خلطت التيارات الدينية عن عمد بين المفاهيم المحافظة للمجتمعات الخليجية والدين لدرجة أصبح لدينا نسخة خليجية من الإسلام تختلف عن مثيلاتها في بقية العالم الإسلامي ثم بدأت التيارات الإسلامية بتصدير هذه النسخة المحافظة من الإسلام إلى العالم مشفوعة بأموال النفط "الخيرية" ومرحباً بها ومدعومة من قبل أمريكا وحكومات المنطقة كل يستخدمها لحسابه، فهذا يحارب فيها المد السوفيتي وذاك يضرب فيها خصومه السياسيين·
النسخة الخليجية وبسبب تلك الفرصة التاريخية والدعم غير المحدود تحولت إلى نسخة عالمية فوجدت بيئة صالحة لها في "إمارة أفغانستان الإسلامية" المحررة! وتحولت إلى قاعدة لتطبيق تلك النسخة على العالم أجمع وبالقوة·
وإذا كانت طالبان وقاعدة بن لادن تمثل الوجه العنيف لرعاة النسخة الخليجية من الإسلام في الخارج فإن ما ترسخ في المجتمعات الخليجية من فهم جامد و "حامض" للدين لم يعد ممكنا فيه الفصل بين الموروث الثقافي للمجتمع القبلي المحافظ وفهم النصوص الدينية لدرجة أعطي فيها هذا الموروث قدسية الدين نفسه، وساهمت سنوات من التحالف الحكومي مع تيارات الدين السياسي في تسليم أمور البلاد والمهمة منها على وجه التحديد لمنظري هذه التيارات سواء في التربية والتعليم أو في الإعلام والسيطرة على معظم مؤسسات المجتمع المدني، ناهيك طبعاً عن سيطرتهم على المساجد وكثير من المؤسسات المالية المهمة· لذا تحولت الثقافة الخليجية إلى بيئة مهجنة تطغى عليها مفاهيم الإسلام الخليجي المتطرفة سواء في نظرتها للمرأة أو في علاقتها بالعالم الخارجي وما بينهما من مواقف متشددة تختلف فيما بين التيارات الدينية في الدرجة ليس إلا·
sanezi@taleea.com |