· المقدسي يفقد حقه في الإقامة إذا غاب لسبع سنوات أو حصل على جنسية دولة أخرى
· السلطات الإسرائيلية سحبت الهوية من 1336 شخصا من أبناء القدس عام 2006 فقط
يحيي الفلسطينيون في الخامس عشر من مايو كل عام، ذكرى النكبة التي فقدوا فيها معظم بلادهم لصالح الدولة العبرية الوليدة عام 1948· والمفارقة المرة بالنسبة للفلسطينيين أن "يوم القدس" في التقويم العبري لهذا العام، والذي تحتفل فيه إسرائيل "بإعادة توحيد" القدس بعد احتلالها مع الضفة الغربية (والجولان وسيناء)، يصادف اليوم التالي ليوم النكبة·
ويشعر سكان القدس الفلسطينيون الذين يبلغ عددهم أكثر من 245 ألف نسمة بالمزيد من المرارة· ففي العام الماضي، فقد 1336 شخصا منهم والذين ينحدرون من عائلات تعيش في المدينة منذ أجيال، فقدوا الحق في العيش فيها، وهو رقم يضاهي ستة أضعاف من فقدوا هذا الحق في العام الذي سبقه، وهو أعلى رقم يسجل في عام واحد، على الإطلاق·
لقد ظلت الديموغرافيا تشكل ساحة المعركة الرئيسية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، من أجل السيطرة على المدينة المقدسة من اتخاذ إسرائيل قرار ضم القدس الشرقية· لقد حاولت تشديد قبضتها على المدينة من خلال بناء المستوطنات غير الشرعية وفقا للقانون الدولي، حول الأحياء العربية· لقد دفع الخفض المنظم في تمويل الخدمات البلدية في الشطر العربي من المدينة، بالكثير من المقدسيين للانتقال إلى العيش في رام الله أو بيت لحم في الضفة الغربية· وبالرغم من ذلك، فإن اليهود لا يشكلون سوى 66 في المئة من سكان المدينة مقارنة بـ74 في المئة عام 67·
وأظهرت دراسة نشرت مؤخرا أن معدل المواليد عند الفلسطيني يساوي ضعفي المعدل عند اليهود·
مهاجرون
وفي هذه الأثناء، وجدت إسرائيل أسبابا مختلفة لإلغاء وضع "مواطن دائم" الممنوح لمعظم سكان القدس العرب بعد ضمها، والذي يمنح لصاحبه حق العمل والحصول على المنافع الاجتماعية والتصويت في الانتخابات المحلية، ولكن لا يؤهله للحصول على جواز سفر أو التصويت في الانتخابات العامة في إسرائيل، أو حتى البقاء فيها بشكل دائم· ففي عام 1995، بدأت إسرائيل بسحب هذا "الوضع" من الفلسطينيين الذين لم يثبتوا أن "مركز حياتهم" هو القدس· ولكنها توقفت عن هذا الإجراء لأنها وجدت أنه أدى إلى عودة الكثير من أبناء القدس إلى المدينة·
والآن، يفقد المقدسي وضعه هذا، إذا غاب في الخارج لأكثر من سبع سنوات أو إذا حصل على إقامة أو جنسية في دولة أخرى، وفي هذا فإن إسرائيل تعامل سكان القدس وكأنهم مهاجرون إليها، مع أنه في الواقع "فإن اسرائيل هي التي هاجرت إليهم" على حد تعبير المحامي في مركز HAMOKED الإسرائيلي للإستشارات القانونية، يوتام بن هيليل، وفي محاولة لتبرير ارتفاع عدد حالات إلغاء وضع "المواطنة" عن السكان العرب، كتبت وزارة الداخلية لمنظمة "بيت سيليم" لحقوق الإنسان BTSELEM تقول إن ذلك يعود إلى تشديد الوزارة إجراءات الرقابة على العمال والتي من أهمها إقامة "نقاط العبور الحدودية"
ومع ذلك، يمكن لأبناء القدس العرب، استعادة إقامتهم في المدينة إذا زاروها مرة واحدة على الأقل كل ثلاث سنوات· ولكن المشكلة أنهم أحيانا يفقدون هذا الحق بشكل تلقائي، وأحيانا دون أن يعلموا بذلك ومن ثم يتعين عليهم إثبات حقهم بالإقامة في القدس·
لقد بدأ الاسرائيلون في السنوات الأخيرة بإلغاء حق الإقامة لسكان القدس الذين حصلوا على الجنسية الأمريكية، وأخذوا يعاملونهم كأجانب يتعين عليهم الحصول على تأشيرة دخول إلى إسرائيل، بل إن مسؤولين في الحدود حذروا من أن مثل هؤلاء المقدسيين قد لا يمنحون تأشيرة لزيارة أقاربهم في المدينة·
استراتيجية من أجل البقاء
وكذلك، فإن سكان القدس الذين يعيشون في مناطق أخرى من الضفة الغربية قد يفقدون إقاماتهم في المدينة· وبما أن العبور من القدس إلى الضفة الغربية ليس موثقا، فإن بوسع السلطات الإسرائيلية إخضاع كل من تشتبه في أنه يعيش خارج المدينة إلى مجموعة من الاختبارات من وثائق رفع الضرائب لبلدية القدس إلى وتيرة التنقل إلى الضفة الغربية··· الخ·
وربما كانت لسكان القدس كلمة أقوى حيال مصيرهم لو لم تقرر غالبيتهم مقاطعة الانتخابات البلدية، ويعود إحجام سكان القدس العرب عن الانخراط في هذه الأنشطة- في جزء منه- كوسيلة للاحتجاج، أما الجزء الأخر، فهو أن الخوف من فقدان حق الإقامة يصوغ كافة أشكال الاتصال مع السلطات وجعل سكان القدس العرب "أكثر نزوعا نحو السلوك الفردي·· إنها إستراتيجية البقاء"، على حدل تعبير رامي نصر الله، رئيس مركز السلام والتعاون الذي يتخذ من المدينة المقدسة مقراً له·
عن: إيكونوميست