رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 21 فبراير 2007
العدد 1763

واشنطن فشلت في تدويل غزو العراق فهل تنجح في ذلك عند الخروج؟

                                

 

·      الأزمة بحاجة الى هولبروك  واتفاق دايتون عراقي

·       "تحالف المتذمرين" قد يحل  محل تحالف الراغبين لإنقاذ المهمة الأمريكية

·         حلف الناتو "الموسع" قد يجرب أولى مهامه لما بعد الحرب الباردة في العراق

 

بقلم جاكوب ويسبيرغ

ما إن بدأت الولايات المتحدة تعترف بحجم هزيمتها في العراق حتى أخذ الصراع يبدو أشبه بنسخة مكررة من حرب فيتنام، فالمأساة التي استغرقت عشرين عاما لتتضح معالمها هناك، لم تستغرق سوى أربع سنوات في العراق، فمرة أخرى تحول تدخلنا الذي انطلق من دوافع مثالية، ومناوئة للدكتاتورية الى فوضى بسبب عمليات التضليل  التي مارستها الإدارة فضلا عن سوء فهمها للأوضاع وعجزها عن الحركة·

ومرة أخرى ثبت عدم صحة نظرية الدومينو، ومرة أخرى وجدت أمريكا نفسها تبحث عن سبيل للخروج لا يؤدي الى تفاقم الكارثة·

وكما في المراحل الأخيرة من الحرب الفيتامية تواجه الولايات المتحدة السؤال: إذا خسرنا الحرب فلماذا لا نزال هنا؟ إحدى الإجابات عن هذا السؤال هي أن هناك رجلا عنيدا يمسك بمقاليد السلطة في البيت الأبيض اسمه جورج بوش، فما زال هذا الرجل يصر على عدم الانسحاب "حتى استكمال المهمة" وهو قول يبدو أنه رديف للقول "حين تتجمد الجحيم"·

أما الإجابة الأفضل فهي أن الولايات المتحدة موجودة في العراق الآن، لمنع وقوع مجازر فبدون وجود قوات مسلحة تفصل بين الشيعة والسنة فإن العنف الراهن قد يحوّل العراق الى كمبوديا أخرى يكون فيها من تبقى من الديمقراطيين العلمانيين أولى الضحايا، وإن حدوث فراغ في السلطة قد يوفر قاعدة علمانية جديدة لشبكة القاعدة وقد يتصاعد العنف الطائفي لدرجة يتحول فيها الى حرب أهلية شاملة وربما الى صراع إقليمي واسع·

 

تحالف الراغبين

 

ولكن إذا أصبحت مهمتنا في العراق هي منع اتساع رقعة حمام الدم، فإن الولايات المتحدة تصبح أسوأ قوة احتلال يمكن تصورها على الإطلاق، إن وجود القوات الأمريكية في العراق بحد ذاته يؤدي الى تصاعد أعمال العنف، فالقوات الأمريكية  على العكس من معظم الجيوش الأوروبية ليست مدربة وتفتقر الى المهارات والخبرة للقيام بمهام حفظ السلام صحيح أن العراق ربما يكون بحاجة الى جيش أجنبي ولكن ليس الجيش الأمريكي·

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة·· من ذا الذي يرغب بإرسال قواته الى العراق الآن؟ فمن تبقى من "تحالف الراغبين" الذي شكله بوش ويضم البريطانيين والاستراليين والفيجيين هم أكثر توقا من الأمريكيين، للعودة الى بلادهم·

وقد أنهت الأمم المتحدة عملياتها في العراق بعد التفجير  الرهيب في مقرها في بغداد عام 2003 ولا تنتظر  أية دعوة للعودة·

وعلى الأرجح أن يثير أي طلب لمساعدة إضافية في العراق الآن ليس الرفض فحسب، بل صيحات الاستهجان والاستنكار·

ويستحق بوش كل ذلك وأكثر منه، ولكنه لم يستنفد كل قواه ولا تزال في يده بعض الأوراق، أما الدول الأخرى فيجب أن تكون لديها الدرجة ذاتها من القلق على حياة المدنيين في العراق كمافي رواندا ودارفور وحتى إذا لم ترغب معظم الدول في تقديم التضحيات على أسس إنسانية فلديها الكثير من المصالح التي تدفعها للمساعدة في الحيلولة دون انهيار العراق بصورة كاملة ليس أقلها الإرهاب واللاجئين والنفط·

ولأن العلاقات مع الولايات المتحدة لا تزال تكتسب الأهمية بالنسبة لكل دولة من دول العالم تقريبا، لا تزال واشنطن تتمتع ببعض الثقل الحقيقي·

فمن أين ستأتي القوات؟ ربما تكون من دول أوروبا "الجديدة" مثل بولندا التي ترغب في إظهار تعاونها والحصول على المال، وأما القوات الإسلامية فقد تأتي من الأردن وتركيا اللتين لهما مصلحة واضحة في منع حدوث أزمة لاجئين على حدودهما·

أما دول أوروبا الغربية فسوف تمانع في إرسال قوات الى العراق، ولكن قد تضطر للإسهام بقوات إذا واجهت عواقب العجز عن الفعل، بالنسبة لفرنسا والمانيا، فإن الصفقة سوف تشمل اعتراف الرئيس بوش ولو ضمنيا أن نهجه أحادي الجانب كان سيئاً وخاطئاً ويمكننا أن نسمي ذلك "تحالف المتذمرين"·

 

دايتون عراقي

 

وعلى ضوء العقبات أمام تحرك أجهزة الأمن والقيود المفروضة على قوات لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة يتم نشرها في العراق، فإن إيكال المهمة للأمم المتحدة لن يشكل بداية طيبة، على الرغم من أن بوسع المنظمة الدولية أن تلعب في نهاية الأمر، دوراً موسعاً عندما يهدأ الصراع وفي حالة استمر التصعيد في الصراع الطائفي فإن الخيار الحقيقي الوحيد هو الناتو، إن نشر قوات بقيادة الحلف في العراق، تفعل ما تفعله في العراق حيث تعمل قوات يزيد عددها عن 32 ألف جندي من إحدى عشرة دولة بالسيطرة على التمرد ودعم حكومة ضعيفة لكنها قابلة للحياة، وتمنع اندلاع حرب أهلية هناك·

وبالطبع هناك عقبات كبرى أمام تشكيل مثل هذه القوة، ولكن أية مهمة لإنقاذ العراق من الوضع المأساوي الراهن، ربما تكون ملائمة لتوسيع نطاق الحزب ولدوره في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، فهذا الدور الجديد يشمل مشاريع لحفظ السلام ومكافحة الإرهاب والتعاطي مع حالات عدم الاستقرار في الدول الفاشلة، فمع حالة الشلل التي تعيشها الولايات المتحدة بسبب الأخطاء التي ارتكبتها في الخارج، فإن الدور الجديد للناتو يصبح ضرورياً أكثر من أي وقت مضى·

وربما تكون هناك حاجة للاستعانة برجل حيوي يدعى ريتشارد هولبروك فتشكيل قوة لحفظ السلام في العراق والتفاوض حول قواعد الانخراط فيها سيكون عملا دبلوماسيا بطوليا، كما كان في البوسنة، والاتفاق بين دول الناتو على التدخل سوف يتطلب وجود تسوية شبيهة باتفاق دايتون الذي أشرف عليه هولبروك بين أطراف الصراع في البوسنة بين الأطراف الرئيسية في العراق يشمل قبولها جميعا بوقف عمليات القتل المتبادلة مقابل الحصول على مساعدات وضمانات أمنية دولية، لكن الطريق لا يزال طويلا، يبدو أن دبلوماسيا واقعيا من أمثال برينت سكوكروفت مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس جورج بوش "الأب" يؤىد مثل هذه الخطة "إن فشلنا في تدويل الأزمة العراقية لدى دخول الولايات المتحدة اليها، لا يعني أن الفشل حتمي في تدويلها لدى خروجنا منها"·

 

* رئيس تحرير موقع Slate.com

"عن: الفايننشال تايمز"

طباعة  

اتفاق مكة اثبت أن واشنطن لا تملك وحدها مفاتيح السلام
 
بانتظار الضوء الأخضر من واشنطن
اتفاق السلام مع سورية.. جاهز