رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 4 اكتوبر 2006
العدد 1745

سنة كويتية استثنائية ومدهشة (1)

 

 

·         هل غابت "الدمقرطة" الكويتية عن الإعلام العالمي لأنها سلمية لا عنيفة؟

·         حركة الشباب المندفعة بقوة كانت إحدى مفاجآت العام

·         توارت قضايا المرأة وراء قضية  محاربة الفساد ولو إلى حين

·         جاءت نتائج الانتخابات المبكرة بما لم يكن في الحسبان أيضا!

 

ماري آن تيتيرول

في هذا التقرير الذي ننشره على حلقات مترجماً عن نشرة تقرير الشرق الأوسط "MERIP" متابعة عن قرب لما أطلقت عليها الكاتبة سنة كويتية استثنائية، وتعني بذلك الأحداث السياسية التي جرت بالكويت منذ مطلع العام الحالي، بدءاً من تنصيب الشيخ صباح الأحمد أميراً مروراً بالحملة الشعبية الواسعة على الفساد، ووصولاً الى حل مجلس الأمة وإجراء انتخابات مبكرة· المتابعة المنشورة في 7 سبتمبر 2006 تلاحق الأحداث وتستشرف آفاق المستقبل·

 

حظيت الكويت  بسنة استثنائية ولم تنته هذه السنة بعد رغم أن لا أحد ربما يعرف الأمر من قراءة حتى الصحافة البديلة في الغرب، ففي أعقاب تطورين بالغي الأهمية في تحول دولة الكويت البطيء الى الديمقراطية سرعان ما استحوذ اضطراب آخر على جزء آخر من الشرق الأوسط أخرج الكويت من دائرة الضوء·

وكان هذا أمراً مؤسفا الى حد بالغ، فالأخبار الجادة عن الكويت من النادر أن تتسرب الى ما هو أبعد من المنطقة في أفضل الأحوال وحين تكون الحكاية هي حكاية تحولات ديمقراطية لا الغزو ولا الإرهاب فإنه حتى أكثر الأخبار أهمية يمكن أن تتبخر بلا أثر، هل هذا لأن عملية "الدمقرطة" في الكويت هي نتاج سياسة سلمية أكثر مما هي نتاج مواجهة عنيفة؟ إذا كان الأمر كذلك فإنها ترسم سلوكاً فروسيا، نحو موجة تغير سياسي تقدمي من المفترض أن الأمريكيين وآخرين يفضلون رؤيته يحدث في مختلف أرجاء الشرق الأوسط·

في مستهل السنة الكويتية المدهشة كان الانتقال المزدوج والمعقد بين ثلاثة أمراء· النقاش الساخن في أوساط الأسرة الحاكمة الذي حدث في الخريف الماضي حول خلافة الأمير المتوعك صحيا آنذاك الشيخ جابر الأحمد كان قد تضاءل إلا أن الأمر لم يحسم ومع ذلك فبعد وفاة الأمير ما كان يمكن أن يكون معركة خلافة قاسية وصاخبة تحول الى مهرجان فخم على يد جاسم الخرافي رئيس مجلس الأمة والناطق باسمه، وقد أدار الخرافي بمسؤولية عالية مسألة الاستقالة الرسمية لولي العهد سعد العبد الله الذي يعاني من أمراض الشيخوخة ثم كرس تنصيب الشيخ صباح الأحمد الجابر أميراً جديداً، وجاء تقلد الشيخ صباح لمنصبه وسط موجة من المشاعر الطيبة ما كانت لتسود لولا تدخل رئيس مجلس الأمة·

ولكن من المحزن أن ما كان يمكن أن يصبح فترة متطاولة من التهاني للكويت والامتنان لكفاءة مؤسساتها المتنامية أبعده عن الأنظار انتصار حماس في الانتخابات في فلسطين لكون وسائط الإعلام العالمية لا تستطيع التركيز على أكثر من قصة واحدة في وقت واحد·

الحدث الكبير الثاني في الكويت في هذه السنة هو الانتخابات البرلمانية في29  يونيو التي حظيت بتغطية عالمية الى أن أخرجتها من دائرة الأخبار الأزمة في غزة أولاً ثم الغزو الإسرائيلي للبنان، وهكذا لم يسجل هذا التطور الكبير الثاني إلا بالكاد على شاشة رادار العالم، رغم أنه كان السبب وراء إجراء الانتخابات قبل عام من موعدها المعتاد·

فقد كان هذا التطور حملة مبكرة لوحظت بسبب تركيزها الحاد "على تثبيت الدوائر الانتخابية والتعبئة السريعة لها" حرفيا خلال ثلاثة أسابيع وفعاليتها السياسية في المجيء بالنتائج، وأعادت الحلقات المتتابعة كلها الى الذاكرة أحداث انتقال الحكم قبل بضعة أشهر·

للباحثين أن يتناقشوا في ما إذا كان سقوط شجرة في غابة يحدث ضجة إن لم يكن هناك أحد يسمعها ولكن المراقبين في الكويت أكثر اهتماما حول ما إذا كانت ستستمر الخطوات باتجاه الديمقراطية الدستورية في التقدم بنشاط من دون إدراك أو انتباه أنصار الديمقراطية في الخارج، وفي الداخل أيضا بما يحدث· نحن جميعا لا يمكننا إلا أن نتساءل عما إذا كانت الديمقراطية نشاطاً مركزاً لشهر واحد أم هي اهتمام جاد لدى المجتمع الدولي·

 

مفاجأة!

حين أعلن الأمير عن انتخابات جديدة في 17 مايو دهش الجميع تقريبا باستثناء قلة من المتابعين اليقظين مثل سعود العنزي نائب رئيس تحرير الأسبوعية الليبرالية "الطليعة" والأستاذ في جامعة الكويت غانم النجار، فقد تنبأ العنزي منذ أكثر من ثلاثة أشهر بأن القيادة السياسية ستحل مجلس أمة العام 2003 المشاكس وستضع الحل على رأس جدول الأعمال للوصول الى مجلس أمة جديد أقرب الى أن يكون مطواعا لجدول أعماله السياسي وكان حدس النجار مبنياً على أساس ملاحظته انتهاء مدة المجالس المتعاقبة مبكرا قبل انتهاء دوراتها، ولهذا لم يكن من المحتمل أن يكمل مجلس العام 2003 سنواته الأربع لأن المجلس الذي سبقه استمر حتى النهاية، كلا المتابعين العنزي والنجار كانا مسرورين لتمكنهما من التنبؤ بهذا الأمر، رغم أن لا أحد منهما تنبأ بالسبب الذي سيجعل القيادة ترسل أعضاء مجلس الأمة الى بيوتهم·

الحدث الذي عجل بالأمر "الشجرة الساقطة في الغابة" كان حركة شعبية التزمت بتقليص دوائر الكويت الانتخابية الخمس والعشرين الى خمس دوائر انتخابية واسعة·

في العادة وعلى امتداد العالم من الأردن الى تكساس يكون إعادة توزيع الدوائر تكتيكا يمارسه الحزب الحاكم ليضمن مقاعد "آمنة" لرجال "نعم سيدي" الطيعين ولكن الأمر في الكويت جاء سبباً للإصلاحيين الساعين الى تقليص شراء الأصوات والمحرمات الأخرى واعتماد أساليب مجربة وصحيحة للتأثير على النتائج الانتخابية، واعتقد الإصلاحيون أن دوائر أوسع ستجعل من ممارسة الحيل والخدع أكثر تكلفة وصعوبة·

وقد فوجئت القيادة السياسية حين اجتذب الصراع المتطاول في مايو لإعادة ترسيم الدوائر الانتخابية فجأة آلافاً من الأنصار الصاخبين وقاعدة واسعة، كان رأس الحربة فيها، الشباب الكويتيين· بل لقد فوجئ حتى الشباب الناشطون بالسرعة التي التف فيها الرأي العام حول قضيتهم، التي أصابها الضعف في البرلمان لأكثر من ثلاث سنوات، وبالفعل فإن كثافة الحركة دفعت القيادة الى التحرك وسواء كانت قد خططت لانتخابات مبكرة لتحصل على مجلس أمة أكثر مطواعية أم لا، فإنها (القيادة) كانت مجبرة على التدخل لإحداث انعطافة في طريق القوى الصاخبة التي كانت صرختها لحشد الأنصار هي إدانة الفساد، وضمنت حركة القيادة، على الأقل، انتخابات أخرى في ظل النظام القديم (الخمس وعشرين دائرة)، إلا أنها انتخابات أنتجت أيضا مفاجآت: فوز35 مرشحاً من مختلف ألوان الطيف السياسي ممن منحتهم حركة محاربة الفساد ثقتها مقابل تعهدات بمحاربة الفساد إذا تم انتخابهم·

وكان دخول النساء الكويتيات ومشاركتهن في أول انتخابات وطنية على قدم المساواة مع الرجال مفاجأة أيضا، وإن لم تكن مفاجأة سارة الى حد كبير·

فاللواتي كن على استعداد للترشيح لمجلس الأمة في يوليو 2007 واجهتهن فجأة مسألة اتخاذ قرار بالترشح فوراً أو انتظار أربع سنوات أخرى قد يكن أكثر استعدادا في حينها لخوض التجربة·

اللواتي قررن خوض الانتخابات شوش عليهن الأمر حملة تقلبت فيها دفعة محاربة الفساد على الكثير من القضايا التي دافعن عنها طيلة سنوات وبالحملة ضد الفساد سعى البعض الى اكتساب الصوت النسائي ولم يفاجأ أنصار حقوق  المرأة من إصرار السياسيين من الذكور خلال الحملة على أن محاربة الفساد هي حدث الانتخابات الرئيسي ونجحت جهودهم في التقليل من الأهمية السياسية لمغامرة المرأة الكويتية الأولى في السياسة العامة، رغم أن مشاركة النساء كانت الحدث الرئيسي بالنسبة للصحافة العالمية·

في الحقيقة أظهرت الناخبات حماساً للمسائل السياسية، نساء من كل الأعمار والطبقات والأزياء خرجن من بيوتهن للانخراط في أحداث الحملة بحيوية في جميع  أنحاء الكويت بل حتى خصوم حقوق المرأة السياسية من الرجال وجدوا أنفسهم في مواجهة أسئلة حادة من النساء في مقراتهم الانتخابية وشعر كل مرشح من مختلف الاتجاهات بأنه مجبر على إنشاء لجان نسائية، وتواجدت في المخيمات الانتخابية زائرات وناشطات وعبر الكويتيون بشكل عام مع اختلاف الأسباب عن دهشتهم أمام مشاركة النساء في التصويت بعضهن مثل الرجال صوت وفق مصالحه وأخريات وفق الانتماء الديني والبعض استجابة للضغوط العائلية والاجتماعية، وبعضهن اجتذبهن كرم ضيافة المرشحين ولطفهم، وربما قلة ليست قليلة اجتذبهن حقائب العطور ورزم النقد نفسها التي تغري بعض الكويتيين ببيع أصواتهم·

كان الشعب كله متفاجئاً بالتحول السياسي الذي انكشف خلال الدورة الانتخابية، وكانت الحملات الناجحة  وطنية أكثر منها خاصة بل حتى من يسمون "بنواب الخدمات" الذين بضاعتهم هي تقديم الخدمات الشخصية للناخبين مقابل أصواتهم، ارتدوا عباءة المصلحة الوطنية في الوقت الذي خضع فيه مفهوم "نائب الخدمات" نفسه للنقد من الخصوم العلمانيين والدينيين والناخبين خلال الحملة·

ليس من الواضح ماذا ستكون عليه استجابة الأسرة الحاكمة وحكومتها لهذا التغير الواسع في السياسة الكويتية مع أن الحكومة الجديدة أخرجت وزيرين من صفوفها كانا أكثر تعرضا لمعارضة نواب مجلس الأمة، وكلاهما كان يحتل مركزاً رفيعاً وأحدهما الشيخ أحمد فهد الأحمد·

وللبرلمان الجديد مشاكله أيضا ليس أقلها مشكلة اقتراح الحكومة بتعديل الدوائر الذي وافق عليه بلا تعديل في دورته السابقة ولهذا الاقتراح نقاد في مجلس الأمة بل حتى أشد أنصار خطة الدوائر الخمس حماسا في المجلس علي الراشد، قال بأن التعديلات ستناقش بعد إقرار اللائحة·

قدرة الشعب الكويتي على التوافق مع مفاجآت المستقبل قد يجيء أوان تجربتها في الخريف القادم، وقد انعكست توقعات الأزمة في الاعتقاد الواسع النطاق بأن مجلس أمة2006  لن يكمل سنواته الأربع رغم أن معظم الكويتيين سيكون مسروراً بمفاجأة من هذا النوع، الكثيرون يتوقعون تجدد المواجهة حول موضوعات جدول الحكومة، مثل مشروع الكويت وهو خطة لخصخصة محدودة لقطاع النفط، ومن جانب آخر فإن أصداء حرب لبنان في الداخل الكويتي تهدد بتصعيد الخلافات المذهبية وربما تتضاعف بخطة تعديل الدوائر التي تعارضها بعض قطاعات الشعب الكويتي، وفي ضوء تكرار الحسابات الخاطئة من قبل الكثيرين خلال النصف الأول من العام2006  فإن أي تفكير بأن السنة الاستثنائية والمدهشة قد انتهت إنما هو على الأرجح تفكير رغائبي في أفضل الأحوال·

طباعة  

إذا كنتم تتجاهلون البعض فلا تتجاهلوا أعضاء كتلة العمل الشعبي
الشحومي: الحكومة الحالية أضعف حكومة شكلت في تاريخ الكويت، متهالكة، متضاربة، متصارعة من الداخل

 
ديوان المحاسبة
 
رئيس مكتب العمالة الوافدة في حديث لـ "الطليعة"
العجمي: ندفع مجلس الأمة لإقرار قانون العمل الجديد.. وإلغاء نظام الكفيل ضروري

 
أسئلة برلمانية
 
الشحومي يدعو الى إنشاء معهد قانوني
 
في بيان صحافي أوضحت فيه بعض الحقائق
"العربية المفتوحة" تواصل خطوات الإصلاح الأكاديمي والإداري