رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 28 مارس 2007
العدد 1767

"لن نكرر خطأ غزو العراق ونكتفي بضربات جوية لإيران"!
ما أشبه الخطاب الأمريكي غداة غزو العراق بخطابه اليوم!!

                                            

 

·        الأطباء والمهندسون يدفعون ثمن أخطائهم في أمريكا وليس السياسيين الذين يشنون حروباً كارثية

·         بيرل: لا يمكننا الانتظار حتى نمتلك كل الأدلة ضد إيران

 

بقلم: جدعون راتشمان:

هذه الدولة تطور أسلحة دمار شامل· وزعيمها هتلر جديد· ويرتبط بصلات مع الإرهابيين· والوقت يمر بسرعة· لقد فشلت سياسة الاحتواء· ويجب أن نوجه ضربتنا قبل فوات الآوان·

إذا كنت تعتقد أنك سمعت مثل هذا الكلام من قبل، فأنت محق في ذلك· فالجدليات التي تساق لتبرير شن الحرب على إيران هي ذاتها تقريباً التي سبقت لتبرير شن الحرب على العراق قبل خمس سنوات· كما أن الأشخاص الذين وقفوا وراء تلك الحملة هم أنفسهم ولم يتغيروا أيضاً· منهم جيمس وولسي الذي سبق أن شغل منصب مدير وكالة المخابرات المركزية يتحدث في مؤتمر عقد في إسرائيل مؤخراً، عن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وحديثه عن إزالة إسرائيل عن الخريطة قائلاً: "إن هتلر كان يعني ما يقول حين أراد استئصال اليهود· وعلينا ان نأخذ تصريحات أشخاص من أمثال نجاد على محمل الجد، فهم لا يكذبون"· وكان وولسي قد تحدث في إحدى محطات التلفزة الأمريكية في شهر يناير 2003 يقول إن "صدام حسين يبدو مثل هتلر قبل الحرب العالمية الثانية· إن حزب البعث هو في الواقع، حزب فاش ومعادٍ للسامية مثلها·· إنهم فاشيون"·

وها هو ملخص رسمي لبعض التصريحات التي صدرت في المؤتمر ذاته، عن ريتشارد بيرل، المسؤول السابق في البنتاغون: "إذا امتلكت إيران الأسلحة النووية فستكون قادرة على استخدام شبكاتها الإرهابية لإلحاق الضرر بالآخرين·· والمسألة مرتبطة بالتوقيت والمعلومات الاستخباراتية· ولا يمكننا الانتظار حتى نحصل على كل الأدلة"· ومرة أخرى، نجد تكراراً للموجة المفضلة ذاتها· وكان بيرل قد جادل في شهر فبراير 2003 خلال مقابلة تلفزيونية قائلاً: "دعونا نتفق على أن صدام يمتلك أسلحة الدمار الشامل وانه قادر على نقلها الى شبكة القاعدة·· هذا يعني أن هناك خطراً وأعتقد أنه وشيك"·

 

فشل الاحتواء

 

وفي الشهر الماضي فقط، جادل نيوت غينغريتش المرشح المحتمل للانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري للسباق على الرئاسة وعضو مجلس السياسة الدفاعية للبنتاغون، أنه "يجب أن يكون للولايات المتحدة هدف واضح يقضي بتغيير النظام في إيران لأنها الداعم الرئيس للإرهاب في العالم"· وعودة الى عام 2002، كتب غينغريتش يقول إن "السؤال يجب الا يكون ما إذا كنا سنطيح صدام أم لا، بل السؤال هو هل يتعين علينا الانتظار حتى يزود الإرهابيون بالأسلحة البيولوجية والكيماوية والنووية، أم لا؟"·

فالناس الذين يدفعون باتجاه مهاجمة إيران يزعمون أن سياسة الاحتواء قد فشلت· وسبق لهم أن قالوا الشيء ذاته عن العراق· فقد جادل وليام كريستول رئيس تحرير مجلة THE WEEKLY STANDARD لسان حال المحافظين الجدد، في عام 1997، أنه "بدلاً من احتواء صدام، وهي السياسة التي أثبتت فشلها، يجب أن تستهدف سياستنا الآن، إزاحته عن السلطة"·

وبعد تسع سنوات، يحث كريستول الآن، على توجيه ضربة للمنشآت الإيرانية، ويتساءل: "هل هناك من يعتقد أن بالإمكان احتواء إيران النووية؟"·

نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني كان واحداً من أشد المتحمسين لمهاجمة العراق، كما أنه من أبرز الصقور في التعامل مع إيران· ففي عام 2002 أبلغ مؤتمراً لقدامى المحاربين الأمريكيين أنه "ما من شك في أن صدام يمتلك الآن أسلحة دمار شامل" وربط بين الدكتاتور العراقي والإرهاب· وقد حذر مؤخراً من أن إيران النووية ستكون خطيرة على نحو استثنائي بسبب سجل هذا البلد في رعاية المنظمات الإرهابية"·

وبالطبع، فإنه إذا حدث أن كان أحدهم مخطئاً على نحو كارثي في الماضي، فلا يعني ذلك أنه سيكون مخطئاً - دائماً - في المستقبل·

والآن، فان الأدلة على أن إيران تعكف على تطوير أسلحة دمار شامل هي الآن أقوى من أي وقت مما كانت عليه بالنسبة للعراق· لقد كانت الرواية التي اختلقها كولين باول أمام الأمم المتحدة بشأن أسلحة صدام، مثيرة للحرج· وبالمقارنة، فإن إيران تمتلك برنامجاً نووياً نشطاً، فقد أوردت الأمم المتحدة للتو أن إيران تخطط لبناء منشأة كبرى لتخصيب اليورانيوم وأن هذه المنشأة ستكون جاهزة للعمل مع حلول شهر مايو المقبل· ومن هذا المنطلق، فإن التقديرات حول الفترة الزمنية التي يستغرقها بناء القنبلة النووية الإيرانية تتراوح ما بين ثمانية عشر شهراً وعشر سنوات!

ومن الواضح أن إيران، بدعمها "حزب الله" في لبنان و"حماس" في فلسطين، فإنها تثير المتاعب في الشرق الأوسط، بشكل أكثر فاعلية، مما فعل صدام خلال الفترة التي سبقت الغزو الأميركي للعراق في عام 2003·

 

ثمن باهظ

 

ويمكن للمطالبين بشن الحرب على إيران أن يشيروا أيضاً الى أن أحداً لا يدفع الآن، باتجاه شن هجوم بري شامل أو احتلال كامل لإيران· فالهجوم على إيران يستهدف فقط، تدمير منشآت إيران النووية باستخدام القوات الجوية، على الرغم من أن مثل هذه الحملة ستستغرق أسابيع عدة·

وقد يكون من السهل إقناع الناس بتوجيه هذه الضربة الجوية لإيران لو أمكن محو ذاكرة المأساة القائمة في العراق الآن· ولكن محو ذلك من الذاكرة ليس ممكناً أو مرغوباً فيه· فهناك دروس قيمة ينبغي استخلاصها من العراق، من أهمها أن الاستخبارات لا يمكن الركون الى صدقيتها دائماً· كما أن الحديث عن "هتلر الجديد" هي خدعة بالية ويجب منع استخدامها·

والعمليات العسكرية التي بدت بسيطة في البداية، كثيراً ما تتطور باتجاهات غير متوقعة· (إن حقيقة أن قوات أمريكية وأخرى حليفة منتشرة في العراق وأفغانستان تزيد من إمكانية التصعيد غير المتوقع)· وتدفع الولايات المتحدة وحلفاؤها ثمناً باهظاً من مصداقيتهم السياسية حول العالم، في كل مرة يلجأون فيها الى القوة، لا سيما إذا كان يتم استخدام هذه القوة في شكل ضربات استباقية·

والواقع أن لامبالاة للمحافظين الجدد وحلفائهم بالفشل في العراق، لا يعني أن بقية العالم يجب أن يتسامح إزاء ذلك· ففي النهاية، كان هؤلاء هم الذين طالبوا بالحكم عليهم بناء على نتائج الحرب في العراق·

ففي مقالة افتتاحية اتسمت بالصفاقة على نحو خاص، ورد في مجلة THE WEEKLY STANDARD عشية الحرب على العراق أن "الحرب بذاتها ستبرهن مَنْ كان على صواب ومَنْ كان على خطأ في ما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل"· حسناً، هذا ما فعلته الحرب بالفعل·

وهناك سجل واضح بالفشل على كل المستويات وبكل المقاييس، للمحافظين الجدد وكل الذين يتحالفون معهم· وفي كل المهن، فإن سجل الأخطاء يحسب ضدك·

فالمهندسون المعماريون الذين تنهار مبانيهم وجسورهم، والأطباء الذين يرتكبون الأخطاء بحق مرضاهم يتحملون تبعات ذلك· والقواعد ذاتها يجب أن تنطبق على الناس الذين يدفعون لشن حروب كارثية· والآن، ليس علينا سوى إلقاء نظرة على الناس الذين يطالبون بشن هجوم ضد إيران، ودراسة سجلاتهم، وأن نركض لمسافة ميل واحد على الأقل، في الاتجاه المعاكس!

"عن فايننشال تايمز"

طباعة  

الإسرائيليون مع حل الدولة الواحدة لا الدولتين.. وهذا هو الدليل
 
بوش.. هل يصحح خطأ إيزنهاور في إيران أم يكرره؟