لذة النص.. لذة القراءة
آدم يوسف
حين يذكر الناقد الفرنسي رولان بارت "1915-1982" فإنك تقع في حيرة من أمرك لا سيما إذا كنت مطلعاً على شيء من كتاباته "وشطحاته" الإبداعية والنقدية التي لا حدود لها، فالكتابة عند بارت التزام وانطلاق في ذات الوقت، وهو أكاديمي ولكنه أبعد ما يكون عن تزمت الأكاديميين وأصوليتهم البحثية والنقدية·
أفاد كثيرا من دينامية الصحافة وتجدد الحدث فيها، لم يكن مطمئنا لتنظيرات النقاد حول السيمولوجيا فصنع إشاراته الخاصة وانطلق بها، ليست الإشارة عنده كلمة في قصيدة أو رواية فقط، فالفضاء أمامنا أرحب وأكثر اتساعا، قرأ بارت السينما، وتأمل فن العمارة، وانطلق نحو السلوك الاجتماعي، وطارد الأزياء وتقليعاتها لقد جلب النص الشعري الى المسرح وقدم موازنة بين السلوك الاجتماعي وملامح الوجه، ولون البشرة وأنماط التفكير، فالحياة وكل ما فيها نص مفتوح وأفق إبداعي لا حدود له والإشارة أو العلامة تسبح متنقلة من فن الى آخر دون قيود أو شروط· حين أصدر كتابه "الكتابة بدرجة الصفر" احتار النقاد "المولعون بالتصنيف" في أي خانة يضعونه، فهو بنيوي ولكنه منقلب على البنيويين، وهو أسلوبي، وما بعد حداثي هكذا هو بارت لا يعبأ بما يقول الآخرون، يتبع حسه ووجدانه ونداءات عقله المتقد، شديد الذكاء والفطنة، النص عنده ليس كتابة جامدة وإنما هو لذة وجسد متحرك ونشوة واستمتاع·
يقول عمر أوكان متأملاً في كتاب "لذة النص": على الرغم من أن فكرة اللذة بحد ذاتها قديمة إلا أنها جديدة عند بارت من ناحيتين فهي تساوي بين لذة الكتابة ولذة القراءة وهي تعني أن الجمالية في الأدب تعني المتعة أيضا، ولعل من أطرف ما كتبه أن اللذة تكمن حتى في النصوص المرعبة مثل نصوص الجنون· وفكرة اللذة هي فكرة جنسية تتعلق بهذا الجسد المصنوع من العلاقات "الإيروسية" وهي علاقة تجمع بين جسد الكاتب وجسد القارئ·
اللذة ربما تكون فكرة مجردة وربما تكون دهشة أو انفعالاً أو انبهاراً وفي كل الأحوال فإن النص حمال أوجه وإشارات ودلالات·
فأين هم النقاد القادرون على الانطلاق وفك هذه الرموز والشفرات؟!
