين كما أعلن ان يوم 11/12/2006 هو الجلسة الخاصة للتعليم يتبعها جلسة خاصة للمخدرات ثم بعد ذلك جهد خاص لفحص التركيبة السكانية وأشار الى أنه بصدد إعداد دراسة عن التركيبة السكانية من واقع الإحصاءات المتاحة وستعرض قريبا على المجلس وفيما يلي تفاصيل الحوار:
" لا تكاد تخلو أخبار الصحف اليومية من الفساد المالي والإداري في الكويت بل إن مسؤولين حكوميين يصرحون بذلك علنا ويشكون من هذا الفساد، وفي المقابل نجد أن رد الفعل المتعلق بضرورة الإصلاح ومحاربة الفساد لا يتواءم مع الحالة التي وصلت اليها العديد من الملفات·· كالنفط والإنشاءات وغيرها كيف تفسر هذه الظاهرة؟
- الفساد هو نتيجة طغيان عناصر فاسدة يقابله عدم رغبة حكومية صادقة لمواجهة هذا الفساد، الأمر الذي نتج عنه تضخيم لأعمال الفساد الذي أصبح الآن في متناول اليد ويمكن رؤيته بالعين المجردة، ولم تزل الحكومة الى الآن في مرحلة النوايا ولم تقدم أي فعل يبرهن لنا على مصداقية هذه النوايا، فموضوع الفساد يتطلب اتخاذ قرارات جادة إلا أن الحكومة لم تتخذ أي قرار لمواجهة الفساد· فإن نظرنا الى تقارير ديوان المحاسبة وتقارير الجهات الرقابية وتقارير حماية المال العام، إضافة الى لجان التحقيق التي شكلها المجلس جميعها تؤكد أن هناك خللا، بل تأتي التقارير متضمنة أسماء المتسببين في هذا الخلل وفي المقابل يأتي رد فعل الحكومة بطريقة لا تصب في مكافحة الفساد بل تساعد في تقويته وكل ما تفعله الحكومة إحالة الموضوع الى النيابة العامة دون أن يتضمن التقرير أسماء المتسببين في الفساد الذين تم ذكرهم، فهي بذلك تساعد على حماية المفسدين بدلا من محاسبتهم·
والحكومة مطالبة أمامنا بأن تكون أكثر جدية في التعامل مع ملف الفساد ولا أعفي المجلس في الوقت ذاته من هذه المسؤولية فعليه أن ينتبه وأن يضع في اعتباره الرسالة التي استلمها من الشارع الكويتي في انتخابات 2006 فنحن مطالبون أمام الشعب بتأدية الدور المطلوب منا دون أي مبرر يساعدنا في التهاون مع هذا الفساد، والحكومة مطالبة بخطوات تنفيذية أيضا تعكس أنها مستعدة للتعاون ويجب أن تتناول قضية تفعيل دور ديوان المحاسبة وتعيين القياديين والإداريين وكذلك أسلوب طرح المناقصات وما يصاحبه من شوائب·
" هل تلاحظون أن التعاطي الحكومي مع مسألة الفساد يوحي بتضارب الأهداف في بعض الأحيان، بمعنى أن وزراء أو أشخاصاً في السلطة يؤكدون رغبتهم في الإصلاح لكنهم يتعاملون بطريقة أخرى لا تصب في مصلحة مكافحة الفساد، إذ تقدم الحكومة على إنشاء جهاز خدمة المواطن الذي يقوم بخدمات مشبوهة لمرشحين في الانتخاب، فكيف يمكن فهم هذه المسألة من جانبكم؟
-إن الحكومة مطالبة باستبعاد بعض العناصر المنغمسة بالفساد حتى تستطيع أن تكتسب ثقة الآخرين لأنه من غير المعقول أن الشخص الذي يكلف من قبل الحكومة لمواجهة الفساد هو الشخص ذاته القائم على هذا الفساد وجهاز خدمة المواطن ليس له لون أو طعم أو رائحة وغير واضح في مهامه ولا يمكنني سوى أن أقول هذا الجهاز هو من يمارس الفساد، وأدير هذا الجهاز في وقت الانتخابات بناء على قرارات شفوية والقرارات الشفوية هي من أكبر وسائل الفساد في العالم وليس أمامنا خيار سوى إنهاء خدمات هذا الجهاز واستبداله باقتراح تقدمت به مع مجموعة من النواب يتمثل في إنشاء جهاز للرقابة الإدارية برئاسة أحد المستشارين الذي يتم تعيينه من قبل القضاء وبذلك يعد هذا الجهاز أداة من أدوات القضاء على الفساد ولا يعد الأداة الوحيدة فسيكون مكملا مع أدوات أخرى للقضاء على الفساد·
" بصراحة·· هل تشعرون أن تصرفات بعض النواب في المجلس الحالي والمجالس السابقة تصب بطريقة أو أخرى في خانة تقوية قوى الفساد عبر مواقفهم من الكثير من الاستجوابات أو لجان التحقيق؟
- دعنا نتحدث في البداية عن المجلس الحالي الذي كنا نعاني خلاله من أخطر أنواع الفساد ألا وهو الفساد التشريعي، لأن الحكومة يراقبها المجلس ولكن من يراقب أعضاء المجلس؟ ولذلك هم الشعب بأكمله ووجد أن مدخل الإصلاح السياسي داخل مجلس الأمة ومجلس الوزراء في مشروع تعديل الدوائر ونتمنى أن يستكمل هذا المشروع بمجموعة من القوانين المكملة لعملية الإصلاح·
ويجب أن نعترف بأن طريق الإصلاح طريق طويل يحتاج الى عمل شاق، إلا أننا واثقون من قدرة الشعب الكويتي لتحمله المسؤولية وتحديه في مواجهة رؤوس الفساد·
" البعض يرى أن الجهد الذي يبذله مجلس الأمة في محاربة الفساد لا يأتي بثماره·· فلو نظرنا مثلا الى نتائج التحقيق في قضايا البيئة وملف المخدرات نجد أن النتيجة لا شيء·· ما تعليقكم؟
- يجب التفرقة بين أمرين الأول هو وصول لجان التحقيق الى نتائج وقرارات مهمة وخطيرة قد تكون هذه القرارات كفيلة بإسقاط الحكومة أو إسقاط الوزير أو الجهاز المعني، والأمر الثاني يتعلق بكيفية تعامل المجلس والحكومة مع هذه التقارير·
فكثير من التقارير أثبتت وجود ممارسات خاطئة ومساس بالمال العام ومضاربة للقوانين وانتهاك لحقوق المواطنين إلا أن تعامل المجلس مع مثل هذه التقارير لم يأت بالحجم المطلوب، وأود أن أشير الى أنه بالمجلس الماضي أصدرت بعض لجان التحقيق بيانات مهمة وخطيرة إلا أن الوقت لم يتح لنا النظر فيها ولكن هناك إصرار من جميع النواب بالمجلس الحالي على التعامل مع هذه القضايا والتقارير الخاصة بموضوع هاليبرتون ومتابعة تقارير ديوان المحاسبة التي أكدت على وجود ضرر بالمال العام، وخير مثال قدمه لنا ديوان المحاسبة هو التقرير الذي جاء فيه أن استجواب وزير الدولة شرف، وأنا أعتقد أن هذا التقرير كفيل بأن يسقط حكومة لأنه أثبت أن الوزير أدلى بمعلومات غير صحيحة أمام مجلس الأمة والحكومة، فهل تعامل مجلس الأمة بجدية مع مثل هذا التقرير؟! للأسف لا، ولذلك يجب التفرقة بين التقارير وما يأتي فيها وبين تعاطي مجلس الأمة والحكومة مع هذه التقارير وأتأمل أن تنال هذه التقارير في المرحلة المقبلة حقها من الاهتمام وأن يتم اتخاذ القرار المناسب·
" هل هناك تنسيق بينكم لمتابعة هذه التقارير؟
- نعم هناك تنسيق مبدئي حول هذه التقارير وأن بعض التقارير تم التأكيد في بداية الجلسة على لقاء بعض اللجان التي كلفت في المجلس الماضي بشأنها أن تستمر لتقديم تقرير جديد الى المجلس، وحتى الحكومة تعهدت في الجلسة وهي الآن أمام تعهدها·
" ما تقييمكم لبعض نتائج القضايا المهمة التي كانت محط نقاش في المجلس مثل نتائج لجنة تقصي الحقائق عن الغزو العراقي لدولة الكويت وتجارة الإقامات، وملف هاليبرتون وقضية الناقلات وأملاك الدولة؟
- هذه قضايا تعاملت معها الصحافة المحلية والمجلس بدرجات مختلفة وهي بحاجة الى قرارات يجب التعاطي معها بجدية·
أما نتائج لجنة تقصي الحقائق عن الغزو العراقي للكويت فأعتقد أن هذا التقرير أعد بشكل كامل وأخذ حقه كاملا من حيث الاهتمام به·
ولو تناولنا ملف هاليبيرتون الذي شكلت له لجنة وأعد تقرير خاص له إلا أن المجلس السابق لم يستطع النظر فيه، إلا أنه من ضمن الأولويات بالمجلس الحالي وسيتم تقديم تقرير لهذا الملف استكمالا للتقرير السابق·
أما قضية الناقلات فتم اتخاذ قرارات أحيلت الى الحكومة التي أحالتها بدورها الى النيابة وهي الآن أمام القضاء ونحن واثقون بقضائنا النزيه·
وتجارة الإقامات كان للمجلس دور فاعل في هذه القضية ولعل ذلك يتمثل في صدور قانون دعم العمالة وإجبار الشركات على تزويد العمال بأرقام حسابات خاصة بهم في البنوك إلا أنه يجب الاعتراف بوجود هذه الظاهرة والنتائج ليست في اتجاه إيجابي، ولكن أعتقد أن الحكومة في صدد إصدار قانون متكامل ينظم العمل داخل القطاع الأهلي مستمد من منظمة العمل الدولية وأتمنى أن يكون فيه حل للقضاء على تجار الإقامات·
وعن قضية أملاك الدولة فهي من القضايا التي كان لها اهتمام بالمجلس والتي تشكل من أجلها لجان وطلب من ديوان المحاسبة إعداد تقارير فيها، وتقدمت باقتراح مع مجموعة من النواب بتنظيم مثل هذه العملية عن طريق نظام الـ B.O.T وقدمت أيضا مجموعة أخرى من النواب تعديلات على هذا القانون·
وآمل من خلال التنسيق بين التكتلات داخل المجلس أن يكون هذا الموضوع من أولى القضايا التي تطرح في المجلس خلال الدورة الانعقادية المقبلة التي ينتظرها العديد·
فيجب أن نركز على قضايا الفساد من ناحية وألا نتجاهل القضايا الأخرى مثل قضية التعليم، والتركيبة السكانية، والمخدرات، وقضايا المعاقين التي أرى أن المجلس الماضي كان لا يعطيها حقها ولذلك يجب أن تكون هذه القضايا من الأولويات في المرحلة المقبلة·
وأنا أعلنت أن 11/12/2006 ستكون الجلسة الخاصة للتعليم يتبعها جلسة خاصة للمخدرات يتبعها جهد خاص لفحص التركيبة السكانية التي أعكف على إعداد دراسة عنها وعن إسقاطاتها من واقع الإحصاءات المتاحة وستعرض هذه الدراسة على المجلس مصحوبة باقتراح لتكليف إحدى لجان المجلس لبحث هذا الموضوع مع المعنيين في الجهات الحكومية لتقديم تقرير عن هذا الموضوع الذي لم يعطه المجلس الماضي حقه، وتتركز هذه الدراسة بالدرجة الأولى على مقارنة الكويتيين بغير الكويتيين وتصنيف غير الكويتيين حسب جنسياتهم وأنواعهم وإسقاطاتها على الكويت وأيضا تركيبة هذه العمالة من حيث الفئة العمرية وبالتالي إسقاطاتها على كل خدمات الدولة، وأتمنى أن تنجز هذه الدراسة خلال فترة وجيزة وأن تعرض على المجلس للاقتراع وأن تبحث داخل اللجان·
" هناك أجهزة فاسدة بشكل واضح وصريح مثل بلدية الكويت ووزارتي الداخلية والشؤون الاجتماعية والعمل فيما يتعلق بالعمالة والاتجار بها وتستمر ممارسات مثل هذه الأجهزة عقوداً من الزمن··إلا أننا لا نجد أي إجراء تصحيحي لمهام هذه الأجهزة ما رأيك في ذلك؟
- مما لا شك فيه أن قضية تشخيص الفساد في مثل هذه الأجهزة واضح وهناك اعتراف صريح من رئيس الحكومة أن البلدية فيها من الفساد ما لا يجب السكوت عليه وليست البلدية فقط بل إن هناك من أجهزة الدولة ما هو موجود بالبلدية، وإن الحكومة والمجلس مطالبان بخطوات جادة لتفعيل الأدوات الرقابية للقضاء على هذا الفساد ولدينا مثلاً في الكويت يقول "قال من أمرك قال من أنا مين نهاني" فيجب الاعتناء بهذه القضية وإحالة الأشخاص الى النيابة واتخاذ الإجراءات القانونية كفيل على الأقل بصد مثل هذه الممارسات·
" بعد حديثنا المطول معك·· برأيك من يقف وراء الفساد في الكويت؟
- الفساد أصبح مؤسسة تقوم على قواعد متنفذة في القرار السياسي الكويتي والقرار الاستثماري حتى في القرار التشريعي، وهناك من يرعاها ومن ينميها والكويت هي من تدفع الثمن، وعناصر الفساد موجودة في كل المواقع سواء من الحكومة أو من المجلس وحتى هناك من بين بعض أفراد الأسرة الحاكمة·
وبالتالي عملية الإصلاح ليست سهلة وطريق القضاء عليها ليس مفروشا بالورود، فهؤلاء المفسدون ترسخت أنيابهم وكبرت مخالبهم والقضاء عليهم يتطلب جهداً كبيراً وما حدث في الانتخابات الماضية كفيل بالقضاء على هؤلاء المفسدين وإن أهل الكويت الذين استطاعوا إبعاد عناصر التأزيم داخل الحكومة قادرون أيضا على إبعاد عناصر التأزيم في أي مكان كذلك، خاصة أن الشعب ومجلس الأمة مصممان على الاستمرار في هذه الرغبة الصادقة حتى نتمكن من القضاء على جميع العناصر الفاسدة وحتما يحتاج القضاء عليه الى ثمن، ونحن مستعدون لدفع هذا الثمن لأن الفساد ضارب بأنيابه ووصل الى مرحلة العضل وعلى الجميع أن يعي الرسالة التي أوصلها الشعب الكويتي في الانتخابات السابقة التي لم تدركها الحكومة حتى الآن فلم نتلمس منها سوى نفس إيجابي وليس فعلا للقضاء على الفساد فلم تزل الحكومة حتى الآن حكومة أقوال لا حكومة أفعال·