رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 20 ديسمبر 2006
العدد 1755

شعر

جَمْرُ الجَلِيد

 

                                      

 

صلاح الدين الغزال*

قَدْ جِئْتُ أَرْسِفُ بِالأَصْفَـادِ يَحْمِلُنِي

            بُؤْسِي وَقَدْ أَوْهَنَ الإِيصَـادُ أَنَّاتِي

فَلَـمْ أُلاَقِ لَـدَى الإِيمَـاضِ بَارِقَةً

            يَلُوحُ مِنْهَا بَصِيصٌ عِنْـدَ إِنْصَاتِي

عَلَى النَّحِيبِ بِجُـرْحٍ لَنْ أُضَمِّـدَهُ

            أَوْجَزْتُ بِالنَّزْفِ لِلحَـادِي حِكَايَاتِي

بَنَيْتُ عَرْشاً مِنَ الأَوْهَامِ مُخْتَرِقـاً

            جَمْرَ الجَلِيـدِ عَلَى أَشْـلاَءِ أَمْوَاتِي

وَجِزْتُ دَرْباً مَدَاهُ الخَوْفُ مُلْتَحِفـاً

            ثَوْبَ الهُمُومِ عَلَى نَعْشِ المُسَـاوَاةِ

فَرَرْتُ بِالجِلْدِ لَكِـنْ دُونَ شَـاهِدَةٍ

            مُذْ هَـيَّجَ الزَّجُّ باِلأَحْيَـاءِ آهَـاتِي

وَصِرْتُ فِيـهِ أَسِيّـاً أَقْتَفِي شَجَنِي

            مُحَطَّمَ النَّفْسِ مِنْ هَـوْلِ المُعَـانَاةِ

وَنِلْتُ بَعْدَ نَفَـادِ الصَّبْـرِ مُغْتَرِبـاً

            جَوَازَ عُسْرٍ بِهِ جُـبْتُ المَتَـاهَاتِ

أَضَعْتُ مَأْوَايَ عِنْدَ النَّبْشِ مُهْتَرِئـاً

            وَالجَدْبُ أَوْهَنَ قَبْلَ الدَّفْـنِ أَقْوَاتِي

فَصِرْتُ أَرْكُضُ بَعْدَ البَعْثِ مُقْتَحِمـاً

            ثَلْـجَ الجَحِيمِ لإِخْمَـادِ احْتِرَاقَاتِي

أَنَا الغَرِيقُ بِشِبْـرِ المَـاءِ مُعْتَكِفـاً

            عَلَى المَرَاثِي تَلُوكُ الغَـيْظَ مَأْسَاتِي

اللَـيْلُ يَعْلَـمُ أَنِّـي نَجْـلُ بَجْدَتِـهِ

            خُضْنَـا الدَّهَـالِيزَ مُذْ حَبْوِ البِدايَاتِ

عَلَى الكَفَـافِ أُقَاسِي دُونَمَا عَمَـلٍ

            أَرْعَى التَّعَطُّـلَ فِي قَفْـرِ المَنَاحَاتِ

بَحْرَ الأَكَاذِيبِ أَطْوِي لَيْسَ لِي أَمَلٌ

            أُسَامُ خَسْفـاً وَلَمْ يُعْـثَرْ عَلَى ذَاتِي

أَعُودُ مِنِّي إِلَى الإِرْهَـاقِ مُكْتَئِبـاً

            وَالدَّهْرُ يَعْـدُو وَرَائِي بِالمَشَقَّـاتِ

أَعِيشُ بِالبَيْـضِ فِي خُـمٍّ أَلُوذُ بِهِ

            بَعْدَ العَـرِينِ وَقَدْ شَاخَتْ دَجَاجَاتِي

كَدِيكِ جِنٍّ قَبِيحِ الصَّـوْتِ أُفْزِعُهُمْ

            فِي كُلِّ صُبْـحٍ وَمَا أَجْدَتْ نِدَاءَاتِي

لاَ طِفْـلَ يَهْتِفُ بِـي بَابَا فَيُطْرِبَنِي

            وَلاَ خَلِـيلَ أُنَـادِي فِي المُلِمَّـاتِ

وَصِرْتُ أَحْيَـا أَسِيرَ النَّحْسِ بَيْنَهُمُ

            لاَ دَمْعَ تَحْبُـو بِـهِ لِلبَـثِّ ثَارَاتِي

أَشْهَرْتُ سَيْفِي مُغِيراً بَعْدَمَا اكْتَهَلَتْ

            تَحْتِي الجِيَـادُ وَلَمْ تُغْفَرْ إِسَـاءَاتِي

عِشْرُونَ عَامَاً بِجُبِّ الضَّنْكِ مُنْتَظِراً

            بِأَنْ أُشَيَّعَ فِي إحْـدَى الجَنَـازَاتِ

كَمْ مِنْ هَجِـينٍ غَزِيرِ الرَّوْثِ أَمَّلَنِي

            عِنْدَ النِّـزَالِ وَلَمْ تُجْـدِ اسْتِغَاثَاتِي

وَكَمْ أَمِيـنٍ كَبِيرِ الكَـرْشِ عَاهَدَنِي

            بِأَنْ أُعَيَّـنَ فِي إِحْدَى القِطَاعَـاتِ

أَذْوِي وَقَدْ زَفَرَ الدَّيْجُورُ مُمْتَعِضـاً

            مُنْذُ اسْتَلَمْتُمْ مَلَفِّي فِي المَمَـرَّاتِ

مَا كُنْتُ أَحْسِبُ بِالخِـذْلاَنِ نُصْرَتَهُمْ

            مَنْ بَيَّتُوا النَّكْثَ لِي عِنْدَ المُـلاَقَاةِ

فَإِنْ نَسِيتُـمْ فِإنِّـي لَـنْ أُذَكِّـرَكُمْ

            تَذْكِيرَ مُنْتَكِسٍ مِـنْ دُونِ رَايَـاتِ

وَلَـمْ أَلُمْكُـمْ لأَنَّ المَـاءَ مَقْـدِمُهُ

            يُلْغِي التَّيَمُّـمَ رَغْمـاً عَنْ حَمَاقَاتِي

وَذَاكَ صَوْتِي لَعَـلَّ الأَرْضَ تَرْفَعُهُ

            عَنِّي إِلى اللهِ فِي أَعْلَى السَّمَـاوَاتِ

إِلَيْكَ أَشْكُو هُطُولَ الجَدْبِ فِي عَدَنٍ

            وَطُولَ نَحْبِي عَلَى بَـابِ المُحَابَـاةِ

فَجُدْ عَلَـيَّ بِبَعْضِ الغَيْـثِ يَنْشُلُنِي

            مِمَّا أُلاَقِي لَـدَى طَـيِّ المَفَـازَاتِ

حَتَّى أُزِيلَ فُلُولَ النَّـزْفِ عَنْ بَدَنِي

            مِنْ بعْدِمَا نَكَـأَ الآسِـي جِرَاحَاتِي

وَمَنْ سِوَاهُ إِذَا مَا اللَـيْلُ دَاهَمَنَـا

            أَرْدَاهُ بِالصُّبْحِ وَاجْتَثَّ الأَسَى العَاتِي

* شاعر وكاتب ليبي

طباعة  

تحدث عن مجلتي "الكويت" والبعثة" ودورهما الريادي
الديين: المجلات الثقافية لها دور بارز في الإصلاح والتنوير

 
وزير سابق وأكاديمي منفتح على العصر وعلومه
ثروت عكاشة شخصية مهرجان القرين الثقافي الثالث عشر