رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 21 فبراير 2007
العدد 1763

بانتظار الضوء الأخضر من واشنطن
اتفاق السلام مع سورية.. جاهز

                                       

 

·         الاتفاق يتضمن انسحابا إسرائيليا من هضبة الجولان على مراحل وتطبيع العلاقات

·         بوش لا يريد فك العزلة عن نظام بشار الأسد

 

بقلم: مايكل أورين*:

تحفل الصحف الإسرائيلية هذه الأيام بالتقارير حول مفاوضات سرية والتوصل الى اتفاق سلام بين إسرائيل وسورية·· وعلى الرغم من نفي الحكومتين السورية والإسرائيلية إجراء مفاوضات سرية بينهما، إلا أن التجارب السابقة تظهر أن مثل هذا الرفض ربما يكون أول المؤشرات على صحة مثل هذه الشائعات·

وبالطبع ليس هناك جديد حول تفاصيل هذا الاتفاق الذي يتضمن انسحابا إسرائيليا على مراحل من هضبة الجولان والتطبيع الكامل للعلاقات بين البلدين، كما أن ذلك لا يمثل سابقة في إجراء مفاوضات سرية بين قادة عرب وإسرائيليين دون معرفة الولايات المتحدة·

لكن الجديد هذه المرة هو معارضة إدارة بوش الواضح لأي اتفاق سوري إسرائيلي وإمكانية أن تكون إسرائيل بسعيها لتحقيق السلام مع أحد جيرانها تجازف باندلاع أزمة في علاقاتها مع الولايات المتحدة·

لقد حدث أكثر من مرة أن أجرت إسرائيل مفاوضات سرية مع العرب دون إبلاغ البيت الأبيض ففي عام 1977 كان مندوبو رئيس الوزراء الإسرائيلي "آنذاك" مناحيم بيغن والرئيس المصري الراحل أنور السادات يعقدون اللقاءات بهدوء وأرسوا قواعد زيارة الأخير التاريخية للقدس وما أعقبها من مفاوضات وتوقيع اتفاق كامب ديفيد حين طلبوا انخراط الولايات المتحدة في المفاوضات ومساعدتهما في التوصل الى اتفاق السلام·

وفي عام 1993 عقد ممثلون عن إسرائيل ومنظمة التحرير سلسلة من المفاوضات التي توجت باتفاق أوسلو ثم الطلب من الرئيس بيل كلينتون رعاية توقيع الاتفاق في البيت الأبيض، وكذا فعل الأردنيون والإسرائيليون حين طلبوا رعاية واشنطن لاتفاق السلام بينهما عام 1994·

وفي عام 2005 قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرئيل شارون الانسحاب الأحادي الجانب من غزة وهي الخطوة التي نأت واشنطن بنفسها عنها إلا إذا كانت جزءا من خطة خارطة الطريق وكذلك تبادل الإسرائيليون والسوريون في الماضي، مقترحات السلام غير ذات مرة وأحيانا تحت رعاية أمريكية·

محور الشر

وحتى حين جرت المفاوضات السرية  بين رئيس الوزراء الليكودي بينيامين نتانياهو والرئيس حافظ الأسد في نهاية التسعينات باركت واشنطن هذه الخطوة باعتبارها بديلا للطريق المسدود الذي وصلت إليه المفاوضات على المسار الفلسطيني·

وكل ذلك كان قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر وقبل وضع سورية الى جانب إيران وكوريا الشمالية ضمن "محور الشر" فنظام البعث في دمشق الذي اعتبره الأمريكيون شريكا محتملا للسلام ذات يوم، أجمعوا ينظرون اليه كمصدر لزلزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، وأخذوا يصنفون سورية كدولة راعية للإرهاب وعدو لدود للولايات المتحدة·

واشتد العداء لدمشق بعد احتلال العراق واتهام سورية بمساعدة التمرد وإخفاء أسلحة غير تقليدية للعراق·

وأخيراً اتهمت واشنطن سورية بالتآمر لزعزعة الوضع اللبناني واغتيال الزعماء اللبنانيين المعارضين لها والعمل لخدمة المصالح الإيرانية في العالم العربي·

وآخر ما ترغب به واشنطن هو اتفاق سلام سوري- إسرائيلي يحول بشار الأسد من زعيم منبوذ الى صانع سلام الأمر الذي يعطيه المزيد من القوة لتهديد استقلال  لبنان ولكن بعض المسؤولين الإسرائيليين يرى مصلحة كبيرة لبلاده من السلام مع سورية كتوقف دمشق عن مساندة "حزب الله" و"حماس"·

والأهم من ذلك أن إسرائيل بإبعاد سورية عن المحور الإيراني ستكون قادرة على التعامل مع التهديد النووي الإيراني وربما بوسائل  عسكرية دون خوف من تحركات للقوات البرية أو الصواريخ السورية، ويرى الإسرائيليون أن التخلي عن مرتفعات الجولان هو ثمن مقبول تدفعه الدولة العبرية لتفادي  تعرض حدودها لهجمات بالأسلحة التقليدية والصواريخ البالستية·

ومن الممكن للخلاف بين إسرائيل والولايات المتحدة حول السلام مع سورية أن يثير أزمة شديدة بين البلدين هي الأولى من نوعها منذ تولي جورج بوش  الرئاسة ولكن الرئيس الذي يواجه معارضة من الحزب الديمقراطي في الكونغرس الذي يدعم السلام ومن بعض أعضاء حزبه الجمهوريين الذين يطالبون بدور أمريكي اكثر فاعلية في عملية السلام في الشرق الأوسط قد يجد من الصعب عليه معارضة اتفاق سلام إسرائيلي- سوري·

وربما لا يجد الرئيس بوش نفسه لاتخاذ موقف حيال هذا الموضوع في وقت قريب، لأن بشار الأسد بالرغم من كل أحاديثه عن النوايا الحسنة حتى الآن لم يعط إشارات لإسرائيل كتلك التي قدمها السادات كما أن بعض الإسرائيليين يوافقون الرئيس بوش  على ضرورة عدم مكافأة  سورية على دعمها للإرهاب وتدخلاتها في الشؤون اللبنانية·

ولكن إذا تمكن السوريون والإسرائيليون من بناء الثقة في ما بينهما ونضجت الظروف لتحقيق السلام، فإن التسوية بين البلدين تصبح ممكنة، وحينئذ يصبح الصدام حتميا بين الحليفين الوثيقين، الولايات المتحدة وإسرائيل·

 

* كبير الباحثين في مركز شاليم بالقدس ومؤلف كتاب: "القوة والإيمان والوهم: أمريكا في الشرق الأوسط من عام 1776 وحتى الآن"

"عن نيويورك تايمز"

طباعة  

اتفاق مكة اثبت أن واشنطن لا تملك وحدها مفاتيح السلام
 
واشنطن فشلت في تدويل غزو العراق فهل تنجح في ذلك عند الخروج؟