رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 28 مارس 2007
العدد 1767

بوش.. هل يصحح خطأ إيزنهاور في إيران أم يكرره؟

                                             

 

·         الدول الضعيفة وليس القوية هي الخطر الحقيقي على المصالح الغربية

·         الإيرانيون على قناعة الآن بأن أي نظام جديد سيكون أسوأ من الحالي

·         لولا انقلاب 1953 لكانت إيران اليوم ديمقراطية مزدهرة في الشرق الأوسط

 

بقلم ستيفن كينزر*:

يشكل نظام الملالي في طهران تحديا مباشرا للغرب، ويطالب البعض في واشنطن بإطاحة هذا النظام بالقوة، فهل من الصائب أن تفعل؟

إدارة بوش ليست أول من بحث مثل هذه المسألة· فالظروف التي تواجهها في إيران اليوم، هي أشبه بتلك التي واجهت إدارة إيزنهاور قبل أكثر من نصف قرن· إيزنهاور قرر التدخل آنذاك، وما زال العالم حتى الآن، يدفع ثمن خطأ حساباته·

ربما تؤدي الضربة العسكرية لإيران إلى نتائج شبيهة لنتائج تدخل وكالة المخابرات المركزية "سي· أي· إيه" عام 1953· فمثل هذه التدخلات ينظر إليها في البداية، على أنها ناجحة، ولكن كثيرا منها يفضي إلى خلق دول سلطوية أو شيوع الفوضى· ومن مستنقعات عدم الاستقرار هذه تولد الأخطار التي تضعف الأمن القومي للولايات المتحدة بشكل لم يتخيله أحد·

وليس هناك من نموذج أفضل من إيران في هذا السياق· ففي أوائل الخمسينات من القرن الماضي، قرر رئيس وزراء إيران محمد مصدق تأميم صناعة النفط، فاعتبرت الولايات المتحدة وبريطانيا ذلك عملا لا يغتفر وقررتا إسقاطه·

وتلقى ضابط "السي· أي· إيه" الذي نظم الانقلاب كيرميت روزفلت التهنئة لنجاح المهمة، لدى عودته إلى واشنطن، بل ونال ميدالية من الرئيس إيزنهاور في احتفال أقيم سرا في البيت الأبيض· ولكن من منظور تاريخي، لم يكن ذلك الانقلاب ناجحا· لقد أعاد الانقلاب الشاه محمد رضا بهلوي إلى السلطة وحكم البلاد بوحشية طوال 25 عاما· وقد أرسى نظامه القمعي الأسس لقيام الثورة الإسلامية في نهاية السبعينات، وهي الثورة التي جاءت بنظام الملالي المناهض للولايات المتحدة والذي عمل أحيانا بشكل عنيف لزعزعة المصالح الأمريكية والغربية حول العالم، إلى سدة الحكم·

 

مقامرة خطيرة

 

والآن، تواجه الولايات المتحدة أزمة مع إيران بسبب البرنامج النووي للأخيرة· فمثل هذه الأزمة ما كانت لتنشأ، ونظام الملالي ما كان ليتولى الحكم، لو رفعت الولايات المتحدة يدها عن إيران عام 1953· وربما كانت إيران الآن دولة ديمقراطية في قلب الشرق الأوسط الإسلامي، مع ما سيكون لمثل هذا الوضع من تأثير إيجابي على المنطقة بأسرها·

إن الدعوات الآن، لتدخل أمريكي جديد في إيران تتجاهل دروس التدخل السابق· فإسقاط نظام حكم بالقوة على أمل ظهور نظام أفضل يمثل مقامرة خطيرة·

ويدرك الإيرانيون ذلك جيدا· ففي السبعينات، نحّوا خلافاتهم جانبا وتوحدوا من أجل إسقاط الشاه· وكان الأساس لتوحدهم، الافتراض المشترك بأن أي نظام سيأتي خلفا للشاه سيكون أفضل· لكن الوضع لم يكن كذلك·

وتعلم الإيرانيون من خيبة أملهم المأساوية هذه درسا قاسيا وهو أنه مهما بلغ النظام الحالي من سوء، فإن الآتي سيكون أسوأ· أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإنه لا يوجد أسوأ من نظام مناهض لها ويحاول الحصول على السلاح النووي· ولكن إسقاط الحكومة أو خلق الاضطراب في إيران، قد يدخل المنطقة في حالة فوضى عارمة، وسيفتح الباب أمام المجموعات الأصولية للعمل بحرية ودون قيود·

هذا السيناريو سيجعل إيران أكثر خطورة مما هي الآن· فإذا تعرضت إلى هجوم أمريكي، قد تدخل البلاد في حالة من الفوضى قد تجعلنا نترحم على نظام الملالي·

 

مصالح مشتركة

 

وفي ظل بيئة أمنية متغيرة بشكل راديكالي للعالم المعاصر، فإن التعاطي مع إيران وغيرها من الدول التي تشكل تحديا للغرب، يتطلب رؤية استراتيجية جديدة· فالقوى العظمى تعمل دائما على حرمان خصومها من أن يصبحوا أقوياء· واليوم، فإن الدول القوية لم تعد هي العدو الحقيقي، حتى لو لم تكن تنتهج سياسات تعجب الغرب دائما· الدول الضعيفة تخلق حالة من عدم الاستقرار تلحق الضرر بالجميع، وخاصة بالولايات المتحدة الأمريكية·

وليس قدر الولايات المتحدة وإيران أن تكونا عدوتين لبعضهما· وفي الواقع، هناك مصالح استراتيجية مشتركة تجمعهما· ومن يدري ما الذي قد تسفر عنه مفاوضات مباشرة وغير مشروطة بينهما· ولكن ظلت الولايات المتحدة ترفض إجراء مثل هذه المفاوضات منذ أكثر من نصف قرن·

فلم يغفر الزعماء الأمريكيون للنظام الديني في طهران أعماله المناهضة للولايات المتحدة بدءا من إسقاط الشاه عام 79 وعملية خطف موظفي السفارة الأمريكية في طهران كرهائن· لكن يتعين على الأمريكيين التغلب على هذا الحاجز النفسي واستكشاف آفاق التوصل إلى "تسوية كبرى" مع إيران·

والخيار البديل ربما يكون التدخل العسكري ضد نظام الملالي· وهذا ما فعلته الولايات المتحدة ضد حكومة مصدق عام 1953· وكانت نتائجه كارثية· وإذا حدث وكررت الولايات المتحدة التدخل العنيف ضد إيران، فإن النتائج لن تكون بأفضل مما كانت قبل ما يربو على نصف قرن·

 *مؤلف كتاب: "قرن أمريكي من تغيير الأنظمة من هاواي إلى العراق"

"عن: بوسطن غلوب"

طباعة  

"لن نكرر خطأ غزو العراق ونكتفي بضربات جوية لإيران"!
ما أشبه الخطاب الأمريكي غداة غزو العراق بخطابه اليوم!!

 
الإسرائيليون مع حل الدولة الواحدة لا الدولتين.. وهذا هو الدليل