رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 20 ديسمبر 2006
العدد 1755

وزير سابق وأكاديمي منفتح على العصر وعلومه
ثروت عكاشة شخصية مهرجان القرين الثقافي الثالث عشر

                                        

 

·         السنعوسي: عرفناه منذ الستينات رجلاً متنوع الإبداع والفكر

 

كتب المحرر الثقافي:

كرّم المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب شخصية مهرجان القرين الثالث عشر الدكتور ثروت عكاشة في حفل بهيج حضره كوكبة من المسؤولين والإعلاميين والمهتمين بالشأن الثقافي·

يذكر أن الدكتور ثروت عكاشة واحد من الشخصيات العربية القلائل التي تحظى باحترام كبير على المستويين، الشعبي والرسمي، فهو قد قدّم للمكتبة العربية أكثر من خمسة وعشرين مؤلفاً في الثقافة والفكر، وقد ساهم في خدمة الثقافة من خلال توليه للمناصب الإدارية والدبلوماسية العديدة، لا سيما عند توليه وزارة الثقافة في مصر، فقد ساهم حينها في تبني مشاريع دعم وإنقاذ آثار النوبة، وتشييد القصور الثقافية ودار الأوبرا، وعشرات المؤسسات والمتاحف، والمعاهد والفرق الفنية المختلفة، ومن المناصب الإدارية، الهامة التي شغلها الدكتور عكاشة أنه كان عضواً في المجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو لأكثر من عشر سنوات، وشغل كذلك منصب نائب رئيس المؤتمر الدولي لوزراء الثقافة الذي عقد في البندقية عام 1970م· وهور باحث وأكاديمي منفتح على العصر، ومتقن للغتين الفرنسية والإنجليزية بطلاقة·

 

تنوع فكري

 

وفي كلمة عن الدكتور ثروت عكاشة قال وزير الإعلام السابق محمد السنعوسي:

من دون شك لقد أصاب المجلس الوطني في اختياره شخصية هذا العام وهو الدكتور ثروت عكاشة، ونحن جيل نعرف منذ بداية الستينات هذا الرجل الذي تمتع بتنوع فكري وإبداعي على مستوى الوطن العربي، بل تعدى ذلك الى العالم أجمع· المجلس الوطني وأنا على رأسهم فخورون باستقباله في الكويت وبتكريمه لأنه يستحق، متمنين في مهرجان القرين المزيد من الإعلاميين ورجال الفكر والثقافة في عالمنا وهذا شيء في الحقيقة نعتز به ونهنىء المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب على هذا النجاح·

 

تكريم المبدعين

 

وكان الأمين العام للمجلس الوطني بدر الرفاعي قد ألقى كلمة في بداية الاحتفال جاء فيها:

إنه لمن دواعي سعادتي أن أحييكم في هذه المناسبة الخيرة، وأن نكون معا هذه الليلة لنحيي واحدا من عمالقة الثقافة العربية ورائدا من روادها البارزين، الأستاذ الدكتور ثروت عكاشة، الذي نتشرف اليوم بالاحتفاء به كشخصية مكرمة لمهرجان القرين الثقافي الثالث عشر، التزاما بهذا التقليد الذي أصبح منذ سنوات يشكل ركنا أساسيا في المهرجان· وحسبنا في هذا أننا في الكويت نؤكد مواصلتنا الإسهام بإخلاص في تكريم مفكرينا ومبدعينا، ليس بالإشارة الى شخصياتهم وأدوارهم وتقديمهم للأجيال بصفتهم مشاعل استنارة وركائز لنهضة ثقافية عربية ما نزال نسعى طامحين الى تحقيقها·

 

في حضرة الثقافة

 

وقد ألقى مدير المهرجان الروائي طالب الرفاعي كلمة جاء فيها:

أن تكون في حضرة الفكر، وأن تكون في حضرة التراث، والثقافة، والفن، هذا وغيره كثير، يعني أن تكون في حضرة الدكتور ثروت عكاشة·· إن زمنا راكضا كزماننا الذي نحيا، وعصراً يوصف بأنه لم العالم في قرية صغيرة، وثورة معلومات تقوم على التفاصيل، كل هذا مجتمعاً يقول بصعوبة وجود الشخصية الموسوعية، وصعوبة القدرة على التوافر على علم وثقافة واسعتين في لحظة تاريخية حبلى بأحداثها المتلاحقة، لكن الدكتور ثروت عكاشة بإرادة واثقة، وبعزم لا يلين، وبرؤية إنسانية واستشراقية، استطاع أن يكون بحق موسوعة فكرية ثقافية فنية، لا تعتز بها أرض الكنانة وحدها، بل يحق لنا نحن العرب أجمع أن نعتز به، شخصية عربية قل مثيلها·

 

محاضرة في الثقافة

 

وبدوره ألقى المحتفى به د· ثروت عكاشة كلمة مطولة أشبه بالمحاضرة الأدبية جاء فيها:

كم أشعر بالغبطة إذ أجتمع الليلة بالصفوة المختارة من الساسة والأدباء والعلماء والفنانين ورجال الإعلام والأصدقاء الأعزاء الذين لبوا دعوة السيد الأستاذ الجليل بدر الرفاعي الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، معبرة عن سمو تقديرها لقيمة أهل الفكر والفن والثقافة والإعلام، كما يتجلى هذا التقدير أيضا في دقة اختياراتها ونزاهة أحكامها وتنوع مجالاتها، وترجمة هذا التقدير الذي تضعونه في ذروة القيم التي نعتز بها ونحتاج إليها· ولأن الوفاء هو أسمى ما تحمله النفس من عرفان وتواضع، أو هو بعبارة أخرى شكر جزيل تبادرون بتقديمه لكل من مد أمتنا بزيت قناديلها المنيرة في مسيرتها العلمية· شكرا سيدي الفاضل وشكرا للسادة الضيوف على تلبية الدعوة·

 

نهر الثقافة

 

وأضاف: الثقافة "أسلوب حياة" تصب فيه أنهار العلم والفلسفة والفن والأدب جميعا، وهي تجميع لهذه الأنهار وتجسيد لها في كل متماسك يعكس وجدان الفرد والأمة والبشرية جمعاء في مرآة الإنسانية، ومعنى هذا أن الثقافة علم وعمل معا ثم موقف واضح من هذا العلم وذلك العمل·

فليس يكفي أن يحصل المرء قدرا من الخبرات أو المعرفة - يزيد أو ينقص - لكي يسمى مثقفا، وإنما المثقف هو من يتخذ من خبراته ومعارفه وسيلة لتطهير نفسه وغيره، فيجعلها أسلوبا للحياة ينتهجه هو ويدعو غيره لانتهاجه·

في كلمات: المثقف عالم وقائد معا·· رجل أفعال الى جوار أنه رجل مبادئ كانت هذه دائما حال كبار المثقفين·

أخناتون، سقراط· عيسى بن مريم، محمد بن عبدالله، كلهم آمن بفكر وتبنى اتجاها، ثم سعى قدر طاقته الى أن يضع هذا الفكر موضع التنفيذ·

فالثقافة في هذا الضوء ليست رداءً يرتديه المرء أو ينفضه عن نفسه، وإنما هي دمه ولحمه معا، بل وتسيل الدماء من أجل الثقافة وحولها·

وما نشاهده اليوم من صدام مسلح بلغ ذروته الكئيبة بعد الحرب التي تشنها الدول الاستعمارية والكيان الصهيوني في الشرق الأوسط يعكس صداما بين عقليتين أو ثقافتين، تنادي أولاهما بسيادة الاستعمار ورأس المال المستغل وعنصرية الجنس·· على حين تُعلي الأخرى شأن الفكر الإنساني المتحرر وتدعو الى المساواة بين البشر ومثقف هذا العصر - شأنه شأن كل مثقف حق في كل عصر - لا يستطيع أن يتخذ من هذا الصراع الذي يدور حوله بين فكر متخلف وفكر خلاق موقفا محايدا أو لا مبالياً·

ولا هو قادر على أن ينجو بنفسه إلى أغوار الشك والتردد، فيقول مع هاملت حين واجهته ضرورة الانتقام والثأر للعدل والحق: "ليتني ما ولدت، ولا حُق عليّ أن أرد الحق الى نصابه"·

 

كسر الحواجز

 

واستطرد عكاشة قائلا: كوكبنا اليوم هذه الأرض التي عليها ولدنا وإليها نرتد، تصغر وتصغر وعلينا نحن أن نكبر ونكبر كي نواجه المشاكل التي يخلقها لنا إلغاء المسافات وكسر الحواجز والسدود بين الناس، فلم يعد ممكنا اليوم أن نقول: هذه حرب صغيرة في بلدنا لا ينبغي أن تهمنا، ولم يعد مأمونا أن نقول: نعيش اليوم وبعدنا الطوفان·

واقع الأمر أن كل حدث يحدث في بلد مهما نأى يتدخل في مصائرنا فرادى وجماعات·

التفجير الذي تحت الأرض أو عليها أو في طبقات الجو العليا لا يهددنا أجيالا عديدة هذا الجيل وحدنا، بل يهدد أجيالا عديدة·· بل·· قد يمحو بني الإنسان ويحل محلهم خلقا آخر·

والقنبلة التي ننجو - صدفة - من شرها اليوم قد يلقيها في غد طيار لا عقل له ولا ضمير، لأنه درب في إلغاء العقول والضمير معا·

واجبنا - نحن المثقفين أن نمتشق السيف والقلم معا· أن نبني بيد ونشهر السلاح بين ثانية، أن نمسك فرشاة الرسام وفرجار المهندس ومبضع الجراح وبندقية الجندي على التوالي، أو في وقت واحد كلما دعت الحاجة وأصبح الأمر جدا، كما قال الشاعر العربي القديم·

 

 

طباعة  

تحدث عن مجلتي "الكويت" والبعثة" ودورهما الريادي
الديين: المجلات الثقافية لها دور بارز في الإصلاح والتنوير

 
شعر