أحيا الشاعر السوري محمود ياسين أمسية شعرية في رابطة الأدباء تضمنت عرضا ضوئيا لفيلم وثائقي عنوانه: "أوغاريت أول أبجدية وأول موسيقى في العالم"·

أدار الأمسية وقدم لها الكاتب عقيل يوسف عيدان وقد ألقى محمود ياسين مجموعة قصائد ذات مضامين مختلفة، فمن حديث عن الوطن وشجون الأمة العربية وأشجانها الى رقة العشق وتداعياته الوجدانية، وكذلك الطفولة وتلك المرحلة العمرية ذات الوقع الجميل وقد كانت أولى قصائده تحت عنوان "المبدع والكلمة" وهي قصيدة ذات صخب وإيقاع عال تستشف من خلالها الآمال الكبيرة التي يعقدها الشاعر على المبدعين وحالتهم في الحياة، حيث يقول:

إن لم تكن الكلمة طلقة

وتك الوثبة في أعماق المبدع حقه

فلتتنكس··

رايات المبدع والإبداع

في زمن باتت فيه مرفرفة رايات الأوجاع

فالشعر·· رسالة

واللحن·· رسالة

والغنوة من فم منشدها·· ألف رسالة

والفن المبدع ملتزما·· ألف رسالة

ويقول في قصيدة أخرى متعزلاً بالمرأة وسحرها:

وربما النساء في حياتنا··

تمر كالمغامرة

لكنما··

وحدك لست العابرة

لأنك يا حلوتي··

رائعة·· وآسرة

وهل تمر امرأة رائعة وآسرة

غزت فؤاد شاعر··

وألهبت مشاعره

تمر·· كالمغامرة؟

أوغاريت

وفي عرضه للفيلم الوثائقي "أوغاريت" أول أبجدية وأول موسيقى في العالم، أشار ياسين إلى موقع هذه الحضارة التي تقبع فوق تل "رأس الشمرة" المجاورة لمدينة اللاذقية موضحا أن هذه الحضارة لم تكن معروفة قبل عام 1928 إلا كقرية مثل باقي القرى السورية إلا أنه في مارس من العام نفسه لاحظ فلاح أن محراثه يصطدم بصخرة كبيرة وحينما اقتلعها الفلاحون لاحظوا وجود مدفن من الحجر في داخله كمية من الأواني الفخارية، ومن ثم أرسلت الحكومة الفرنسية التي كانت تستعمر سورية بعثة للتنقيب عن هذه الحضارة بقيادة البروفيسور كلود شيفر، وتوقف التنقيب في أوغاريت منذ العام 1939 الى ما بعد استقلال سورية عام 1947 فقد أنشأت مديرية خاصة بالآثار والمتاحف في سورية·

وأشار ياسين الى حضارة أوغاريت وطبقاتها الخمس، أي خمس حضارات متراكم بعضها فوق بعض وأن تاريخها يعود الى عصور ما قبل التاريخ وأن أبجدية اللغة الأوغاريتية التي حفظ رقمها الفخاري الذي لا يتجاوز حجمه أصبع السبابة في متحف دمشق، وأن العالم الأثري جورج بيرو قال: "إن ابتكار الألف باء كان حدثا مهما جداً فلا يمكن مقارنته بأي حدث في تاريخ البشرية"·

ويتحدث الفيلم عن وصف البروفيسورة يون لأوغاريت بقوله: لقد تناولت الحفريات هذه المدينة حتى طبقتها الأولى التي ظهرت من خلالها أهم آثار تلك الطبقة وهو القصر الملكي والذي يتميز بأنه مبني على مساحة ستة آلاف متر مربع له سبعة مداخل ذات أبواب وأعمدة وخمس باحات رئيسية، وقاعة كبرى لاستقبال الضيوف، ذات مقاعد حجرية وقسم خاص بالوثائق الكتابية·

وأوضح ياسين أن القصر مبني من الحجر المنحوت أما أرضيته فمرصوفة بالبلاط الحجري·

وأشار ياسين الى الموسيقى الأوغاريتية كأول موسيقى في العالم مدونة في التاريخ من خلال ما أكدته وأثبتته خبيرة الآثار البروفيسورة كيلمر عام 1974 أن معزوفتها "الموسيقى الأوغاراتية" التي تشتمل عليها تلك الأرقام الطينية المكتشفة في أوغاريت والتي يستغرق عزفها قرابة ثلاث دقائق تمتاز بنوع من الإيقاعات القصيرة والنوتات الموسيقية ذات الرتابة النسبية التي تشبه ترنيمات أطفال هذا العصر·

وتحدث ياسين قائلاً: وعن هذه الموسيقى التقينا في الفيلم التلفزيوني الذي كتب مادته العلمية وأخرجه عام 1995 بروفائيل فيتال البروفيسور في الرياضيات الذي حلل الرقم الذي تتضمنه النوتة الموسيقى الأوغاريتية المدونة على ذلك الرقم والأشبه شكلا بالرياضيات وقدم بحثه العلمي هذا الى المؤتمر الخمسين عام 1979 مؤكداً من خلاله أنه الى عام 1960 كان الاعتقاد سائدا أن السلم الموسيقي المعروف في العالم يعود الى فيثاغورث على أنه وضعه عام 570 ق-م إلا أنه باكتشاف الموسيقى الأوغاريتية بات مؤكدا أنها أصل الموسيقى  في العالم وأنها تسبق فيثاغورث بألف ومئتي سنة وتحمل السلم الموسيقي نفسه وبتفسير العلماء لما هو مكتوب في ذلك الرقم الموسيقي الأوغاريتي اكتشفوا أربع نوتات موسيقية وكنت آخر الباحثين كما يقول وقد تقدمت ببحثي الى المؤتمر الخمسين عن أوغاريت الذي عقد في أمريكا عام 1979 كما أشرنا فكانت هذه الموسيقى التي عزفها كروكر بنفسه في جامعة بيركلي وأعلن بعدها أن هذه الموسيقى الأوغاريتية تقوم على أساس السلم الموسيقي السباعي وهي موسيقى تصويرية لهذا الفيلم·

ثم تحدث الشاعر عن مكانة الملك في الحكم الأوغاريتي الفينيقي والتنظيم العصري والحياة الاقتصادية والدينية والآداب والفنون في هذه الحضارة بالإضافة الى أصل سكان أوغاريت·